قطاع النفط العراقي على حافة الهاوية بسبب الفساد والمصالح الشخصية
دفع الفساد المستشري والفوضى السياسية قطاع النفط العراقي إلى حافة الانهيار وقد يدفع الخبرات المطلوبة لإنقاذه إلى الفرار من البلاد.
فبعد ثلاث سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق انخفضت صادرات البلاد من النفط إلى نحو نصف مستواها في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين.
والفنيون المتخصصون الذين تلقوا تعليمهم في الغرب وأقاموا أهم قطاع في العراق وأداروه يشعرون باليأس بعد أن فشل التغيير السريع للعاملين في وزارة النفط والشركة الحكومية لتسويقه في إحكام السلطة عليهما.
وقال مسؤول تنفيذي عراقي "الأمور بلغت الآن أسوأ حال على الإطلاق. هناك حد لا يمكننا احتماله." وأضاف أن العديد من المخضرمين في قطاع النفط يتفقون معه في الرأي.
فتجارة منتجات تكرير النفط يشوبها الفساد والمهربون يستغلون الفجوة الكبيرة بين الأسعار العراقية والأسعار الدولية. وأوضح مسؤول طلب ألا ينشر اسمه "طلب منا أن نتقاضى رشا" لكنه قال إنه رفض ذلك.
ولم تتأثر تجارة الخام نسبيا حتى الآن، غير أن الصادرات تضررت بشدة بسبب العمليات التخريبية، المشكلات الفنية، وسوء الإدارة. وبيّن شامخي فراج المدير العام للتسويق والاقتصاد في وزارة النفط أن "البلد مدمر الآن. هؤلاء الساسة يعملون لتحقيق مصالح شخصية." وفي ظل فراغ السلطة في وزارة النفط التي شهدت ثلاثة وزراء في ثلاث سنوات يتعين أن يكون دور شركة تسويق النفط العراقية "سومو" هو ضمان استمرارية العمل لكن "سومو" تعاني كذلك من تراخي الإدارة.
وتتردد شائعات عن تغيير وشيك آخر في القيادة بعد تعيين فلاح العامري هذا الشهر ليصبح خامس رئيس للشركة منذ الحرب.
وافتقار قطاع النفط للقيادة جزء من سياق أشمل لافتقار الدولة إلى حكومة بعد أن فشلت المفاوضات المطولة حتى الآن في تحديد من يتولى السلطة.
ويقول المسؤولون العراقيون إن عدد العاملين في "سومو" زاد إلى ثلاثة أمثاله، لكن أغلب المعينين الجدد ليست لديهم خبرة تذكر في القطاع الذي يعد العمود الفقري للعراق الذي تضم أراضيه ثالث أكبر احتياطيات نفطية في العالم.
ووصل الأمر إلى حد قول بعض المحللين إنه يمكن الاستغناء عن "سومو" التي قامت بدور وساطة مهم وقت تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء الموقع مع الأمم المتحدة في عهد صدام.
وذكر يحيى سيد الخبير في شؤون العراق في كلية لندن للاقتصاد أنه ليس من الواضح حقيقة لماذا يحتاج العراق إلى "سومو؟ لماذا يحتاجون إلى مفاوض خاص للأسواق؟ إنه نوع من الوساطة بين المنتجين ووزارة المالية.
ومع استمرار الصراع في تشتيت القيادات العليا في القطاع يشعر المواطن العراقي العادي الذي وعد بنصيب من خيرات البلاد بالحنين إلى أيام صدام.
وقال فراج "الشعب يشعر بخيبة أمل شديدة، يقول الكثيرون الآن إنهم كانوا أفضل حالا في عهد صدام."
وحتى في ظل العقوبات الدولية التي شلت اقتصاد البلاد في عهد صدام، كانت الدولة تتمكن من تصدير نحو مليوني برميل يوميا من النفط مقارنة بنحو 1.5 مليون حاليا ونحو مليون في كانون الثاني (يناير) الماضي.
وأبان مسؤول عراقي آخر يعمل منذ عقود في قطاع النفط "في عهد صدام كانت هناك أوامر وليس اقتراحات فيما يتعلق بسير الأمور." وفي ظل الوضع السيئ السائد في العراق لا تملك شركات النفط الدولية إلا تحمل الانتظار والمسؤولون العراقيون الأكثر تفاؤلا يقولون إن الاستثمارات المطلوبة بشدة لإعادة إعمار العراق ستأتي في نهاية الأمر.
وقال طارق شفيق أحد الأعضاء المؤسسين لشركة النفط الوطنية العراقية عام 1964 "بالتأكيد هناك غياب كامل للقيادة. وأضاف "لكني مازلت آمل أن يعيد العراق بناء نفسه والسير في الاتجاه الصحيح."
وفي الوقت الراهن ستواصل شركات النفط العالمية شراء كميات محدودة من الخام العراقي المتاح على الأقل بسبب رخصه النسبي.