بريطانيا تدفع البنوك إلى رفع رساميلها.. وأمريكا «تقيد» المكافآت في 7 شركات
أكدت هيئة الخدمات المالية التي تتولى تنظيم القطاع المالي في بريطانيا أمس الأول، أنها ستتخذ إجراءات لم تحددها ضد البنوك التي تحول الأرباح إلى مكافآت بدلا من زيادة رأسمالها. وسيطلب من البنوك أن تقدم تقارير إلى هيئة الخدمات المالية في الأسابيع المقبلة بشأن سياسات المكافآت مع اقتراب موعد منح الحوافز لعام 2009. وتتفق هذه الإجراءات مع مقتضيات قمة العشرين الثالثة التي انعقدت في بيتسبرج الأمريكية في الخامس والعشرين من أيلول (سبتمبر) الماضي.
وقال أدير تيرنر رئيس الهيئة للصحافيين «نحتاج إلى النظر إلى تلك الأرقام وسنتحدث إلى البنوك بشأن ما إذا كانت تلك التراكمات التي يصنعونها في الوقت الراهن تتماشى مع مستوى زيادة رأس المال التي نعتقد أنها مناسبة».
وقال تيرنر «إذا لم يكن الأمر كذلك فإننا سندخل في محادثات شاملة وصريحة معهم بشأن هذه الأشياء سواء بشأن مستوى تلك المكافآت المتراكمة أو الشكل الذي تدفع فيه». وأضاف قائلا «هذا إلى حد كبير جزء من المناقشات الإشرافية مع الشركات الرئيسية في الوقت الراهن».
وتوجد مؤشرات إلى أن المكافآت تتجه إلى مستوى أعلى مرة أخرى على الرغم من أن عديدا من البنوك تحتاج إلى دعم حكومي. وقال مركز أبحاث الاقتصاد والإعمال هذا الأسبوع إن الحوافز في المملكة المتحدة بلغت ستة مليارات جنيه استرليني في موسم المكافآت هذا العام مرتفعة من أربعة مليارات استرليني في 2008 لكنها ما زالت أقل من 10.2 مليار استرليني في 2007.
في الوقت ذاته، فرضت السلطات الأميركية الخميس مجموعة من القيود على رواتب القطاع المصرفي وعلى الشركات الكبرى التي أنقذتها الدولة من الإفلاس، الأمر الذي يعتبر استثنائيا في بلد المبادرة الحرة. وصدر القرار الأشد وطأة عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي)، الذي فرض على المصارف مراجعة سياسة المكافآت بحيث «لا تقوض» سلامتها المالية وصحة أوضاعها. وهذا القرار ليس سوى بداية عملية اعتبرت ضرورية لتصحيح أوضاع النظام المالي طبقا للالتزامات التي قطعتها الدول الصناعية والناشئة الكبرى العشرين لدى اجتماعها الشهر الماضي.
وبعدما قابلت الولايات المتحدة بتحفظ الاقتراحات الأوروبية القاضية بالحد من المكافآت التي تمنحها المصارف، تبدو الآن مصممة على أن تكون قدوة بعدما اعترفت بحصتها الكبرى من المسؤولية في اندلاع الأزمة المالية. ولفت الاحتياطي الفيدرالي إلى أن «ممارسات القطاع المالي على صعيد المكافآت كان واحدا من العوامل الكثيرة التي ساهمت في الأزمة». وحض المصارف على الشروع فورا في مراجعة سياستها في هذا المجال دون انتظار صدور المذكرة التي يأمل في تبنيها بشكل سريع، وإلا تعرضت هذه المصارف لعقوبات.
اما الشق الثاني من حملة السلطات الأميركية على الرواتب والمكافآت فصدر عن الحكومة الفيدرالية التي قررت فرض تخفيض قوي في رواتب مسؤولي الشركات السبع التي حصلت على أكبر قدر من المساعدات من الدولة منذ 2008 وصلت إلى حد أقرب إلى التأميم، وذلك اعتبارا من الشهر المقبل.
وجاء في «التوصيات النهائية» الصادرة عن كينيث فاينبرج الذي كلفه الرئيس باراك أوباما مراقبة الرواتب في هذه الشركات، أنه سيجب عليها تخفيض مجموع رواتب مسؤوليها الـ 25 الذين يتقاضون أعلى الرواتب بنسبة 50 في المائة اعتبارا من الشهر المقبل. وتفرض هذه التوصيات التي قد تطول في مرحلة أولى 175 شخصا، تخفيض الرواتب التي يتقاضاها المسؤولون نقدا بنسبة 90 في المائة، بالتزامن مع منح أسهم للموظفين. ولن يكون من الممكن لمسؤولي الشركات المعنية بيع الأسهم التي يحصلون عليها قبل عدة سنوات من أجل ضمان إدارة ناجعة للشركات على المدى البعيد. وقال فاينبرج إنه أخذ علما بـ «استياء» الأمريكيين عند مساعدة هذه الشركات لإنقاذها من الإفلاس، موضحا أنه لن يكون هناك «مكافآت تلقائية» لموظفيها.
وتشمل صلاحيات فاينبرج شركتي كرايسلر وجنرال موتورز للسيارات وشركتي الخدمات المالية جي إم إيه سي وكرايسلر فايننشال ومصرفي سيتي غروب وبنك أميركا وشركة التأمين ايه آي جي. والتنظيمات التي يصدرها ليست ثابتة بل موقنة، إذ إن الشركات المعنية تخضع لها طالما أنها مدينة للدولة. وقد أعلنت السلطات عزمها التخلي عن مساهمتها في هذا الشركات في أسرع وقت ممكن، غير أن أوباما اعتبر رغم ذلك أن فاينبرج «اجتاز مرحلة مهمة». من جهته، أشار فاينبرج إلى أن تفويضه «محدود» معبرا عن أمله في أن تتبنى هيئات ضبط النظام المالي وجميع الشركات الأمريكية «طوعا» هذه المعايير.
من جهة أخرى، قال بول تاكر نائب محافظ بنك إنجلترا المركزي أمس الأول، إن بريطانيا تواجه خطر نمو اقتصادي ضعيف مع تعافيها من الركود وإن قوة الانتعاش لن تتضح حتى الصيف المقبل. وأضاف تاكر في كلمة أمام مسؤولين ماليين في لندن أنه أمكن على الأرجح تفادي كارثة اقتصادية، لكن من المبكر جدا القول إن التضخم سيظل دون المستويات المستهدفة بسبب فترة من النمو الضعيف. وقال تاكر «أحد أكبر الأسئلة هو هل الانتعاش - بالنظر إلى سياسة التحفيز- سيكون ضعيفا أم أننا نستطيع الوصول إلى النمو اللازم لاستيعاب الضعف في الاقتصاد والضروري لتحسين الضغوط النزولية على التضخم؟». وأضاف تاكر أن هذا السؤال سيهيمن على المراجعة الفصلية في تشرين الثاني (نوفمبر) لتوقعات البنك المركزي البريطاني للنمو والتضخم. وقال «لكنني أخشى أننا ربما لن نكون أكثر وضوحا بشكل كبير بشأن الاتجاهات العامة على الأقل حتى أواخر الربيع أو بداية صيف العام المقبل».
لكن سيتعين على البنك المركزي أن يتخذ قرارا بشأن مستقبل برنامج التخفيف الكمي البالغ قيمته 175 مليار جنيه استرليني قبل ذلك الموعد لأن الشريحة الأخيرة من الأموال المخصصة لمشتريات السندات ستنفق الأسبوع المقبل. وقال تاكر إن نطاق ذلك البرنامج قام جزئيا على أساس تجنب كابوس انهيار اقتصادي تنحسر الآن احتمالات حدوثه.