د. العتيبي: هذا الدعاء لا يصح .. وانتشاره بين الناس كبير
يقع بعض الناس ضحية الترويج لبعض الأدعية أو العبادات غير الصحيحة, وبعض هذه الأدعية تستخدم في المسجد ويدعى بها لدى بعض الناس، وقد تلقينا رسالة عبر الإيميل تستفسر عن دعاء مشهور بين عوام الناس، والدعاء هو ما نسب لجبريل - عليه السلام - بأنه وجهه لنبي الرحمة ـ-عليه أفضل الصلاة والسلام- نص الدعاء (يا محمد ما من عبد يدعو بهذا الدعاء وتكون خطاياه مثل أمواج البحر وعدد أوراق الشجر وقطر الأمطار وبوزن السموات والأرضين إلا غفر الله له ذلك، يا محمد هذا الدعاء مكتوب حول العرش ومكتوب على حيطان الجنة وأبوابها وجميع ما فيها، يا محمد أنزل الوحي ببركة هذا الدعاء وأصعد به ... وأول هذا الدعاء الطويل هو : لا إله إلاَّ الله الملك الحق المبين, لا إله إلا الله العدل اليقين, لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين سبحانك إني كنت من الظالمين .. إلى آخره''. وتم عرض السؤال على الشيخ الدكتور سعد بن مطر العتيبي الأستاذ في المعهد العالي للقضاء الذي أرسل الإجابة بالإيميل مشكورا حيث قال : بالنسبة لهذا الدعاء الطويل فلم نقف عليه في شيء من كتب السنة، وما فيه من الركاكة والمبالغة والخطأ دليل واضح على أنه حديث مكذوب مخترع وللأسف الشدي أن انتشاره بين الناس كبير .
وأعظم ما فيه الجرأة على الله تعالى، والإخبار بأنه دعاء مكتوب حول العرش وعلى حيطان الجنة وأبوابها وجميع ما فيها، وأن جبريل ينزل ببركته وبه تفتح أبواب الجنة.
وهذا كذب ظاهر، وافتراء على الله - عز وجل، وما فيه من الأدعية المتفرقة لا تصلح للجنة، ولا يناسب ذكرها فيها قطعاً - ومما اشتمل عليه من الباطل:منها قوله: اللهم إني أسألك بمحمد وإبراهيم وموسى .. إلخ، ومنه قوله: أغننا بجاه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهذا توسل مبتدع لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة، فضلاً عن أن يكون مكتوباً حول العرش أو على أبواب الجنة وكل ما فيها.ولم يكتف هذا المخترع بالتوسل بذوات الأنبياء، بل تعدى ذلك إلى التوسل بكل حي وسائل وغني وخال!
ثانيا : قوله: وأسألك بمقاعد العز من عرشك، وهذا مختلف في الدعاء به قال الإمام أبو حنيفة - رحمه الله - لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول: بمعاقد العز من عرشك وبحق خلقك .
ويقال: مقاعد العز، قال في الهداية: ولا ريب في كراهية الثانية لأنه من العقود، وكذا الأولى.
ثالثا: قوله: وعزرائيل، ولم يثبت تسمية ملك الموت بعزرائيل في شيء من الأحاديث الصحيحة.
رابعا: ما فيه من سوء الأدب مع الله ، كقوله: أنت الحليم فلا تعجل وأنت الجواد فلا تبخل، سواء كانت (لا) ناهية يراد بها السؤال هنا، أو كانت نافية، على جهة الإخبار عن الله بذلك، فإن نهج القرآن الإجمال في النفي والتفصيل في الإثبات، وليس من الأدب أن يقال عن الله تعالى: إنه لا يعجل ولا يبخل ولا يذل ولا يرام ولا يضام ولا ولا... إلى آخره من النقائص المنفية، بل يقال: هو القدوس السلام الحليم الكريم العزيز سبحانه وتعالى.
خامسا: ما فيه من سوء الأدب مع الخليفة الراشد عثمان ـ رضي الله عنه، والزعم أنه نسي القرآن مراراً كثيرة، وهذا مما لا يصح نسبته إلى هذا الصحابي الكبير بهذا الدعاء المخترع.
والحاصل أن هذا الدعاء ملفق من مجموع أدعية ثابتة وأخرى مخترعة لا حرج في الدعاء بها، وفيه ما هو مشتمل على محذور كما سبق، ومنه ما هو ثناء يستعمله المؤلفون في كتب العقائد وغيرها.فالحذر الحذر من نسبة ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو إلى جبريل - عليه السلام، أو التصديق بما فيه من الوعود والأماني والأعطيات المبالغ فيها .