تقارير: الاقتصاديات العالمية والخليجية تتعافى .. ونقطة الضعف النظام المصرفي

تقارير: الاقتصاديات العالمية والخليجية تتعافى .. ونقطة الضعف النظام المصرفي

أجمعت عدة تقارير دولية صدرت عشية السنة الميلادية الجديدة على وجود مؤشرات متزايدة على تعافي الاقتصاد العالمي، مما يعزز الآمال بتحوله نحو أداء إيجابي خلال عام 2010.
وقال المعهد الألماني أيفو، إن هناك تحسنا واضحا في مناخ الاقتصاد العالمي خلال الربع الرابع من عام 2009، وذلك للربع الثالث على التوالي، حيث ارتفع مؤشر المناخ الاقتصادي العالمي من 78.7 نقطة خلال الربع الثالث إلى 90.4 نقطة خلال الربع الرابع من عام 2009. وقاد هذا التحسن تقدم مؤشرات جميع المناطق الاقتصادية الرئيسة، إلا أن أكبرها كان مؤشر آسيا الذي ارتفع من 94.4 نقطة إلى 107.4 نقطة، في حين ارتفع مؤشر أمريكا الشمالية من 83 نقطة إلى 90.1 نقطة ومؤشر أوروبا من 65.7 نقطة على 76.8 نقطة. وأوضح المؤشر أن التحسن الآسيوي الكبير كان منقادا بالتحسن في الاقتصادات البرازيلية والهندية والصينية بشكل خاص.
وفي الوقت نفسه أشار معهد التمويل الدولي إلى أن معظم الدول عادت للنمو الإيجابي خلال الربع الثالث من العام الجاري، بينما يتوقع أن تعود جميعها تقريبا للنمو الإيجابي خلال الربع الرابع من العام الجاري. وتوافق التقرير مع رؤية معهد أيفو بأن الدول الآسيوية تقود التحسن في الوقت الحاضر.
وحول معدلات التضخم، قال تقرير معهد أيفو إنها ستراوح في حدود 2.5 في المائة منخفضة عن التوقعات السابقة لها والبالغة 5.4 في المائة. كما سترتفع أسعار الفائدة القصيرة الأجل خلال الأشهر الستة المقبلة وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من عام.
من جانبه، يقول معهد التمويل الدولي إنه يبدو أن الاقتصاد العالمي الذي وصل إلى شفير الهاوية مطلع العام، دخل في مرحلة النقاهة بفضل التدخلات القوية للسلطات العامة، لكنه ما زال منهكا إلى حد كبير بسبب أسوأ أزمة يجتازها الكوكب منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
فإجمالي الناتج الداخلي للولايات المتحدة تراجع في الفصل الأول من العام بنسبة 6.4 في المائة وفق الوتيرة السنوية. وكان الاقتصاد الأول في العالم يلغي نحو 700 ألف وظيفة كل شهر. وخلال الفترة نفسها، سجلت منطقة اليورو أسوأ انكماش لنشاطها في تاريخها الفتي، مع تراجع بنسبة 2.5 في المائة لإجمالي ناتجها الداخلي، ما يوازي نحو 10 في المائة بالوتيرة السنوية. وفي اليابان تدهور الاقتصاد بنسبة 14.2 في المائة.
لكن الاقتصاد الأمريكي عاد ليسجل نموا في الفصل الثالث مع ارتفاع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 2.8 في المائة (بالوتيرة السنوية) بعد أربعة فصول من التراجع. وفي اليابان بلغ معدل النمو 1.3 في المائة خلال الفترة عينها. وشهدت منطقة اليورو أيضا تحسنا لإجمالي ناتجها الداخلي لكن بشكل أكثر اعتدالا (+0.3 في المائة). أما الصين التي سجلت تباطؤا في نشاطها (لم يصل إلى درجة الانكماش) وتبنت تدابير جمة لإنعاش الاقتصاد، شهدت نموا كبيرا بنسبة 8.9 في المائة بين تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر).
ويتوقع المعهد الآن نموا عالميا بنسبة 3.1 في المائة في 2010، بعد تراجع بنسبة 1.1 في المائة هذا العام، أي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. وقال إن الاقتصاد العالمي ينشط مجددا مستمدا قوته من الأداء القوي للاقتصادات الآسيوية والاستقرار أو الانتعاش المتوسط في المناطق الأخرى.
وكانت توقعات لصندوق النقد الدولي تشير إلى انكماش اقتصاد العالم بمعدل 4. 1 في المائة العام الحالي، ثم نموه بمعدل 5. 2 في المائة العام المقبل. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أنه على مدى الأعوام الأربعة التي تبدأ من نهاية 2010 فإن النمو العالمي من المتوقع أن يتجاوز قليلا 4 في المائة في المتوسط سنويا وذلك أقل من معدلات نمو بلغت 5 في المائة في المتوسط قبل اندلاع الأزمة المالية.
من جهتها، تقول نشرة ''التمويل والتنمية'' لشهر كانون الأول (ديسمبر) التي يصدرها صندوق النقد الدولي أنه فيما يخص النظام المالي العالمي يبدو أنه أكثر هشاشة مقارنة بالوضع الاقتصادي، وأشارت إلى أن القطاعات المالية في مختلف أنحاء العالم تشهد حالة من الاستقرار في الوقت الذي خفضت فيها توقعاتها بشأن خسائر البنوك لأول مرة منذ انهيار أسواق المال في خريف العام الماضي. بيد أنها حذرت من الشعور ''بالرضا''، وحثت الحكومات على استمرار التدخل غير المسبوق في الشركات المالية حتى يتم التأكد من تعافي الاقتصاد العالمي تماما.
كما أوضحت النشرة أن البنوك في حاجة في فترة استقرارها إلى المزيد من رأس المال لإنعاش عمليات الإقراض. وخفض الصندوق توقعاته بشأن الأصول المشطوبة في القطاع المصرفي في العالم من أربعة تريليونات دولار في نيسان (إبريل) الماضي إلى 4. 3 تريليون دولار فقط الآن. وأرجع الصندوق خفض توقعاته بشأن الأصول المشطوبة إلى ارتفاع أسعار الأوراق المالية المدعومة بقروض عقارية والتي كانت السبب الرئيس للأزمة المالية العالمية.
وفيما يخص دول المنطقة، قال التقرير إنه اعتمادا على الاحتياطات الكبيرة التي تجمعت قبل الأزمة، تحركت الحكومات لمواجهة الأزمة بانتهاج سياسات توسعية على مستوى المالية العامة وتوفير دعم السيولة لقطاعاتها المالية، ما أسهم في احتواء تأثير الأزمة في الاقتصاد ككل. وساعدت هذه السياسات كذلك في الحفاظ على مستويات الواردات المرتفعة نسبيا أثناء الأزمة، مما أسهم بدوره في التخفيف من حدة الهبوط الاقتصادي العالمي. وترتب على ذلك انخفاض فائض الحساب الجاري في هذه البلدان بنحو 350 مليار دولار.
ومع ارتفاع أسعار النفط وعودة الانتعاش المنتظر في الطلب العالمي، يتوقع أن ترتفع الإيرادات النفطية فتسمح للبلدان المصدرة للنفط بإعادة بناء أرصدة احتياطاتها الدولية بأكثر من 100 مليار دولار عام 2010، ما يسهم في وضع الأساس اللازم للحفاظ على مستوى الإنفاق العام. ومع التوقعات بزيادة حصة مجلس التعاون الخليجي من الواردات العالمية من 2.7 في المائة في عام 2008 إلى 3.2 في المائة في عامي 2009 و2010، يتوقع أن يظل إسهام المنطقة في الطلب العالمي قويا.
وبينما لم تكن معظم البنوك في المنطقة معرضة لمخاطر الأصول السامية، إلا أنها تضررت من انهيار أسواق الأصول المحلية وسحب الأرصدة بالنقد الأجنبي. غير أن اتخاذ الإجراءات الفورية والقوية على مستوى السياسات أدى إلى احتواء هذه التداعيات.
وقد كشفت الأزمة عن بعض أوجه القصور في القطاع المالي في المنطقة، أبرزها ضعف نظم إدارة المخاطر والإفراط في الرفع المالي للمؤسسات، وفي المرحلة المقبلة ستظل التدابير الرامية إلى تقوية التنظيم والرقابة الماليين - والتي يجري استحداثهما في بعض البلدان بالفعل- عنصرا بالغ الأهمية. وستكون مواصلة الإنفاق العام على البنية التحتية والتنمية الاجتماعية عنصرا أساسيا للمساعدة على تحقيق إمكانات هذه الاقتصادات، وسيتعين على الحكومات أيضا الشروع في وضع استراتيجيات لسحب دعم السيولة الاستثنائي الذي قدمته أثناء الأزمة لتخفيف حدة آثارها.
وستظل أولويات الأجل المتوسط تتضمن تطوير الأسواق المالية- بما يشمله من تنويع في النظام يتجاوز حدود النظام المالي القائم على البنوك- وكذلك جهود تحسين مناخ الأعمال بغية دعم التنوع في النشاط الاقتصادي وإيجاد فرص العمل.

الأكثر قراءة