الشكوك تبعد شركات النفط العالمية عن التنقيب في جنوب السودان

الشكوك تبعد شركات النفط العالمية عن التنقيب في جنوب السودان

بعد مرور عام على إقرار السلام في جنوب السودان كان المأمول أن يبدأ التنقيب عن احتياطيات النفط الضخمة التي حال أكثر من عقدين من الحرب دون استغلالها، ولكن من المستبعد أن تتهافت شركات النفط العملاقة المتعطشة لموارد جديدة للطاقة على استغلالها في الوقت الحالي.
ويحرص الجنوب على استخراج مزيد من الخام لبناء المنطقة التي تحتاج إلى كل شيء من الطرق إلى دورات المياه مدفوعا باتفاق السلام الذي أنهى أطول صراع في إفريقيا، وينص على اقتسام إيرادات النفط بين الشمال والجنوب.
وفي مؤتمر عقد في نيروبي في الآونة الأخيرة قيل للمستثمرين إن هناك ما بين 3 و12 مليار برميل من النفط غير المستغل أسفل المستنقعات وغابات السافانا في الجنوب.
ولا يزال العمل في السودان يمثل مخاطرة لشركات النفط الغربية رغم انخراط شركات صينية وماليزية وهندية في أنشطة هناك.
ويقول خبراء إن التهديد بفرض عقوبات على السودان بسبب الصراع في
منطقة دارفور الغربية والشكوك السياسية وعدم خبرة اللجنة الرقابية التي
تشرف على عقود النفط الجديدة تبعد المستثمرين.
وقال مسؤول كيني بارز من شركة نفط عالمية شارك في المؤتمر "ما زلت أرى أنها مخاطرة كبيرة حتى مع كل التطمينات". وتابع "لم يتضح مع من سنتعامل وإلى أي مدى ستكون الاتفاقيات ملزمة. لا يمكننا العمل في مناخ الرؤية فيه غير واضحة".
وينتج السودان حاليا نحو 500 ألف برميل من النفط الخام يوميا من الحقول الجنوبية بصفة أساسية، ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج بواقع 150 ألف برميل يوميا هذا العام.
وأفضل مثال على الشكوك التي تكتنف قطاع النفط المتنامي في الجنوب الخلاف بين شركة وايت نايل البريطانية للتنقيب عن النفط وشركة النفط الفرنسية العملاقة توتال.
فبعد قليل من إبرام اتفاق السلام منحت الحركة الشعبية لتحرير السودان
- التي تمثل المتمردين السابقين في الجنوب وتشكل حكومة الجنوب حاليا - شركة وايت نايل حقوق التنقيب في منطقة الامتياز (بي. إيه). ولكن المنطقة البالغة مساحتها 67 ألف كيلومتر مربع جزء من منطقة
منحتها الخرطوم لتوتال في صفقة أبرمت في عام 1980 وجددت العام الماضي.
ومما يزيد من تعقيد الأمور حقيقة وجود لجنة البترول الوطنية الجديدة التي
تشرف على عقود النفط وتقرها. ولكن لم تتضح سلطتها على عقود سابقة مثل عقد توتال، كما لم يعدل بعد قانون الاحتياطي النفطي الذي يعطي الخرطوم وحدها حق منح امتيازات التنقيب. ويخشى مستثمرون أن يتكرر الخلاف بين "وايت نايل" و"توتال" إذا لم تتضح الأمور.
وقال ألبينو أكول وزير الصناعة والتعدين في حكومة جنوب السودان
ومقرها جوبا "نأمل في التوصل إلى حل ودي. ينبغي ألا يفزع هذا الخلاف المستثمرين في أرجاء العالم".
ويتساءل المستثمرون عن مصير الاتفاقيات التي تبرم خلال الفترة الانتقالية
ومدتها ستة أعوام، وعما إذا كانت ستحترم إذا قرر الجنوب الانفصال في نهايتها.
وتتعلق المخاطرة الأخرى باحتمال تكثيف الضغوط الأمريكية لإرغام الخرطوم على وقف العنف في دارفور. وفرضت واشنطن عقوبات اقتصادية على السودان في عام 1997 وضغطت مرارا كي تفرض الأمم المتحدة عقوبات على قطاع النفط. ويقول مسؤولون نفطيون اعتادوا العمل بغض النظر عن الأجواء السياسية إن جنوب السودان أرض خصبة.
وقال مسؤول نفطي أجنبي يسعى لإبرام عقود أخرى "أكثر ما يهمنا استقرار الحكومة في الجنوب والعلاقات بين جوبا والخرطوم ولكن جميع هذه المخاطر موضوعة في الاعتبار".

الأكثر قراءة