الدولار يندفع والبورصات تتقلب .. وآسيا «خضراء»

الدولار يندفع والبورصات تتقلب .. وآسيا «خضراء»

مرت الأسواق المالية بأسبوع مضطرب في الوقت الذي فيه هناك تحديات أمام التفاؤل واسع النطاق بين المستثمرين بأن الظروف والأحوال ستكون مناسبة لتجارة المخاطر العالمية. وقال المحللون إن الدولار لعب دوراً حيوياً في حركات الأسبوع الماضي، على اعتبار أن اندفاعه المفاجئ وارتفاعه عن أدنى مستوى له منذ 15 شهراً كان من شأنه تعميق ارتباطه السلبي بالمخاطر، وهو ارتباط يقوم بصورة كبيرة على المضاربين الذين يبيعون الدولار لشراء موجودات ذات مردود أعلى.
جيريمي باتستون كار، من شركة تشارلز ستانلي، وصف المستوى الحالي للمضاربات في الأسواق، الذي يقوم على أحدث تقرير حول ''التزامات المتداولين'' في الولايات المتحدة، بأنه ''غير اعتيادي''.
وقال كار: ''من الواضح تماماً أنه يوجد إجماع هائل بخصوص الضعف المتواصل للدولار، وأن تجارة المناقلة حية تماماً وفي صحة جيدة. ولو أن الدولار سيشهد انتعاشاً تكتيكياً وسيتمتع باندفاع مؤقت مضاد للاتجاه العام، وهو أمر نعتقد أنه ممكن، فإن تجارة المناقلة الضخمة التي تبدو واضحة في هذه البيانات يمكن أن يتم التخلي عنها، مع نتائج سلبية للموجودات الخطرة، التي من قبيل الأسهم''.
وكأن الدولار كان ينتظر اللحظة المناسبة، فقد سجل يوم الخميس اندفاعاً مفاجئاً واضطرت أسواق الأسهم للتراجع بفعل ذلك، وإن كان ذلك بصورة مؤقتة. قال بعض المحللين إن العلامات الدالة على أن الصين يمكن أن تعمل حالياً على استعدادات للسماح بارتفاع سعر صرف الرنميبي، وهو أمر من شأنه تقليص حاجة الصين إلى بيع الدولارات لموازنة احتياطيّها من العملات الأجنبية، هذه العلامات كانت من العوامل وراء اندفاع الدولار.
وفي أحدث تقرير صادر عن البنك المركزي الصيني، أسقط البنك عبارة رئيسية كانت تَعِد بإبقاء الاستقرار في سعر صرف الرنميبي، وقال التقرير بدلاً من ذلك إن العملة الصينية ستتم إدارتها من خلال ''منهج استباقي منضبط ومتدرج''. لكن كانت هناك شكوك حول ما إذا كانت الصين ستصدر أي بيانات بخصوص الارتباط الفعلي لعملتها قبل النصف الثاني من العام المقبل.
قال أشرف العايدي، من ''سي إم سي ماركتس'' CMC Markets، إن الرفع المباشر لسعر صرف الرنميبي هو بصورة كبيرة أمر غير مرجح. وقال: ''من الواضح أن الحظوظ الاقتصادية للصين تحسنت بالقياس إلى الأشهر الستة الماضية، لكن ليس هناك دليل يبرهن على الحجة الداعية إلى ارتفاع سعر صرف الرنميبي، سواء من حيث المستهلك الأمريكي أو الاقتصاد الآسيوي الذي سيشهد في الفترة المقبلة رفع أسعار الفائدة''. وأضاف: ''لن تشعر الصين أنها مضطرة إلى رفع سعر صرف الرنميبي إلا حين يكون الانتعاش الاقتصادي الأمريكي ملموساُ على نحو يبرر تطبيق سياسة الخروج الأمريكية، وحين يكون التضخم المتصاعد في الصين عاملاً قوياً في رفع أسعار الفائدة الصينية''.
كانت هناك علامات قوية على التحسن في الاقتصاد الصيني هذا الأسبوع، على اعتبار أن مبيعات التجزئة، وبيانات الإنتاج والتجارة جاءت جميعاً متفوقة على التوقعات، ما عزز النظرة القائلة إن الصين هي البلد الذي يقود الانتعاش الاقتصادي العالمي. كذلك أشار بعض المحللين إلى الطلب الصيني القوي على المواد الخام على أنه عامل وراء الاندفاع المذهل في مؤشر البلطيق الجاف، الذي يقيس تكاليف الشحن البحري للسلع الجافة، مثل خام الحديد والفحم. فقد قفز المؤشر بصورة مفاجئة بنسبة 21.2 في المائة على مدى الأسبوع ليصل إلى 4111 نقطة. كذلك كانت هناك أنباء اقتصادية طيبة من منطقة اليورو، حيث أظهرت بيانات الربع الثالث للناتج المحلي الإجمالي أن المنطقة في سبيلها إلى الخروج من أسوأ ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية، رغم أن الانتعاش لم يكن قوياً كما كان يتوقع بعض المراقبين. لكن الصورة الاقتصادية من الولايات المتحدة كانت غائمة وغير واضحة، حيث إن البيانات المشجعة حول سوق العمل الأسبوعية طغت عليها الأرقام المخيبة للآمال حول مشاعر المستهلكين، والتي تصدرها جامعة ميشيجان.
لكن هذه الأرقام المخيبة للآمال لم يكن لها شأن يذكر في إثارة الاستياء لدى المستثمرين في أسواق الأسهم، حيث كان مؤشر ستاندارد آند بورز في سبيله إلى تسجيل زيادة أسبوعية مقدارها 2.2 في المائة بحلول فترة الظهيرة في نيويورك يوم الجمعة. في وقت مبكر من الأسبوع سجل هذا المؤشر المهم رقماً قياسياً جديداً لعام 2009. وفي أوروبا ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بنسبة 2.7 في المائة على مدى الأسبوع، ليسجل أعلى معدل له منذ ثلاثة أسابيع. وشهدت الأسواق الآسيوية أسبوعاً إيجابياً، حيث ارتفع مؤشر هونج كونج بنسبة 3.3 في المائة، وارتفع مؤشر سيدني بنسبة 2.4 في المائة، رغم أن مؤشر نيكاي 225 في طوكيو تراجع بنسبة 0.2 في المائة للأسبوع الثالث على التوالي.
هيمن الذهب على تداولات السلع، حيث كان يتحرك نحو الأعلى خلال معظم الأسبوع، على خلفية تراجع الدولار. وسجل الذهب رقماً قياسياً جديداً هو 1122.85 دولار للأوقية قبل أن يتراجع إلى 1116 دولاراً، ومع ذلك فإن هذا السعر كان نتيجة ارتفاع بنسبة 2 في المائة على مدى الأسبوع.
تمتعت أسعار النفط بزيادة حادة في مطلع الأسبوع، لكن النفط تعرض لضغوط البيع بعد أن أشارت بيانات المخزون الأمريكية إلى تراجع الطلب.
يوم الجمعة تراجع سعر النفط القياسي الأمريكي إلى ما دون 77 دولاراً للبرميل، حيث هبط بنسبة 0.7 في المائة على مدى الأسبوع.
تحركت السندات الحكومية الأمريكية إلى الأعلى على مدى الأسبوع، على الرغم من الوضع المتين للأسهم والعرض الجديد الذي سيأتي إلى السوق.
وهبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة تسع نقاط أساس ليصل إلى 3.44 في المائة.

الأكثر قراءة