الصين وأمريكا تختلفان حول «اليوان» في سنغافورة.. وملف ساخن في بكين

الصين وأمريكا تختلفان حول «اليوان» في سنغافورة.. وملف ساخن في بكين

اختلفت الولايات المتحدة والصين حول أسعار الفائدة أثناء انعقاد منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي «أبيك»مما يشير إلى محادثات صعبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وصل الصين أمس.
وظهر هذا الخلاف في قمة «أبيك» عندما تم حذف عبارة «أسعار الصرف التي تستند إلى حركة السوق» من البيان الذي صدر في نهاية أعمال المنتدى أمس بعد يومين من المباحثات.
وقال مسؤول في أحد الوفود المشاركة في اجتماعات «أبيك» إن واشنطن وبكين لم تتمكنا من التوصل لاتفاق بشأن صياغة البيان. وتأتي زيارة أوباما للصين في أعقاب خطوات اتخذتها واشنطن لفرض قيود جمركية على منتجات عديدة ذات منشأ صيني كما تأتي الزيارة أيضا في ظل تزايد الضغوط على بكين حتى تسمح لعملتها (اليوان) بأن تزيد قيمتها أمام العملات الأخرى. وينتاب المسؤولون في الصين شعور بالضجر حيال تلك الضغوط المتعلقة باليوان. وقال ليو مينج كانج رئيس لجنة تنظيم المصارف الصينية في منتدى في بكين أمس إن أسعار الصرف المنخفضة للغاية في الولايات المتحدة تغذي المضاربة في أسواق الأصول الخارجية إضافة إلى أنها تمثل خطرا على تعافي الاقتصاد العالمي. وتعهد أوباما أمس الأول بتعميق الحوار مع الصين بدلا من السعي إلى احتواء تلك القوة الصاعدة التي تستعد لأن تحل محل اليابان العام المقبل باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم. لكن مسائل كثيرة بدءا باليوان ومرورا بالتوترات التجارية ووصولا لحقوق الإنسان يمكن أن تعقد هذه العلاقة التي يصفها كثيرون بأنها أهم علاقة في القرن الـ 21.
وقال ديريك سيسورز, المحلل التجاري في مؤسسة هيرتيج في واشنطن «بالنسبة للتجارة.. يعد الوقت الحالي وقتا عصيبا للعلاقات الصينية ـ الأمريكية. فالإشارات تسير إلى الأسوأ فعليا وليس إلى الأفضل». من جانبه تجاهل الرئيس الصيني هو جين تاو قضية اليوان في عديد من الكلمات التي ألقاها أثناء منتدى «أبيك» وركز بدلا من ذلك على ما أسماه القيود التجارية «غير المعقولة» المفروضة على الدول النامية.
واحتوت مسودة البيان الختامي لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط
الهادي على عبارة تعهد فيها قادة الدول الـ 21 الأعضاء في المنتدى بالحفاظ على «أسعار الصرف التي تستند إلى حركة السوق التي تعكس الأساسيات الاقتصادية الأولية». وتم الاتفاق على البيان خلال اجتماع وزراء مالية الدول الأعضاء في «أبيك» يوم الخميس الماضي - بما فيهم وزير مالية الصين - على الرغم من عدم إشارة البيان إلى اليوان بأي حال من الأحوال. وترى واشنطن أن اليوان المقيم حاليا بأقل من قيمته الحقيقية يسهم في حدوث اختلال في التعاملات التجارية بين الولايات المتحدة والصين صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في العالم. وتلح الصين على الولايات المتحدة من أجل الاعتراف بها كاقتصاد سوق إضافة إلى تقديم تنازلات في قضايا متعلقة بالتجارة وهو الأمر الذي سيزيد من صعوبة اتخاذ الولايات المتحدة أي إجراءات ضد المنتجات الصينية. وفي كلمته التي وجهها لزعماء «أبيك» قال أوباما إن الاقتصاد العالمي في طريقه إلى الانتعاش ولكنه قال إن عدم إعادة التوازن للنظام الاقتصادي العالمي سيؤدي إلى أزمات أخرى. وأضاف أوباما أن العالم لا يستطيع العودة إلى دوائر الازدهار والكساد نفسها والتي أدت إلى هذا الركود.
وقال «لا يمكننا اتباع السياسات نفسها التي أدت إلى مثل هذا النمو غير المتزن. وإذا فعلنا ذلك سنستمر في الانجراف من أزمة إلى أخرى وهو طريق فاشل كانت له بالفعل عواقب وخيمة على مواطنينا وأعمالنا وحكوماتنا». واستراتيجية أوباما تطالب بزيادة الادخار في أمريكا وتقليل الإنفاق وإصلاح النظام المالي وخفض العجز والاقتراض. وفي الوقت نفسه ترغب واشنطن في أن يزيد المصدرون الرئيسيون مثل الصين من الطلب الداخلي. وأيد بيان «أبيك»إجراءات التحفيز المالي من أجل منع العالم من الانزلاق إلى الكساد مرة أخرى وكذلك حث على اختتام جولة الدوحة لمحادثات التجارة العالمية في 2010 بشكل ناجح. على صعيد ثان، اختتم منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي اجتماع قمته في سنغافورة أمس بإصدار بيان ختامي استبعد إشارات وردت في مسودة تقر «أسعار الصرف التي تستند إلى حركة السوق» ولأهداف لتخفيضات في انبعاثات الكربون. وذكر البيان أن زعماء «أبيك»سيسعون إلى اختتام جولة الدوحة للمحادثات التجارية العالمية في 2010 وأنهم «سيرفضون كل أشكال الحماية الاقتصادية». وقال أيضا بيان ختامي لزعماء «أبيك» إن اقتصاديات الدول الأعضاء في «أبيك» التي تضم الولايات المتحدة واليابان والصين ستبقي على سياسات التحفيز إلى أن يتماسك انتعاش اقتصادي عالمي دائم بشكل واضح. وفي جانب ثان، أبدى رؤساء «أبيك» تأييدهم أمس لخطة مقترحة لمحادثات المناخ المقرر إجراؤها في كوبنهاجن الشهر المقبل وذلك من شأنها تأجيل التوصل لاتفاقية ملزمة قانونا. وصرح مايكل فرومان, وهو مفاوض أمريكي رفيع, للصحافيين بعد اجتماع عقده زعماء منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي «أبيك» في سنغافورة «رأى الزعماء أن توقع إجراء مفاوضات للتوصل إلى اتفاق دولي كامل ملزم قانونا من الآن حتى انعقاد مؤتمر كوبنهاجن بعد 22 يوما أمر غير واقعي».
ومن شأن الاقتراح الذي طرحه رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوكه راسموسن تمهيد الطريق لاتفاق سياسي في كوبنهاجن وجعل المفاوضات المضنية المتعلقة بالتزامات كل دولة تتبع مسارا أبطأ على أن تظل هناك مهلة محددة.
وقال راسموسن, خلال الاجتماع الذي حضره زعماء دول منها الولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا وأستراليا وإندونيسيا «نظرا لعامل الوقت ونظرا لوضع كل دولة على حدة علينا في الأسابيع المقبلة أن نركز على ما هو ممكن وألا ندع ما هو غير ممكن يشتتنا».
وأضاف راسموسن «اتفاقية كوبنهاجن يجب أن تكفل في النهاية استمرار المفاوضات القانونية وأن تحدد مهلة لإتمامها». وذكر دبلوماسيون أن هذه الخطة المقترحة التي تنطوي على مسارين ستمهل واشنطن وقتا كافيا للتغلب على المعوقات السياسية المتعلقة بإقرار تشريع يخص التغيرات المناخية. وقال فرومان «أيد الرئيس أوباما اقتراح رئيس الوزراء الدنماركي وردد عدد من الزعماء الآخرين تصريحات الرئيس عندما لمح إلى أن هذه خطوة بناءة إلى الأمام وأبدوا تأييدهم للتعاون مع الدنماركيين في محاولة التوصل إلى مثل هذه الاتفاقية في كوبنهاجن».
وينظر إلى محادثات كوبنهاجن التي تعقد من السابع إلى 18 من كانون الأول (ديسمبر) على أنها الفرصة الأخيرة لكل الدول للاتفاق على معاهدة تحل محل بروتوكول كيوتو الذي ينقضي أجل المرحلة الأولى منه في 2012 مما يعني اتخاذ إجراءات مؤلمة للحد من معدل التغير المناخي.
والغرض من الاجتماع الذي تنظمه الأمم المتحدة هو وضع أهداف طموحة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وكذلك جمع التبرعات لمساعدة الدول الفقيرة على التصدي لظاهرة ارتفاع حرارة الأرض. وحث الرئيس الصيني هو جين تاو في اجتماع عقد على مأدبة إفطار على إحراز تقدم فيما يتعلق بتقديم العالم المتقدم للأموال والتكنولوجيا. وقال إن الدول المتقدمة يجب أن تقبل نسب خفض كبيرة للانبعاثات وأن على العالم النامي أن يسهم تبعا لقدرة كل بلد. وقال اركادي دفوركوفيتش كبير المستشار الاقتصادي للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف للصحافيين بعد محادثات سنغافورة «تجرى المحادثات المتعلقة بالمعاهدة الجديدة التي ستحل محل بروتوكول كيوتو بصعوبة بالغة. قال المشاركون في الاجتماع إن من الصعب توقع اختتام قمة كوبنهاجن بتوقيع معاهدة دولية شاملة ملزمة». ووحدت فرنسا والبرازيل جهودهما أمس السبت لمطالبة الولايات المتحدة والصين - اللتين تتسببان معا في انبعاث نحو 40 في المائة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم - بتقديم تنازلات كبيرة خلال قمة كوبنهاجن.
وفي بيان مشترك, حث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الدول الصناعية الغنية على خفض الانبعاثات بنسبة 80 في المائة على الأقل عن مستويات 1990 بحلول 2050.
وناشد الرئيسان الدول النامية السعي لنمو اقتصادي يعتمد بدرجة أقل على الكربون واتخاذ خطوات لإبطاء المعدل الذي تزيد به انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لديها بحلول 2050 مع الحصول على مساعدات مالية «سخية» من الدول الأكثر ثراء.

الأكثر قراءة