تقرير: جدار المال يلعب لصالح المتفائلين بأسواق السلع
تواصل أسواق السلع تحركها الصعودي الذي دام شهرا مدعومة بوفرة السيولة، ووصول الدولار إلى انخفاض قياسي جديد لسنة 2009، واستمرار قوة أسواق الأسهم. وارتفع الآن مؤشر مكتب أبحاث السلع CRB، الذي يرصد السلع الـ 19 الأكثر تداولاً، بأكثر من 12 في المائة خلال الشهر الفائت، حيث حققت جميع القطاعات عوائد إيجابية. كما حققت ست سلع عوائد فوق 20 في المائة. وكان لارتفاع أسعار النفط الخام أثره بلا شك، إذ يمكننا أن نرى ثلاثة عقود طاقة آجلة بين السلع الست الأعلى عائدا، وأما الثلاث المتبقية فهي: عصير البرتقال، القمح، والذرة.
وقال أول إس هانسن في تحليل حول أسواق السلع إن المستثمرين الذين يتطلعون إلى التحوط من خطر انخفاض الدولار يتجهون إلى مراكمة النقود في صناديق السلع، في الوقت الذي شهدت فيه صناديق تحوط السلع ارتفاعا في الأصول التي تديرها بنسبة 7.3 في المائة في الربع الثالث إلى 60 مليار دولار، وذلك بحسب خدمة بلومبيرج.
وحقق النفط الخام ارتفاعات جديدة خلال هذا الأسبوع، كما أنه مستعد لأسبوع رابع من المكاسب، حيث ساعد التحسن في البيئة الاقتصادية، مصحوبا باستمرار سحب البنزين ومنتجات التقطير من المخزون، هذا القطاع على الارتفاع.
ورغم القوة التي شهدها البنزين أخيرا، فإنه لم يكسر بعد نطاق التعامل فيه الذي يرجع تاريخه إلى شهر حزيران (يونيو) من العام الجاري، ويمكن أن يكون الحافز لتحقيق مزيد من المكاسب مرتبطا بالانخفاض المستمر في المخزونات المتاحة وحدوث تأكيد يقيني لارتفاع الطلب.
وعلى نحو مفاجئ يوم الخميس الماضي، أشار أمين عام منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» إلى إمكانية إعلان المنظمة زيادة الإنتاج في اجتماعها التالي المقرر انعقاده في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. رغم أن هذا الإعلان جاء مصحوبا ببعض الشروط، مثل الانتهاء من المخزون العائم وعودة المخزونات إلى متوسطها خلال السنوات الخمس الأخيرة، فإنه كان مع ذلك مفاجئا ويظهر كيف كانت وتيرة تعافي الأسعار مفاجأة للجميع. ولا ريب أن هذا يثير السؤال إن كان التعافي سريعا أكثر مما ينبغي؟ إحدى المسائل التي من المقرر أن تنظر فيها «أوبك» هي استمرار ضعف الدولار الأمريكي الذي إذا استمر فلا شك أنه سيواصل دفعه أسعار السلع إلى الارتفاع. وهذا سيقودنا إلى السؤال عن مدى الارتفاع الذي يمكن أن تبلغه أسعار الطاقة قبل أن يبدأ الاستهلاك في التأثر. فليس من مصلحة أي أحد أن تعود أسعار النفط الخام إلى مستوى 100 دولار للبرميل في هذه المرحلة من التعافي الاقتصادي الهش، ومن الواضح أن «أوبك» تتفق مع هذا الرأي ومن ثم جاءت تعليقاتها الأسبوع الماضي.
فأين يترك هذا الوضع أسعارَ النفط الخام على المدى القريب؟ ارتفاع الأسعار أخيراً فوق مستوى 75 دولارا للبرميل أطلق موجة من التغطية القصيرة من جانب المتعاملين الذين ظلوا يتعاملون بنجاح ضمن هذا النطاق على مدى أشهر الصيف، علاوة على ذلك، فإن كثيرا من الشراء التقني من جانب صناديق الزخم momentum funds دفع الأسعار إلى الارتفاع فوق مستوى 80 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي.
إننا لا نرى أن أسواق الطاقة صارت من جديد رهانا على الارتفاع وحده. وعوضاً عن ذلك، فإن عقد النفط الخام وسيط غرب تكساس تسليم شهر كانون الأول (ديسمبر) في طريقه إلى إيجاد نطاق تعاملات جديد تراوح ذروته بين 85 و90 دولارا للبرميل. والمقاومة الأولية هي المتوسط المتحرك لمدة 100 أسبوع عند مستوى 82.10 دولار للبرميل، والذي حتى الآن استمسك في خضم إشارات الشراء المكثف على مؤشر القوة النسبية لمدة تسعة أيام و14 يوما. أما الاتجاه الانخفاضي فيحظى بحماية جيدة حاليا عند مستوى 75 دولارا أمريكيا للبرميل، ولا بدّ من انخفاض الأسعار دون مستوى 70 دولارا أمريكيا للبرميل من أجل رفض هذا الارتفاع.
ودفع الدعم الموسمي للغاز الطبيعي العقد تسليم شهر تشرين الثاني (نوفمبر) إلى معاودة الارتفاع إلى خمسة دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية رغم ارتفاع المخزونات الأمريكية إلى مستوى قياسي للأسبوع الرابع على التوالي.
وبحسب إدارة الطاقة، فإن الغاز الطبيعي المخزن تحت الأرض ارتفع إلى 3.734 تريليون قدم مكعب وهو يقترب الآن من سعة تقديرية تبلغ نحو 3.9 تريليون قدم مكعب.ترتفع المخزونات تاريخيا حتى منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) قبل أن تبدأ في الانخفاض عند ازدياد الطلب على الوقود خلال فصل الشتاء.
وسيتم ترقب نشرة الأحوال الجوية عن كثب خلال الأسابيع القليلة المقبلة للتعرف على مؤشرات على برودة الطقس التي من شأنها أن تدعم الأسعار. بخلاف ذلك، فإن حدوث ارتفاع عام في الطلب الصناعي لا بدّ منه لاستمرار تعافي الأسعار. حذا النحاس حذو النفط الخام خلال الأسبوع الماضي حيث كسرت أسعاره النطاق الذي ظلت فيه على مدى ثلاثة أشهر، ولكن هذه الخطوة لم يعقبها أي نشاط حاد وارتفاع لاحق، وعلى هذا الأساس، فإنها تحتاج إلى إظهار مزيد من الثبات كي يتواصل هذا التحرك صعودا. إن حدوث إغلاق أسبوعي فوق مستوى 300 دولار لعقد النحاس عالي الجودة تسليم شهر كانون الأول (ديسمبر) ينبغي أن يساعد المشاعر الإيجابية، على أن يكون مستوى 310 دولارات هو الهدف الأول يعقبه مستوى 325 دولارا.
أما الذهب، فقد شهد أسبوعا هادئا حيث أظهر مزيدا من التماسك في نطاق تعاملاته الجديد بين 1043 و1070 دولارا للأوقية في عقد التسليم الفوري، وحفز الضعف الذي رأيناه أخيرا في سعر صرف الدولار تحركا جديدا نحو الارتفاع، وهو ما يدل على الحاجة إلى تماسك قبل إمكانية القيام بمحاولة أخرى.