أمام وزراء «العشرين».. صندوق النقد يحذر من تكرار أخطاء أزمة الكساد العظيم

أمام وزراء «العشرين».. صندوق النقد يحذر من تكرار أخطاء أزمة الكساد العظيم

حذر صندوق النقد الدولي كبار المسؤولين الماليين في الاقتصادات الكبرى من تكرار أخطاء أزمة الكساد العظيم وسحب إجراءات الدعم الاستثنائية قبل الأوان، وفي وثيقة أعدت لاجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين في اسكتلندا، أكد الصندوق هشاشة الانتعاش العالمي قائلا إنه يعتمد بدرجة كبيرة على دعم الحكومات والبنوك المركزية.
وأضافت الوثيقة التي اطلعت عليها وكالة رويترز «أحد الدروس الرئيسة المستقاة من خبرة الأزمات المشابهة (مثل الكساد العظيم وأزمة اليابان في التسعينيات) هو أن سحب إجراءات التحفيز قبل الأوان يمكن أن يكون باهظ التكلفة لاسيما إذا ظل النظام المالي عرضة للمخاطر والصدمات».
ويشعر صندوق النقد الدولي بالقلق إزاء تأخر الانتعاش في الدول المتقدمة عنه في الدول النامية وإزاء كون الدول المتقدمة تعتمد أكثر من اللازم على الدعم الاستثنائي. وقالت الوثيقة «وتيرة الانتعاش غير مستقرة لاسيما في الاقتصادات المتقدمة حيث لا تزال ثقة المستهلكين ضعيفة».
ويقول مسؤولون إن المقترحات المطروحة للنقاش في اسكتلندا تشمل نظاما تقوم بموجبه الدول بتقديم تصوراتها بشأن اقتصاداتها لفحصها من قبل صندوق النقد لمعرفة مدى اتساقها. وإذا لم تكن كذلك فيمكن بحث بدائل فيما بين دول مجموعة العشرين.
وحث وزير المالية البريطاني أليستير دارلنج نظراءه في دول مجموعة العشرين أمس على العمل لإبرام اتفاق بقيمة 100 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ وذلك بينما تمسكت دول نامية بعدم الرغبة في الحديث بشأن هذا الأمر. وبريطانيا عازمة أيضا على الدفع لتحقيق هدف طموح يتمثل في توفير تكلفة تغير المناخ بحلول عام 2020 وذلك قبل قمة بيئية كبيرة في كوبنهاجن الشهر المقبل.
وقال دارلنج في بدء المحادثات «أعتقد أنه من اللازم أن نكون قد حققنا قدرا من التقدم الحقيقي بحلول نهاية اليوم»، وأضاف «إذا لم يكن هناك اتفاق على التمويل.. فستكون اتفاقية كوبنهاجن أصعب بكثير جدا».
لكن بدا أنه لا توجد فرصة كبيرة لتحقيق انفراجة لأن عديدا من الدول الناشئة لا تزال تتساءل عما إذا كان يجب مناقشة الأمر خلال قمة مجموعة العشرين وكانوا قد فعلوا الأمر نفسه في اجتماع في لندن في أيلول (سبتمبر).
وقال مسؤول فرنسي «القضية هي هل نناقش هذا الأمر أم لا؟ بريطانيا متحمسة كثيرا لكن هناك اعتراضات قوية تقول أسواق ناشئة إنه يجب ألا يناقش هذا الأمر لأسباب تتعلق بالإجراءات فمجموعة العشرين ليست هي المكان الصحيح لمناقشته».
وقال مصدر آخر في الوفد الفرنسي إن الأوروبيين خاصة بريطانيا والسويد، الرئيس الدوري الحالي للاتحاد الأوروبي، يدفعون بقوة حتى يشير البيان المشترك في نهاية الاجتماع إلى مسألة تغير المناخ لكنهم يواجهون «حائط سد» تمثله البرازيل، روسيا، الهند، والصين.
من جهة ثانية، قال يوسف بطرس غالي، رئيس لجنة توجيه السياسات في صندوق النقد الدولي أمس، إن اجتماع كبار مسؤولي المالية في مجموعة العشرين يجب ألا يتركز على مستويات أسعار الصرف لأنها عرض لمشكلات اقتصادية أساسية وليست سببا لها، وبين أن الضريبة التي تعتزم البرازيل فرضها على تدفقات رأس المال الوافدة من غير المحتمل أن تكون فعالة.
وقال «يجب ألا يتركز اهتمامنا على العملات. ومع أنها مهمة وأنها تؤثر تأثيرا كبيرا وسريعا في مختلف التدفقات المالية فإنه يجب أن ينظر اليها على أنها عرض لاختلاف أكبر». وسئل غالي: هل بعض العملات مقومة بأقل من قيمتها؟ فقال «الأمر مثلما يكون لديك شخص مصاب بحمى. والعملة هي الحمى ويجب أن نعرف مصدر تلك الحمى وما هي الاختلالات».
وتعتقد بعض الحكومات الغربية أن العملة الصينية اليوان مقومة بأقل من قيمتها مقارنة بعملات تلك الدول وأن ذلك أسهم في حدوث الأزمة المالية العالمية بتشويه التدفقات التجارية والرأسمالية. وأضاف قوله إنه لا يتوقع إنفراجا كبيرا في القمة التي تجمع بلدانا رئيسة نامية وأخرى متقدمة في منتدى واحد وتهدف بين موضوعات أخرى إلى مناقشة إجراءات مالية لمكافحة تغير المناخ قبل قمة تعقدها الأمم المتحدة بشأن هذا الموضوع في كوبنهاجن في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
وقال «قضية المناخ معروضة على مائدة البحث ولكن لم تناقش البارحة الأولى لكني لا أعتقد أن أحدا يتوقع حدوث انفراجة كبيرة فهذا ليس اجتماعا لتحقيق انفراجة»، وأبدى غالي تشككه في الفعالية المحتملة لخطط كشفت عنها البرازيل يوم الإثنين لفرض ضريبة على تدفقات رأس المال الوافدة التي تهدف إلى إبطاء ارتفاع قيمة عملتها، الريال، الذي عزته البرازيل جزئيا إلى ضعف اليوان. وقال غالي «هذه الوسيلة استخدمت في شتى أنحاء العالم بين الحين والآخر. ولم تكن قط فعالة. فالأسواق لديها طريقة لتجاوز أي حاجز تضعه في طريقها». وبدلا من ذلك شجع غالي على تبني خطة لصندوق النقد الدولي تساعد على تمكين الاقتصادات الصاعدة من تجميع احتياطيات من العملة لاستخدامها في حالة وقوع أزمة وتقليل الحيازات المجمعة التي تحتاج إليها الاقتصادات.

الأكثر قراءة