مع قفزة النفط في نهاية عام 2009 .. كيف سيتحرك المضاربون عام 2010؟
ختام العام الماضي وسعر البرميل مرتفع قرابة 80 في المائة أثار سؤالين ستتركز عليهما الأنظار من قبل المتعاملين هذا الأسبوع والأسابيع المقبلة: أولهما كيف سيكون الحال خلال العام مع هذه البداية السعرية القوية والدور الذي يمكن أن يقوم به المتعاملون خاصة المضاربين للحفاظ على هذا المعدل السعري العالي والاستمرار في تحقيق الأرباح؟ أما السؤال الثاني فيتصل بالأول من جهة إذا كان للسحب من المخزونات مؤشر مستقر إلى نمو في الطلب، أم أن الأمر لا يتعدى التحركات الموسمية العادية، التي تنعكس سعريا في ارتفاع معهود في مثل هذا الوقت من العام كما هي العادة؟
فيوم الخميس الماضي وهو آخر يوم عمل وتداول قبل عطلة نهاية العام وصل سعر البرميل من خام ويست تكساس الأمريكي الخفيف الحلو إلى 80 دولارا في بعض جلسات التعامل رغم أنه استقر عند 79.36 دولار للبرميل بالنسبة لشحنات شباط (فبراير)، محققا بذلك نسبة زيادة بلغت نحو 80 في المائة خلال العام، وذلك مقارنة بما كان عليه السعر في نهاية كانون الأول (ديسمبر) من عام 2008، حيث بلغ المتوسط لكل العام 62 دولارا للبرميل. وتعتبر هذه المكاسب السعرية الأعلى منذ عقد من الزمان، أي منذ مؤتمر جاكرتا الذي تدهورت فيه الأسعار بسبب الأزمة المالية الآسيوية وتراجع سعر البرميل إلى نحو عشرة دولارات قبل أن يبدأ مرحلة الصعود مرة ثانية.
وأدت موجة البرد التي ضربت الولايات المتحدة وأوروبا إلى السحب من المخزون، الذي تراجع بأكثر من عشرة ملايين برميل بعد أن كان قد وصل إلى أعلى معدل له منذ أيار (مايو) 1990. ونتج عن هذا الوضع ردة فعل انعكست بصورة مباشرة على سعر البرميل، بل وعلى سعر التجزئة الذي حقق تصاعدا لفترة ستة أيام على التوالي.
ووفقا للتقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن المخزون من الخام تراجع بنحو المليون ونصف المليون برميل إلى 326 مليونا، كما تراجع المخزون من البنزين بنحو 300 ألف إلى 216 مليون برميل. أما نواتج المقطرات التي تضم في لائحتها زيت التدفئة الذي يزيد الطلب في مثل هذا الوقت من العام فقد تراجعت بنحو المليون برميل إلى 159.3 مليون. واردات الولايات المتحدة من النفط الخام سجلت زيادة بنحو 320 ألف برميل يوميا إلى ثمانية ملايين، كما أن المصافي أصبحت تعمل بنسبة 80.3 في المائة من طاقتها وتنتج 13.9 مليون برميل يوميا، علما أن الواردات من الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) تراجعت بنحو المليون برميل يوميا مما كانت عليه قبل عام، وذلك رغم أن إنتاج المنظمة ارتفع خلال الشهر الماضي إلى 28.96 مليون برميل يوميا، بزيادة 65 ألفا مما كان عليه في تشرين الثاني (نوفمبر).
وإلى جانب موجة البرد، فإن الأرقام الطيبة التي وردت عن وزارة العمل مشيرة إلى تراجع في معدلات البطالة وانخفاضها إلى أقل مستوى لها في غضون فترة 17 شهرا، تعطي مؤشرا أقوى عن حالة الانتعاش الاقتصادي التي بدأت تنتظم في الدول المستهلكة الرئيسية عموما. وسيكون هذا العامل الرئيس في نمو الطلب أو استقراره، إضافة إلى البروز التدريجي للعامل الجيوسياسي خاصة المواجهة المتوقعة بين الغرب وإيران المتعلقة ببرنامج الأخيرة النووي واحتمالات تطور تلك المواجهة وبكل ما لذلك من انعكاسات نفطية.
ويرى بنك باركليز في نشرة له أن هذا العام سيشكل مرحلة انتقالية بين الهموم الخاصة بوضع الطلب كما كان عليه الوضع في العام الماضي، وتلك التي ستتعلق بالإمدادات التي ستبرز بصورة جلية خلال العام الجاري.