المال الحرام وباء وشر في العاجل والآجل

المال الحرام وباء وشر في العاجل والآجل

أوضح الشيخ إبراهيم الزبيدي إمام جامع حي الأندلس في الرياض, أن أهمية الفقه للتاجر كفلها الإسلام انطلاقا من قوله تعالى "أحل الله البيع وحرم الربا" وما فيه ضرر وأذية للناس فقال تعالى: "وأحل البيع وحرم الربا"، كما أنه تعالى أمر بالسعي في الأرض للتجارة فقال: "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله"، قال كثير من المفسرين المقصود بالابتغاء من فضل الله هو التجارة، قال القاضي: يستحب إذا وجد الخير في قوم التجارة أن يلزمه، وإن قصد إلى جهة من التجارة فلم يقسم له فيه رزق عدل إلى غيرها لما روي عن أبي الدنيا عن موسى بن عقبة أن رسول الله, صلى الله عليه وسلم, قال: "إذا رزق أحدكم في الوجه من التجارة فليلزمه" (الآداب الشرعية ج 3 ص287).
وأبان أن المطلوب من التاجر أن يكون فقيهاً، خاصة فيما يتعلق بالتجارة حتى لا يقع في الربا الحرام وهو لا يشعر, فقد روى رفاعة أنه خرج مع النبي, صلى الله عليه وسلم, على المصلى فرأى الناس يتبايعون, فقال: يا معشر التجار.. فرفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من بر وصدق" رواه الترمذي وصححه، وفي رواية: "التجار هم الفجار إلا من بر وصدق"، وذلك لأن البيع والشراء مظنة للفجور لكثرة ما يجري فيه من الأيمان الكاذبة ولما يقع فيه من الغبن والتدليس ولما يدخلها من الربا الذي لا يخشاه كثير من التجار بل لا يشعرون به ولا يفطنون لمواضعه لدقة علمه ولطف مسلكه، قال أبو هريرة: "من لم يكن فقيهاً يفتي ويستفتى ارتطم في الربا شاء أم أبى".
قيل للحسن أيصلى خلف الصيرفي؟ فقال: ذلك الفاسق، وليس المراد من هذا أن كل تاجر بعينه فاجر ولا أن التجارة فجور ولكن هذه الصفة لما كثر وجودها في التجار أضيفت إلى جميعهم وصارت سمة لعامتهم، كما روى أبو الدرداء أن النبي, صلى الله عليه وسلم, قال: "الزرع أمانة والتجارة فاجر"، فجعل الفجور في التجارة لأنها مظنة الفجور لذا جاء الوعيد الشديد لمن يأكلون أموال الناس بالباطل أو الرباء وأنهم من أشد الناس عذاباً كذا الكذب والفجور في بيع السلع فتوعدهم الله بألا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
وقال إن الفقه للتجار مهم في طلب المال الحلال، روى البخاري أن النبي, صلى الله عليه وسلم, قال: "من سمّع سمّع الله به يوم القيامة ومن يشاقق يشاقق الله عليه، فقالوا: أوصنا فقال: إن أول ما ينتن من الإنسان بطنه، فمن استطاع منكم ألا يأكل إلا طيباً فليفعل".
وبالفقه من التجار نعرف نضرة المال الحرام وفوائد المال الحلال فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
من أهمية الفقه للتجار أن نعلم الأجر العظيم للتاجر الصدوق الأمين، فقد روى الترمذي بسند حسن من حديث أبي سعيد أن النبي, صلى الله عليه وسلم, قال: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء"، وأن المال سبب عظيم من أسباب دخول الجنة وأن الصدقة تطفئ الخطيئة وتذهب غضب الرب وتقي مصارع السوء،
كما أن التاجر الفقيه في أجر ويعلم أنه مأجور على ما يفعل فيكون عابداً لله بذلك يستشعر التيسر على الناس طالباً رضا ربه تعالى فقد بشر رسول الله الميسرين على المعسرين بقوله: "من يسّر على معسر أظله الله في ظله يوم القيامة" رواه مسلم. ودعا رسول الله بالرحمة لأصحاب السماحة في البيع والشراء والتقاضي فقال: "رحم الله امرءا سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا قضى سمحاً إذا اقتضى"، وأخبر أن من يسّر على معسر يسّر الله عليه يوم القيامة فلنتفقه في ديننا ونعرف رزق الحلال من الحرام في بيعنا وشرائنا فإن ذلك من أسباب سعادتنا فإن المال الحرام شر ووباء في العاجل والآجل فهو سبب لغضب الرب ومحق البركة ومنع إجابة الدعاء وحصول النكبات والويلات، والحلال سبب لرضا الرب تعالى وإصابة الدعاء وبركة العمر والأموال والأولاد.

الأكثر قراءة