رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


برنامج 10 10X وإذكاء روح المنافسة لتعزيز مقومات الاقتصاد الوطني

لا يستطيع أحد أن يقول إنني سريع دون معرفة سرعته وفق مقياس معتمد ومقارنة النتيجة بمتوسط سرعة أترابه وبالأرقام القياسية العالمية المحققة في البطولات الأولمبية, فالمقارنة تبين موقعه فيما إذا كان بطيئا جدا أو بطيئا أو متوسط السرعة أو سريعا أو سريعا جدا، وإذا أراد المنافسة لتحقيق مراكز متقدمة فعليه أن يقتدي بما فعل الآخرون من تغيير في أسلوب حياتهم وفي تغذيتهم وفي تمارينهم للوصول إلى ما وصلوا إليه ومن ثم تجاوزهم، وهذا يعني بكل بساطة أن المقاييس والمؤشرات المرجعية تلغي الانطباعات الشخصية بالتفوق, كما تذكي روح المنافسة لتعزيز مقومات النجاح والتقدم.
أحببت أن أستهل مقالتي بهذه الفقرة بعد أن وردتني ردود متباينة حول مقالتي التي نشرتها في أواخر شهر رمضان المبارك بعنوان ''برنامج 10 × 10 وضرورة معالجة الإدراك السطحي لأبعاده'', بعد أن حققت بلادنا المركز 13 في تقرير أداء الأعمال الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية, حيث التقليل من حجم الإنجاز ما زال قائما لدى البعض حول أهمية هذا المؤشر في تحسين البيئة الاستثمارية في بلادنا, وكونه لا يعدو إحدى آليات العلاقات العامة لتحسين صورة الهيئة العامة للاستثمار, وهو أمر مؤلم حقيقة, لأننا لم نقف عند عجزنا عن دعم العاملين لتحقيق أهدافهم النبيلة بل تجاوزنا ذلك لنثبطهم عن العمل بعدم تقدير منجزاتهم, والتقدير محفز مهم لمزيد من الإنجاز. وبتشكيكنا فيما يقومون به دون معرفة معقولة, ولا أقول عميقة لرؤيتهم ورسالتهم وفكرهم وبرامجهم وإنجازاتهم وتطلعاتهم، نعم فأغلبنا ـ ومع الأسف الشديد ـ لا يكلف نفسه عناء البحث قبل تحديد موقفه وقبل الكتابة أو التعليق على ما ينشر أو يبث, رغم أن التقنية جعلت البحث دون عناء, فكل ما علينا أن نبحث في (النت) لنجد فيضا لا حدود له من المعلومات.
من ناحيتي ككاتب في الشأن الاقتصادي أرى أن مهمتي لا تنحصر في النقد (التحليل والتشخيص وطرح الحلول المقترحة), بل أرى أن من صميم مهمتي تقدير الجهات والأفراد أصحاب المنجزات وتقديمهم كنماذج وحث الجهات ذات الصلة برؤيتهم ورسالتهم وخططهم وأنشطتهم للتعاون والتكامل معهم لتعزيز قدراتهم لتحقيق مزيد من المنجزات لمصلحتنا جميعا. لا شك أن الهيئة العامة للاستثمار تعد من الأجهزة الحكومية النشطة التي تقوم برسالتها برؤية واضحة وأهداف محددة ومقيسة بمقاييس ومعايير دولية محايدة ما جعلها تنجح مع شركائها في القطاعين الحكومي والخاص في تحسين البيئة الاستثمارية في بلانا والترويج لها, وهو ما يجعلني أعمل على إبراز نجاحاتها تقديرا للقائمين عليها لحثهم على مزيد من العطاء والإنتاج والإنجاز والتقدم, كما أعمل على تعريف شركائها في تحقيق أهدافها بفكرها وتطبيقاتها وإنجازاتها وتطلعاتها لينهضوا بمسؤولياتهم على أكمل وجه ودون تأخير لتحقيق هدفنا الوطني الشمولي بتحسين بيئتنا الاستثمارية لتوطين أموالنا الوطنية وجذب الأموال الخارجية لضخها في شرايين اقتصادنا لتعزيز قاعدة الإنتاج الوطني, وتوليد مزيد من الفرص الاستثمارية والوظيفية, وهو هدف لايمكن للهيئة العامة للاستثمار تحقيقه دون تعاون جميع شركائها معها وبالدرجة نفسها من الاهتمام والحماس.
وهنا أود الإشارة الى قضية مهمة وهي أن الهيئة العامة للاستثمار في بلادنا تقوم بمهمة مزدوجة وهي تحسين البيئة الاستثمارية والترويج لفرصها الاستثمارية, بخلاف الهيئات في الدول المتقدمة التي تنحصر مهمتها في الترويج للفرص الاستثمارية في بلدانها على اعتبار أن البيئة الاستثمارية محسنة دون الحاجة إلى تحفيز ـ كما هو الوضع في بلادنا ـ وهو ما يستدعي ضرورة رفع مستوى الضخ الإعلامي لا باعتباره وسيلة لتحسين صورة الهيئة العامة للاستثمار بإبراز إنجازاتها ـ كما يظن البعض ـ بل باعتباره أداة استراتيجية مهمة لتحقيق الهدف الذي يسبق الترويج والمتمثل في تحسين البيئة الاستثمارية بشكل حقيقي على أرض الواقع لا على صفحات الإعلام, فالمستثمر لا تقنعه الأقوال بقدر ما تقنعه الأفعال, ولا يقنعه ما هو مكتوب على صفحات الصحف بقدر ما يقنعه ما هو قائم على أرض الواقع.
الهيئة العامة للاستثمار والجهات الحكومية ذات العلاقة ومن خلال برنامج 10 X 10 حققت المركز الـ 13 لبلادنا في تقرير أداء الأعمال, وهو تقرير يركز على المدخلات والعمليات, حيث يقيس عشرة مؤشرات فرعية في غاية الأهمية تفحص جودة مدخلات البيئة الاستثمارية وعملياتها وكفاءتها في ثلاثة محاور (عدد الإجراءات، الوقت، والتكلفة), كما حققت أيضا لبلادنا المركز الـ 14 في تقرير الاستثمار العالمي (الأونكتاد), الذي يقيس المخرجات (نتائج تحسن البيئة الاستثمارية) المتمثل في ارتفاع حجم التدفقات المالية الأجنبية (الاستثمارات الأجنبية) حيث وصلت إلى 38.2 مليار دولار حسب تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في أيلول (سبتمبر) عام 2009.
إذن نحن أمام نجاحات على مستوى المدخلات والعمليات التي يقيسها مؤشر تقرير الأعمال ونجاحات على مستوى المخرجات التي يقيسها تقرير الاستثمار العالمي, وهي تقارير عالمية محايدة لا يستطيع أن يشكك فيها أحد لدقة أدواتها ونتائجها، كما أننا أمام إخفاقات في أربعة مؤشرات فرعية لمؤشر سهولة أداء الأعمال, وهي مؤشرات التوظيف (من 45 إلى 73) والحصول على الائتمان (من 59 إلى 61)، وإنفاذ العقود (من 137 إلى 140) وتصفية النشاط التجاري (من57 إلى المركز 60), فهناك تراجع رغم المواقع المتأخرة سابقا, وفي ظني أن هذه المؤشرات ستذكي روح المنافسة لدى الأجهزة الحكومية والخاصة كافة ذات الصلة بهذه المؤشرات الفرعية لمعالجة أسباب التراجع لتعزيز مقومات اقتصادنا الوطني بأسرع وقت, وهنا تكمن أهمية هذه المؤشرات, لأنها تحفز الجميع على إجراء التغيرات المطورة للواقع المتأخر لتحقيق مراكز متقدمة بتبادل المعرفة والخبرات مع المنافسين ومع الجهات المصدرة لهذه التقارير للبحث في أفصل سبل الإصلاحات المعالجة للاختلالات من حيث الكم والنوع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي