المشي على الحبل: الحياة المالية غير المستقرة للعائلات الأمريكية
منذ القرن السابع عشر، علم المهاجرون إلى العالم الجديد، كما كان يطلق على الولايات المتحدة آنذاك، أنهم في حاجة إلى ترسيخ قيم التعاون فيما بينهم إذا ما رغبوا في البقاء على قيد الحياة. وكانت هذه القيم من أهم الركائز التي قام عليها المجتمع الأمريكي منذ بداياته الأولى. وعلى الرغم من أن هذا المجتمع أنتج أفرادا في غاية الثراء إلى أنه كان يركز على إتاحة الفرص والازدهار للجميع.
للأسف، تغيرت هذه الفلسفة في العقود القليلة الماضية. والآن، يؤكد على الإنجاز الفردي، ويعاني كثير من الأسر لأن "مجتمع الملكية" قوض شبكات الأمان الاجتماعي التقليدية، فالعمال في الولايات المتحدة في الوقت الحاضر هم أقل أمنا من حيث الوظائف، والدخل، والمنازل، والصحة.يوضح الكتاب أنه في الوقت الحالي لا يستمتع سوى عدد قليل من الأفراد بمزايا السلطة والثروة في أمريكا، ومعظم الناس يعيشون حياة اقتصادية صعبة لا تتفق مع المعنى التقليدي لكون المرء أمريكيا.
في أواخر الستينيات من القرن الماضي، أثناء فترات الازدهار الاقتصادي، كانت الشركات الكبيرة الغنية تعد عمالها بتقديم المعاشات والرعاية الصحية. ومع ذلك، عندما فشلت بعض الشركات الكبيرة وفقد الآلاف من العمال معاشاتهم التقاعدية، أقر الكونجرس قانون أمن الدخل التقاعدي للموظفين لسنة 1974. أنشأ القانون مؤسسة ضمان المعاشات التقاعدية لمنع الشركات من غش عمالها في معاشاتهم التقاعدية.
كان لهذا القانون عواقب غير مقصودة. كان الكونجرس يهدف لأن يكون القانون حماية ضد الكوارث، ولكنه يحدد عملية واضحة يمكن للشركات استخدامها للتخلص من التزامات التقاعد المكلفة وإلقائها لتقع على كاهل الحكومة.
والآن فقد كثير من الناس أجزاء كبيرة من مدخرات تقاعدهم الشخصية بسبب إفلاس الشركات، وإهمال المديرين التنفيذيين والمخالفات الإدارية الجسيمة. كما يستخدم كثير من مديري الشركات نفوذهم للحد من التزاماتهم بالنسبة للعمال وقطع الرعاية الصحية عن المرضى بأمراض خطيرة. ولسوء الحظ، لا يستطيع من يتعرضون للأزمات تحدي الشركات الكبرى.وبالنظر إلى القول المأثور إنه يمكن الحكم على المجتمع من الطريقة التي يعامل بها أضعف أعضاءه فإن وضع المسنين والمرضى وتعرضهم للخطر يجب أن يدق ناقوس الخطر في المجتمع الأمريكي. في الفترة من السبعينيات إلى التسعينيات، شهدت ثروات الأسر الأمريكية نموا كبيرا ولكن مع بداية الألفية الثالثة، تباطأت معدلات نموها.
كانت فكرة الحلم الأمريكي تتضمن قضاء المواطن حياته المهنية بأكملها في شركة واحدة والحصول على معاش تقاعدي مجز. إلا أن العقود الأخيرة شهدت ظهورا للشركات واختفاءها عبر عمليات بيع الشركات ودمجها.
يرى عديد من الاقتصاديين أن هذه الحركة تعد تطورا إيجابيا، حيث إن التكنولوجيات المبتكرة ومزيدا من الرساميل وتوفير فرص عمل جديدة يوفر كثيرا من الفاعلية والثروة. إلا أن هذه الأنواع من التغيرات تتسبب في كثير من التقلبات في حياة العمال والموظفين.