دعوة إلى رفع سن التقاعد الإلزامي في الخليج

دعوة إلى رفع سن التقاعد الإلزامي في الخليج

دعت دراسة خليجية إلى الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى إعادة النظر في أنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية بما تيماشى مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي حققتها دول المجلس.
وطالبت الدراسة التي أعدها مصرف الإمارات الصناعي برفع سن التقاعد الإلزامي ليتماشى والتطور الكبير الذي حققته دول المجلس في الرعاية الصحية وارتفاع متوسط عمر الفرد في العقدين الماضيين وتحويل صناديق التقاعد إلى مؤسسات استثمارية ضخمة تتعدد استثماراتها المحلية والخارجية ضمن سياسات محافظة ولكنها ديناميكية تستفيد من التطورات المتتالية في الأسواق المحلية والعالمية.
وأوضحت أن أنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي تتشابه إلى حد بعيد حيث تتيح جميعها في بعض بنودها إمكانية التقاعد المبكر للمواطنين الخليجيين، وذلك قبل أن يتجاوز الكثير منهم سن الشباب أو منتصف العمر على أبعد تقدير، وتترتب على ذلك جوانب اقتصادية واجتماعية تسهم في العديد من الظواهر التي تحاول دول المجلس معالجتها بالوسائل كافة، وبالأخص التركيبة السكانية وهيكلية سوق العمل المحلي وتأثر ميزان المدفوعات من جراء التحويلات المالية الخارجية للأيدي العاملة الأجنبية في دول المجلس.
وتشكل ظاهرة التحويلات الخارجية أحد أهم الظواهر الناجمة عن الخلل في أسواق العمل الخليجية والتي تتراجع فيها نسبة العاملين الخليجيين مقارنة بالعاملين الأجانب، ما أدى إلى زيادة مطردة في قيمة التحويلات الخارجية التي ارتفعت بنسبة 31 في المائة العام الماضي لتبلغ 40 مليار دولار مقارنة بـ 30.5 مليار دولار عام 2007، ولتأتي في المرتبة الثانية عالميًا بعد الولايات المتحدة والتي بلغ حجم التحويلات الخارجية فيها 47 مليار دولار في العام الماضي.
ووفقا للدراسة، فإنه في الوقت الذي تشكل التحويلات الخارجية أكثر من 0.3 في المائة من الناتج المحلي الأمريكي، فإن هذه النسبة تصل إلى 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس، كما أن المعدل العالمي لنسبة الزيادة في التحويلات الخارجية تبلغ 8 في المائة في مقابل 8 في المائة في دول مجلس التعاون وذلك إذا استثنينا ظروف الأزمة العالمية التي أدت إلى انخفاض هذه التحويلات بشكل عام، وتعد نسبة التحويلات للناتج المحلي الإجمالي متقاربة في دول المجلس كافة، على الرغم من أن نسبة الأجانب من إجمالي تعداد السكان تتفاوت في هذه البلدان.
أما الجوانب الاقتصادية والاجتماعية الأخرى الناجمة عن التقاعد المبكر الذي تتيحه أنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي وفقا للدراسة كانعدام المردودات المجدية في الإنفاق على التعليم والتأهيل وفقدان خدمات الكفاءات المواطنة وزيادة أعباء الموازنات السنوية بسبب الالتزامات الإضافية لصناديق التقاعد، فإنها جميعاً تدعو إلى ضرورة إعادة النظر في هذه الأنظمة ورفع سن التقاعد الإلزامي ليتماشى والتطور الكبير الذي حققته دول المجلس في الرعاية الصحية وارتفاع متوسط عمر الفرد في العقدين الماضيين .
ودعت الدراسة إلى تحويل صناديق التقاعد إلى مؤسسات استثمارية ضخمة تتعدد استثماراتها المحلية والخارجية ضمن سياسات محافظة ولكنها ديناميكية تستفيد من التطورات المتتالية في الأسواق المحلية والعالمية فحتى الآن تقتصر استثمارات صناديق التقاعد في دول المجلس على الودائع في المصارف التجارية بصورة أساسية، في الوقت الذي تعد فيه صناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية في كثير من البلدان أجهزة استثمارية تلعب دوراً كبيراً في تنشيط الأوضاع الاقتصادية والمساهمة في تنفيذ مشاريع مجدية، وذلك إضافة إلى تنمية مواردها الذاتية لتفادي أية عجوزات اكتوارية تستدعي تلقي الدعم من موازنة الدولة.
وأوضحت أن القيام بمثل هذا التحول المهم والكبير في أنشطة التقاعد الخليجية يتطلب من ضمن أمور أخرى إعادة هيكلة إدارية، بحيث تتحول هذه الصناديق من محدودية أنشطتها واقتصارها على إدارة معاشات التقاعد إلى مؤسسات استثمارية متخصصة لإدارة الأصول واقتناص الفرص الاستثمارية المجزية في الأسواق المحلية والخارجية.
وأضافت «تأتي على رأس القائمة تلك المشاريع التي تتمتع فيها دول مجلس التعاون بأفضليات إنتاجية، كما أن الأسواق المالية في دول المجلس تنمو بصورة سريعة حيث تشير التوقعات إلى إمكانية تحولها إلى إحدى أهم الأسواق المالية في العالم، ما توفر فرصًا كبيرة للمؤسسات الاستثمارية بما فيها صناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات القليلة المقبلة.
وأكدت أن القيام بمثل هذه التعديلات سيكسب صناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية قوة مالية ومرونة في مواجهة التقلبات والالتزامات المالية التي تجتاح الأسواق المالية العالمية بين فترة وأخرى ويسهم في زيادة معدلات النمو في دول المجلس ويؤدي إلى زيادة فعالية الاستخدام الأمثل للقوى العاملة المحلية.

الأكثر قراءة