الإمارات تشعل سباقا إقليميا لتوليد الكهرباء النووية

الإمارات تشعل سباقا إقليميا لتوليد الكهرباء النووية

يمكن أن يشعل البرنامج الضخم الذي أعلنته الإمارات لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية سباقا بين دول الخليج العربية للحصول على موارد طاقة ذرية محدودة للوفاء بالطلب المتزايد على الكهرباء وتحرير المزيد من النفط بغرض التصدير.
وتأمل الإمارات في افتتاح أول مفاعل نووي في دول الخليج العربية عام 2017 في إطار برنامج نووي تكلفته 40 مليار دولار من شأنه أن ينافس لاجتذاب المهندسين والحصول على المعدات النووية لعقود ويمثل سابقة بين دول مجلس التعاون الخليجي الغنية، ومن المتوقع أن تمنح البلاد عقدا لبناء مفاعلات نووية قريبا.
ويقول محللون في مجموعة أوراسيا في رسالة بالبريد الإلكتروني «سيتم الشعور بالتأثير الكبير إذا حذت دول أخرى في المنطقة حذو الإمارات وتبنت أسلوب توليد الكهرباء بالطاقة النووية، ونعتقد أن هذا سيحدث وأن يمثل مجلس التعاون الخليجي سوقا للكهرباء المولدة بالطاقة النووية ينمو بشكل إيجابي جدا هذا إن لم يصل إلى حجم أسواق كبيرة مثل الصين والهند».
وأثارت مخاوف متزايدة بشأن الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تنبعث أثناء حرق النفط والغاز والفحم إضافة إلى تذبذب أسعار الوقود اهتماما متجددا بالكهرباء النووية في شتى أنحاء العالم.
وأظهرت الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي ـ السعودية، الإمارات، البحرين، الكويت، قطر، وعمان - اهتماما باستخدام الكهرباء النووية للوفاء بالطلب المحلي المتزايد على الكهرباء ولتحرير المزيد من النفط والغاز للتصدير، ولكن عقودا من الركود حدت من قدرة صناعة الطاقة النووية بتلك البلاد على الوفاء بالطفرة في الطلب على عناصر الخبرة والمعدات مما يمكن أن يؤدي إلى منافسة بين البلدان صاحبة الطموحات النووية الكبيرة.
ويقول ايان هور- لاسي من الرابطة النووية العالمية «أول جيل لديكم من المتخصصين النووين المحترفين بدأ يشيب، «بالطبع هناك دائما منافسة للحصول على الموارد وعلى قدرة التصنيع ولكن تلك ليست مهمة مستحيلة بأي حال».
وأثار رفض إيران وقف تخصيب اليورانيوم رغم موافقتها على شراء الوقود اللازم لمحطتها النووية الجديدة من روسيا شبهات لدى القوى الكبرى حول برنامج طهران النووي. وتعهدت الإمارات بالفعل بشراء احتياجاتها من الوقود النووي في مسعى لتهدئة قلق الغرب من استخدام منشآت تخصيب اليورانيوم لإنتاج مواد تصلح لصنع أسلحة.
وقال دانييل فريفيلد وهو زميل متخصص في شؤون الطاقة لمركز القانون والأمن في جامعة نيويورك «طالما أن هناك قدرا كافيا من الشفافية والرقابة وأن الوقود يتم استيراده فإنني أرى أن الأرجح هو أن تشعل خطة الإمارات سباقا إقليميا للحصول على الطاقة النووية وليس الأسلحة النووية».
ومن شأن حصول خطة الإمارات على دعم دولي وبخاصة من الولايات المتحدة حليفتها الاستراتيجية أن يمثل تناقضا مع الموقف من برنامج طهران، ويمكن لقوى غربية أن تشير إلى الإمارات التي تقع قبالة إيران على الجانب الآخر من مضيق هرمز كمثال على السعي للحصول على الكهرباء النووية دون أن يراها العالم كتهديد عسكري، وقال محللو أوراسيا «تحاول دولة الإمارات أن تقدم نفسها كنموذج للطريقة التي يمكن من خلالها لبلدان الشرق الأوسط تطوير الطاقة النووية - على عكس إيران».
وعانت بعض الدول المجاورة للإمارات من هجمات إرهابيين لذا فمن المحتمل أن تظل المخاوف بشأن حماية المنشآت النووية قائمة رغم تأكيدات المسؤولين عن الصناعة . وقال هور لاسي «المحطات النووية هدف بالغ الصعوبة للإرهابيين وفيما يختص بمخاوف الانتشار فإنني أعتقد أن جميع تلك المخاوف سيتم التعامل معها. «ولا يمكن حقا لدولة لديها مفاعلات ماء خفيف أن تسيء استخدامها بأي طريقة».
ويبدو أن أبو ظبي لديها الأموال والحافز للمضي قدما في البرنامج الذي تبلغ تكلفته 40 مليار دولار. وتتوقع الإمارات وهي ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم أن ينمو طلبها المحلي على الكهرباء من نحو 15 ألف ميجاوات في 2008 إلى 40 ألف ميجاوات في 2020 إذ يقود النفط نمو السكان والاقتصاد في منطقة يحتاج سكانها إلى تشغيل أجهزة التكييف على مدار الساعة. ولكن إمدادات الغاز يمكنها فقط أن تنتج من 20 ألف ميجاوات إلى 25 ألف ميجاوات مخلفة فجوة كبيرة.
وتقول جنيفر إيفانز محللة أسواق الطاقة لدى مؤسسة وود مكنزي للاستشارات «خلاصة الأمر أنه دون الطاقة النووية قد لا يتاح ما يكفي من إمدادات الوقود لقطاع الكهرباء مما سيعوق التنمية الاقتصادية».
ومن شأن استهلاك النفط في محطات الكهرباء أن يخفض صادرات الإمارات من النفط التي تمثل نحو 80 في المائة من الإيرادات الحكومية. وقالت الإمارات في مذكرة عن السياسة النووية العام الماضي إن من شأن الاعتماد بشكل كبير على الوقود السائل لتوليد الكهرباء في المستقبل أن تكون له تكاليف اقتصادية باهظة.
ومن المتوقع أن تبني الإمارات ثلاثة أو أربعة مفاعلات في المرحلة الأولى وهو أمر جيد بالنسبة للمؤسسات المحلية والدولية التي تتطلع لإمداد تلك المفاعلات وبنائها، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المفاعلات الواحد تلو الآخر وأن يفصل بين كل منها نحو 18 شهرا بحسب الطلب على الكهرباء.
وأي طاقة كهربائية زائدة يمكن استخدامها لتغذية شبكة تربط بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهناك ثلاثة اتحادات شركات تتنافس للفوز بالعقد وهي مجموعة فرنسية مكونة من «أريفا»، «جي دي إف سويز»، و«توتال» ومجموعة من كوريا الجنوبية وتضم مؤسسة الطاقة الكهربائية الكورية الجنوبية وهيونداي للهندسة والإنشاءات وشركة سامسونج سي آند تي إلى جانب عرض مشترك لشركة جنرال إلكتريك ومقرها الولايات المتحدة وهيتاتشي اليابانية، ومن المرجح أن يتم منح العقد بعد منتصف تشرين الأول (أكتوبر).

الأكثر قراءة