الزراعة السعودية من تقليدية إلى استثمارية
<a href="mailto:[email protected]">Kalfuhaid@hotmail.com</a>
ارتبطت الزراعة بالإنسان منذ أوجده الله سبحانه وتعالى على وجه البسيطة، وتولدت لديه خبرات في كيفية الزراعة والحصاد رغم تواضعها نتيجة لتجاربه بالمحاولة والخطأ وملاحظته للبيئة من حوله، وفي هذه البلاد بدأت الزراعة منذ القدم وكان الهدف الرئيسي لها تأمين الاحتياجات من الغذاء والكساء، والإيواء، وكان هذا النشاط يعتمد في عملياته الزراعية على الطرق البدائية في الري والحراثة والحصاد باستخدام الحيوانات التي كانت عاملا مساعدا في تلك العمليات، وكانت هي وسائط النقل لنقل المنتجات الزراعية للأسواق، وكانت العامل المساعد في التجهيز فيما بعد الحصاد، واستخدمت الطرق البدائية في حفظ مخرجات نشاط الزراعة مثل تجفيف اللحوم والتمور والفواكه الأخرى وكذلك مشتقات الألبان. وبالأمس كان المزارع يدفع ثمن فاتورة احتياجاته ومستلزماته اليومية له ولأفراد أسرته بجزء من منتجاته يتم دفعها بعد جني المحصول. وكان النشاط الزراعي يتسم بالبساطة في مفاهيمه الإنتاجية والتسويقية. وأدركت الدولة أهمية التقنية للتوسع في الزراعة وكانت هناك محاولة جادة لاستخدام التقنية بدأت عام 1927م تتمثل في إصدار أمر ملكي لإعفاء الآلات والمكائن الزراعية من الرسوم الجمركية الغرض منه تشجيع استخدام التقنية. وتواصلت الجهود لدعم وتشجيع التقنية في المجال الزراعي وبرز البنك الزراعي عام 1961م كمؤسسة داعمة لهذا النوع من التقنية. ومع التغير الاقتصادي في المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية حقق القطاع الزراعي تطوراً ملموساً حدثت معه تغيُّراتٍ هيكلية، جاءت مواكبةً للأهداف الاستراتيجية للخطط التنموية الخمسية لهذا القطاع. وأحدثت تغييرً حقيقياً في البنية الاقتصادية من خلال تنويع القاعدة الإنتاجية بزيادة الإنتاج الزراعي المحلي وتحسين الكفاءة الاقتصادية والتسويقية الزراعية مما أدى إلى زيادة الإنتاج بشقيه الحيواني والنباتي، ورفع مستوى معيشة المواطن في المناطق الريفية، وتوفير فرص عمل جديدة لهم، وتهيئة هذا القطاع للتعامُل بمرونة وكفاءة مع التطورات والمستجدات المحلية والإقليمية والدولية. ومع تلك التغيرات اختلفت الأهداف للنشاط الزراعي وتحول من قطاع تقليدي سمته البدائية إلى قطاع استثماري سمته التطور والتكيف مع المتغيرات المحيطة وشجع ذلك القطاع الخاص للدخول والاستثمار باستخدام التقانات الحديثة مما تحقق معه الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الزراعية الرئيسية، وكذلك التصدير في البعض منها، وتنوعت المجالات المتعددة المتصلة بالقطاع الزراعي مثل الثروة الحيوانية والأسماك والبيوت المحمية إضافة إلى المحاصيل الحقلية مثل القمح والتمور وغيرها. وقد تحولت المزارع في المملكة من مزارع صغيرة تقليدية إلى مزارع ومشروعات استثمارية تستخدم التقنية بأوجهها المختلفة. وصاحب هذه النقلة تعقيدات متشابكة وتغير في المفاهيم الإنتاجية والتسويقية تتطلب مواجهتها بالتكتل وتحسين جودة المنتج ومتابعة كل ما هو جديد في سوق مدخلات ومخرجات هذا القطاع، وعبر هذه الحقبة من الزمن التي مر بها القطاع الزراعي يستمر كرفيق على الطريق مع الفرد السعودي وإرث تتوارثه الأجيال في هذه البلاد.