المؤشر الإماراتي يحاكي «داو جونز» مع تزايد تأثيرات الأجانب وتقلبات أسعار النفط وصرف الدولار
أرجع محللون ماليون الخسائر الحادة التي مُنيت بها أسواق الأسهم الإماراتية خلال الأسبوع الماضي، إلى الارتباط غير المبرر مع البورصات الدولية، وإقدام محافظ وصناديق الاستثمار الأجنبية على عمليات تسييل واسعة بلغت قيمتها 230 مليون درهم كمحصلة بيع.
ومُنيت سوق دبي بأكبر الخسائر بين أسواق الخليج حيث تراجع مؤشرها بنحو 4.5 في المائة، كما انخفض مؤشر سوق أبو ظبي 3.4 في المائة. ووفقا للتقرير الأسبوعي لسوق دبي، فقد بلغت قيمة مشتريات الأجانب من الأسهم نحو 1.616 مليار درهم من إجمالي التعاملات الأسبوعية للسوق البالغة 3.4 مليار درهم مقابل مبيعات بقيمة 1.677 مليار درهم، وبذلك بلغ صافي الاستثمار الأجنبي نحو 61.7 مليون درهم، كمحصلة بيع.
وتساءل الدكتور همام الشماع المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية: لماذا هذا الترابط القوي مع الأسواق العالمية والمحاكاة لها؟ وهل هناك أسباب موضوعية تبرر ذلك أم أن الأمر لا يعدو كونه تأثيراً نفسيا تعمّق بفعل الأزمة المالية؟
ويحدد الشماع عدة أسباب موضوعية يقول إنها إذا توافرت، فإن التماثل في أداء الأسواق والمحاكاة التي تظهرها أسواقنا المحلية للأسواق العالمية، يمكن أن تكون مبررة ومقبولة وأول هذه الأسباب وأهمها تقارب أو تشابه تقييم أسواقنا مع الأسواق العالمية فإذا كانت أسواقنا مقاربة لتقييم الأسواق العالمية من حيث المستويات السعرية، فحينها يمكن القول بموضوعية هذه المحاكاة غير أن الواقع ليس كذلك إطلاقا، فأسواق الإمارات هي الأرخص على الإطلاق من بين تسع أسواق رئيسة في العالم، ومن بين الأسواق المماثلة في المنطقة. والسبب الموضوعي الثاني الذي يمكن أن يبرر تماثل الأداء والمحاكاة لمؤشر سوق الإمارات ومؤشر «داو جونز» الأمريكي هو وجود تأثير قوي للأجانب وبالذات غير العرب كمؤسسات ترتبط في حركتها دخولا وخروجا بحركة الأسواق العالمية غير أن المؤشرات الإحصائية تخالف ذلك، فعند قياس معامل الارتباط بين التغير الأسبوعي لمؤشر «داو جونز» الأمريكي مع التغير الأسبوعي لصافي حركة الأجانب غير العرب في سوقي دبي وأبو ظبي لم نجد سوى علاقة موجبة ضعيفة جدا لا تتجاوز 0.016 وهي تعني أن صافي حركة الأجانب غير العرب لا ترتبط بتغير مؤشرات الأسواق العالمية، وعلى العكس من ذلك فلقد وجدنا علاقة إحصائية أقوى بين صافي حركة الأجانب الأسبوعية وبين التغير الأسبوعي لمؤشر سوق الإمارات قدره 0.044، وهو ما يعني أن حركة الأجانب غير العرب ترتبط بمؤشر السوق الإماراتية بأكثر من ارتباطها بمؤشر السوق الأمريكية.
والسبب الثالث المبرر للتماثل يمكن أن يتمثل في وجود عوامل اقتصادية دولية تشع بتأثيراتها السلبية على الاقتصاد وبما يدفع مؤشرات الأسواق المحلية لتتفاعل سلبا معها أو إيجابا في حالة تحسنها المحلي، والواقع يقول إنه لا يوجد تأثير مباشر في اقتصاد الإمارات سوى من خلال أسعار النفط والتي على الرغم من أنها تؤثر في مجمل الأداء الاقتصادي من خلال توفير التمويل الحكومي الداعم للأنشطة الاقتصادية وبما يؤدي إلى تحسين بيئة الأعمال التي تصب في النهاية في أداء الشركات المدرجة في الأسواق.
إلا أننا نعتقد أن هذا التأثير لا يمكن أن يظهر بشكل فوري بحيث يؤدي إلى تماثل في أداء الأسواق المحلية مع العالمية ربما فقط عبر الارتباط العكسي بين أسعار النفط وسعر صرف الدولار والذي يصل معامله إلى -0.93 والذي يقود إلى معامل ارتباط موجب بين أسعار النفط وكل من مؤشر «داو جونز» ومؤشر سوق الإمارات قدره 0.65 و 0.62 لكل منهما على التوالي. غير أن معامل الارتباط القوي بين مؤشر «داو» وأسعار النفط يمكن تفسيره في أن أي انخفاض متوقع في سعر صرف الدولار أو تراجع قيمته يدفع المستثمرين للهروب منه إلى السلع والأسهم والعكس يحدث عندما يكون هنالك توقع بارتفاع قيمة الدولار حيث يقوم المستثمرون بالتسييل للأسهم وبيع للسلع بما فيها النفط ولكن الأمر مختلف في حالة الدرهم الإماراتي الذي على الرغم من وجود السعر الثابت بالدولار للدرهم، غير أن الأخير لا يشتري النفط إلا إذا تم تحويله بالسعر الثابت إلى دولار.
ويرجع المحلل المالي محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي لشركة شعاع للأوراق المالية الخسائر الحادة التي منيت بها أسواق الإمارات إلى استمرار عملية التصحيح التي ظهرت بوادرها منذ أسبوعين، ليتعمق تأثيرها نتيجة عمليات البيع العشوائي الناتج عن مخاوف لدى المستثمرين من استمرار التراجع في المؤشرات السعرية، كما أن عمليات البيع السريعة لجني الأرباح اليومية من جانب المضاربين اليوميين أدت إلى عدم الاستقرار في التداولات على مدار الأسبوع.