رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


اقتصاديات دين عظيم ومفاهيمنا الخاطئة

جاء الدين الإسلامي كنظام للحياة مكتملا من جميع النواحي سواء كان ذلك الشأن سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو غيرها. ولذا حين تتأمل في كثير من تفاصيل أنظمته بلا شك تدرك عمقا ومنطقية تظهر للراسخين في العلم ليصفوها للعامة بلغة يفهمونها ويجحدها منكرون وقد استيقنتها أنفسهم بحجة عدم فهم تلك المنطقية وهم في النهاية - أي الجاحدون - لن يؤمنوا حتى لو وجدت تلك المنطقية فقد زاغت قلوبهم والعياذ بالله. وتجد في هذه الشريعة الإسلامية على الطرف الآخر مَن يحمّل الأمور ما لا تحتمل في تبرير لكثير من الأشياء وهم لا يدركون أن الدين وأنظمته ونواهيه وأوامره قد يخفى تبريرها لسبب قد لا نعرفه ولكنه الامتحان لابن آدم ليرى ربنا - عز وجل - مَن يؤمن ومَن يكفر. وما يهمنا في هذه الأسطر هو بعض الإضاءات في الأبعاد الاقتصادية في الدين الإسلامي. لقد جاء مثلما هو معلوم هذا الدين بكمال متزن في نظمه الاقتصادية سواء في الاقتصاديات البحتة لأمور الحياة والأموال أو حتى في العبادات. وبحكم أننا نعيش هذه الأيام فترة الحج والذي أسأل الله - عز وجل - أن يقبل من الحجيج حجهم ويجنبهم ما يكدر صفو مناجاتهم لربهم فحري أن نلمح إلى واحد من تلك الأعماق والأبعاد الاقتصادية لهذا الدين حتى في العبادات. فعلى الرغم من كون الحج الركن الخامس للدين إلا أنه وضع شروطا اقتصادية لكي يقوم المسلم بذلك الركن وهو الاستطاعة. والاستطاعة هنا لا تعني البدنية فقط، بل الاقتصادية حتى أنه لا يجوز للحاج أن يقوم بفريضة الحج إذا كان عليه دين ما لم يستأذن. فسداد الدين أولى من الصرف على رحلة العمر لبيت الله!! انظر إلى هذا البُعد والعمق الاقتصادي العظيم. إنه والله ليس دينا فقط يغلب العبادات والقيام بها، بل نظام متكامل ينظر إلى كل بُعد في كل شأن حتى في العبادات.
الغريب في الأمر أننا في عدد من الأمور لم نفهم مثل هذه الأبعاد العميقة وانعكاساتها. ومن باب التمثيل على مثل هذه المفاهيم الخاطئة والتي أراها في كوننا لا نعي أبعاد ديننا وعمقه هو بذل الأموال في برامج المساعدات على الزواج مثلا. إنها بلا شك عمل خيري لكننا نخلق عبئا اقتصاديا أكبر على رب الأسرة في كونه لا يستطيع الصرف على نفسه ومن سيعول. فالأولى - في نظري - وقد أكون مخطئا، أن يوجد عملا أو مصدر كسب ثم يتزوج. إنه حين جاء المهاجرون، رضوان الله عليهم، وقدموا إلى المدينة لم يجعلوا الزواج أولويات أمورهم الحياتية، بل بدأوا في التكوين الاقتصادي الذاتي وما قصة من طلب منهم أن يدلوه على السوق إلا أنموذج واضح لما قصدته.
إن الدين الحنيف مرة أخرى دين عظيم أكمله ربنا - عز وجل - ولكننا لا نعي أعماقه، بل نأخذ بما هو ظاهر لفهم العامة دون تدبر في تقصير منا بلا شك وإلا فالإسلام دين البشرية الكامل والصالح لحياتها بكل نظمها إلى أن تقوم الساعة. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد وكل عام وأحبتي بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي