طريق الخروج من أزمة المال.. التحذيرات والتبعات والإصلاحات
أعادت الأزمة المالية العالمية الأخيرة تشكيل العالم لسنوات قادمة. وهناك بعض الآثار الرئيسية المرحب بها لهذه الأزمة مثل: إحياء مدخرات الأسر المعيشية، ونهاية نمذجة المخاطر، واستمرار الدولار كعملة احتياطية رائدة. لكن بعضها الآخر ينذر بمزيد من المتاعب في المستقبل، وعلى الأخص، انفجار الدين العام وتسارع التركيز المالي.
كما يقول الخبير الاقتصادي هنري كوفمان: ليس هناك حل سريع للأزمة، حيث تعاني توقعات الملاءة المالية، والأرباح، والنمو أشد المعاناة، ومن المتوقع أن يؤثر الانهيار الذي بدأ في عام 2007 في سلوك المستثمرين لسنوات قادمة.
يحتاج القادة السياسيون إلى إدراك ضرورة التحرك بجرأة مع الثقة بأن الاقتصاد القائم على السوق لا يتعرض للتقويض. نحن بحاجة إلى مجموعة جديدة من القواعد والأنظمة بحيث تتمكن المؤسسات المالية من تحقيق التوازن بين مبادرات رجال الأعمال والمسؤوليات الائتمانية.
في هذا الكتاب، يقدم كوفمان سردا محكما لتاريخ وآثار الأسواق المالية فيما بعد الحرب العالمية الثانية على الاقتصاد، ويتناول ما حدث، وكيف وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم، وما يتعين علينا القيام به.
مستغلا خبرته ومعرفته الواسعة، يكشف كوفمان اللثام عن الأخطاء التي أوصلتنا إلى هذه الكارثة، والعواقب التي لم تتحقق بشكلها الكامل بعد، وكيف يمكننا أن نعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح. يعيد مؤلف الكتاب ما أطلقه من قبل وتم تجاهله من تحذيرات مبكرة بشأن تضخم ديون الشركات، والديون الشخصية، والاتجاه من تنويع القطاعات المالية إلى تركيزها، وأوجه القصور في الرقابة المالية.
كما يقترح الكتاب إنشاء نوع جديد من المؤسسات الرقابة التنظيمية تقتصر مهمتها على الإشراف على أكبر المؤسسات المالية في الولايات المتحدة، ويؤكد أن الإشراف الرسمي المكثف سيساعد على تقوية التكتلات المالية للحد من احتمالات فشلها، وهو بهذا يخالف الاتجاه الذي كان سائدا تماما قبل الأزمة المالية والقائم على الحد من دور الحكومات وتدخلها في الاقتصاد بدعوى تحرير الأسواق.
كما يرى المؤلف أنه نظرا للطبيعة العالمية الدقيقة المتداخلة للأسواق المالية اليوم، ينبغي تلقى النظم الاقتصادية الرئيسية الأخرى في جميع أنحاء العالم تشجيعا قويا على إقامة سلطات رقابية مماثلة.
في الأزمات المالية في العقود التي تلت الحرب، كان كل من الاقتصاد والأسواق المالية يشهدان انتعاشا سريعا. وللأسف، ما زال الانتعاش أمرا بعيد الاحتمال هذه المرة، ولكن ربما يساعد هذا الكتاب على توضيح مسار التحرك في الاتجاه الصحيح.
يستعرض الكتاب تآكل التصنيفات الائتمانية لديون الشركات في أواخر الثمانينيات والزيادة السريعة في تركيز المؤسسات المالية، ويناقش المعتقدات الخاطئة في النماذج التي تعتمد على البيانات التاريخية ولكنها لا تضع في الاعتبار التغيرات الهيكلية للأسواق المالية والاقتصادية.