ربط العملة الخليجية يعود للأضواء: الكويت تلمح إلى سلة عملات
عاد الحديث مرة أخرى عن ربط العملة الخليجية الموحدة المزمع إطلاقها بسلة عملات بدلا من العملة الأمريكية، على الرغم من التصريحات السابقة التي أكدت من خلالها دول مجلس التعاون مرارا اتفاقها بالربط بالدولار حتى قيام الاتحاد النقدي، خصوصا في ظل التطورات التي ضربت أسواق المال والائتمان العالمية أخيرا، وظهور مؤشرات تفيد بتأثير ذلك في العملة الأمريكية (عملة الربط) وانخفاض سعرها.
وقال مسؤول في الحكومة الكويتية أمس إن دول الخليج ستبحث خيار ربط عملتها الموحدة المزمعة بسلة عملات بدلا من الدولار الأمريكي. ويأتي هذا في وقت توقع فيه مسؤولون في مجلس التعاون ربط العملة الموحدة بالدولار، على الرغم من أن قطر شككت في جدوى ربط عملتها الريال بالدولار خلال الشهور الماضية، إذ تراجعت العملة الأمريكية لأقل مستوى في 15 شهرا مقابل عملات رئيسة.
وأبلغ الشيخ محمد السالم الصباح وزير الخارجية الكويتي، أمس مجلس الأمة بأنه ليس من الضروري ربط عملة مجلس التعاون الخليجي بعملة معينة. وقال إن الربط قد يكون بعملة واحدة أو سلة عملات، وأن الدول الخليجية ستبحث هذا الأمر.
وأرجأ مجلس الأمة أمس التصويت على وثيقة الوحدة النقدية الخليجية إلى الثامن من كانون الأول (ديسمبر)، إذ يحتاج أعضاء المجلس إلى مزيد من الوقت لتقييم النتائج الاقتصادية المترتبة على المشروع. ومعلوم أنه باستثناء الكويت، التي فكت ربط عملتها بالدولار لصالح سلة عملات عام 2007، تربط الدول الثلاث الأخرى التي انضمت للوحدة النقدية وهي السعودية وقطر والبحرين عملاتها بالدولار.
من جانبه، أبلغ مصطفى الشمالي وزير المالية الكويتي جلسة مجلس الأمة بأن العملة الخليجية الموحدة لن تطبق في القريب العاجل، مضيفا أن المسألة تحتاج إلى ما يكفي من الوقت.
وفي السياق ذاته، توقع النائب البحريني جاسم علي أن تصادق بلاده على وثيقة مشروع العملة الخليجية الموحدة الأسبوع المقبل، بعد أن أقر مجلس النواب المشروع أمس. وقال «الآن بعد تصديق نواب المجلس سيحال المشروع إلى مجلس الشورى المرجح أن يصدق عليه بحلول يوم الإثنين أو قبل ذلك في جلسة استثنائية»، لافتا إلى أن البحرين تحاول إنهاء العملية قبل قمة قادة دول مجلس التعاون المقبلة في الكويت».
ولم يصادق على الوحدة النقدية سوى السعودية، وبذلك يتبقى الكويت والبحرين وقطر التي من المفترض تقرها قبل نهاية هذا العام لتكون الوحدة سارية مطلع كانون الثاني (يناير) 2010، علما أن عمان اعتذرت عن دخول الوحدة منذ بداية المشروع فيما انسحبت الإمارات في أيار (مايو) الماضي. لكن أنباء سرت خلال الأسابيع الماضية تشير إلى مداولات خليجية تستهدف إعادت أبو ظبي إلى مشروع الوحدة النقدية باعتبارها تمثل ربع الكتلة النقدية المستهدفة.
وحول قيام الاتحاد النقدي الخليجي، أكدوا خبراء اقتصاديون بأنه لا يمكن قيام الاتحاد قبل توحيد جهة ربط العملات الخليجية وأن تعود الكويت للربط بالدولار أو أن تقوم بقية دول المجلس بالربط بسلة العملات نفسها التي ترتبط العملة الكويتية بها وإعادة توازن عملات دول المجلس.
وقال الخبراء إن الاتجاه العام للدولار هو الانخفاض نظرا لعوامل عدة في الاقتصاد العالمي، فضلا عن وضع الاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي، إذ تدل هذه المؤشرات على ذلك، حتى وإن حصلت بعض الارتفاعات الوقتية في الأجل القصير، متوقعين أن يكون سعر الدولار الذي سيستقر عليه أمام اليورو أقل من السعر الحالي، ولذلك فإن غالبية الدراسات الاقتصادية تتوقع انخفاض الدولار في الأجل الطويل.
ولفت الاقتصاديون إلى أن بقاء دول الخليج دون رفع عملاتها مقابل الدولار يبرره توجهها إلى تطبيق العملة الخليجية الموحدة، وإذا تم توحيد العملة الخليجية فيجب الربط بسلة عملات. وأوضحوا أن ارتفاع الدولار مهم جدا نظرا لأن الدخل الحقيقي للمواطن يرتفع مع ارتفاع الدولار، فضلا عن انخفاض تكلفة الواردات نتيجة أن 80 في المائة من واردات دول الخليج الاستهلاكية هي من الخارج وغالبا تكون من دول غير مرتبطة بالدولار.
وبين الاقتصاديون أن دول الخليج متفقة كما تم الإعلان عنه سابقا بالربط بالدولار حتى قيام الاتحاد النقدي، وبعد قيام هذا الاتحاد فإن السلطة النقدية المفترض أن تكون معنية بإدارة السياسة النقدية في منطقة الخليج ستتخذ قراراً بالاستمرارية أو التحول إلى سلة عملات أو تعويم العملة بالكامل، لافتين إلى أن الإشكالية الحالية تنبع من أن الكويت قامت بفك الربط بالدولار بينما بقية دول الخليج لا تزال مرتبطة به ما أدى إلى ارتفاع قيمة الدينار الكويتي مقابل عملات دول مجلس التعاون. ووفق هذه الرؤية لا يمكن قيام الاتحاد النقدي قبل أن تعود الكويت للربط بالدولار أو أن تقوم بقية دول المجلس بالربط بسلة العملات نفسها التي ترتبط العملة الكويتية بها.