التصويت على عملة الخليج

لست مع الأسلوب ولا الحديث الدائر في الأوساط الرسمية حول تسمية عملة الاتحاد النقدي الخليجي، والتي تتم بصورة سرية وغامضة لا نعرف سببا لها، رغم أن معظم الاقتصاديين والمراقبين المحليين والعالميين يتوقع لهذه العملة مستقبلا باهرا في سوق العملات العالمية وهي تصدر عن ثاني أكبر اتحاد نقدي في العالم بعد الاتحاد الأوروبي وستكون عملة رسمية لأكبر الدول المصدرة للنفط في العالم.
إن الحديث عن المفاضلة بين أسماء دارجة كالدينار والدرهم أو الريال لإطلاقه على أول عملة مشتركة في تاريخ العرب والمنطقة، خطأ استراتيجي تاريخي وغير منطقي علينا تجنبه إن كنا نريد لهذه العملة الجديدة أن تجد لها موطئ قدم في المراتب الأولى بين عملات العالم التي بدأ بينها أخيرا صراع محموم لتقاسم عرش الدولار «المترنح» ولعل اليورو الذي لم يتجاوز عمره عمر أحد أطفالنا واليوان الصيني خير مثال.
إن العجز عن استحداث اسم جديد يحمل بصمات وتاريخ منطقة عريقة وذات حضارة تليدة كمنطقة الخليج، للتعبير عن ماضيها الجميل ومستقبلها الواعد ..إشارة ضعف لا نريد إرسالها للعالم ونحن نختار عملة مشتركة لاتحاد نقدي خليجي طال انتظاره.
لا أعلم لماذا لا يكون هناك استفتاء أو مشاركة شعبية من قبل سكان الخليج لاختيار الاسم الجديد «لعملتهم الحلم» فالتاريخ العربي واللغة العربية من أغنى لغات العالم حتى ماليا..ثم إن أسماء من مثيل «كرم» وهي صفة عربية نبيلة أو «خليج».. أسماء جيدة يمكن بحثها، ولدي يقين أن هناك العشرات إن لم يكن المئات من الأسماء التي يمكن استخدامها اسما للعملة الفتية.
ولعلي هنا أذكر الطامحين بإبقاء الأسماء القديمة كالدينار أو الريال أو الدرهم بأن تلك الأسماء ليست عربية في الأصل.. فأصل كلمة «دينار» هو «ديناريوس» denarius من روما القديمة، وهي قطعة نقدية من الفضة استخدمت في نظام العملات منذ عام 211 قبل الميلاد، فيما يعود أصل كلمة درهم إلى اليونانية وأصلها «دراخمة»..أما بالنسبة لكلمة ريال فأصلها إسبانية ومعناها «ملكي» وكان الريال يطلق على البيزو الإسباني.
وقد استعمله العرب منذ القرن السابع عشر.. وبقية العملات الدارجة في العالمين العربي والإسلامي على هذا النحو المستورد من أوروبا فكلمة الفلس أصلها يوناني «فوليس»، أما كلمة القرش فهي ألمانية وأصلها «غروشن».
ما أريد قوله ونريده أن يكون هذا الاسم خفيفا في النطق قويا في المعنى معبرا عن القوة الاقتصادية والنفطية لهذه المنطقة وعن تاريخ الخليج اجتماعيا وأواصر الترابط فيما بين شعوب دول مجلس التعاون..ثم كيف يمكن لنا أن نطلق اسما متاحا منذ قرون كالدينار على عملة ستحمل قيمة مختلفة وصورا وشعارات جديدة وستظهر في قرن جديد بل وفي فرصة مواتية جديدة وهي التغيرات الحادثة على صعيد العالم اقتصاديا بعد الأزمة الاقتصادية العالمية التي أفرزت مجموعة العشرين.. وغيرت من موازين القوى الاقتصادية في العالم ولعل وجود المملكة ضمن هذه المجموعة سيكون إحدى قنوات العملة نحو العالمية.
بالمختصر لدينا قناعات وطموحات أن تصبح هذه العملة في المستقبل عملة عالمية لها وزنها في كل مكان.. بل إن الطموح أن تكون عملة تعامل خارج نطاق الاتحاد كما هو حال اليورو اليوم.. لذلك نريد أن يكون لإطلاقها واسمها وشكلها معنى تاريخي يتخذ من الجدة (أي جديد) عنوانا له.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي