أوروبا تدعو أمريكا إلى عدم ترك الدولار «يتدنى كثيرا»

أوروبا تدعو أمريكا إلى عدم ترك الدولار «يتدنى كثيرا»

عدت مجموعة الدول السبع الغنية أن التقلبات الشديدة في أسواق الصرف الأجنبي قد تلحق الضرر بالاقتصاد والنظام المالي العالمي، وجددت ترحيبها بتعهد الصين المضي قدما صوب إتاحة المزيد من المرونة في عملتها اليوان.
وجاءت لهجة البيان الختامي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة السبع عقب اجتماعهم في إسطنبول مطابقة تقريبا فيما يخص العملات للبيان الذي أعقب اجتماعهم السابق في نيسان (أبريل).
وقال البيان «التقلبات الزائدة على الحد والتحركات غير المنتظمة في أسعار الصرف لها آثار سلبية في الاستقرار الاقتصادي والمالي. نواصل مراقبة أسواق الصرف من كثب والتعاون حسبما يقتضي الأمر».
وطرح الأوروبيون موضوع الدولار الذي يدعون إلى رفع قيمته بالنسبة لليورو، وهو من المواضيع النادرة التي لا تزال حكرا على نادي البلدان الثرية. وقالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاجارد يوم الجمعة «الجميع بحاجة إلى دولار قوي»، ملخصة بذلك رأي جميع زملائها الأوروبيين المجتمعين في جوتنبرج في السويد عشية قمة مجموعة السبع.
ويرسل الأوروبيون إشارات منذ بضعة أيام إلى الولايات المتحدة لحضها على تشجيع ارتفاع قيمة الدولار مقابل اليورو. وقال وزير المالية البلجيكي ديدييه رايندرز «إن كان لدينا عملة قوية، فهذا مؤشر إلى اقتصاد قوي».
من جهته، قال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية خواكين المونيا «نعلم ما هو موقف السلطات الأمريكية بالنسبة للدولار ويلفتنا كثيرا حين يفصحون عن هذا الرأي علنا». كذلك وجه رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه في إسطنبول دعوة مبطنة إلى السلطات الأمريكية من أجل ألا تدع عملتها تتدنى كثيرا.
وطمأن وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جايتنر إلى حد ما مخاوف الأوروبيين فأشار الخميس إلى أنه «من المهم بالنسبة لهذا البلد أن يكون الدولار قويا».
والواقع أن الدولار المعتمد كعملة مرجعية في العالم عاد الخميس إلى الارتفاع لكن ذلك كان نتيجة صدور مؤشرات أمريكية سيئة بالنسبة إلى الوظائف أكثر منه نتيجة تصريحات جايتنر.
وقالت مسودة بيان لمجموعة الدول السبع الغنية أمس إن الاقتصاد العالمي يتعافى لكنه هش وحذرت المسؤولين من سحب التحفيز قبل الأوان. وقالت المسودة التي أعدها ممثلو مجموعة السبع وحصلت عليها رويترز «نراقب التطورات الاقتصادية للتأكد من عدم تصفية إجراءات الدعم بشكل سابق لأوانه قبل أن يتوطد التعافي العالمي بوضوح».
وقال مسؤول في مجموعة السبع للدول الغنية إن المجموعة تبحث مستقبلها كمؤسسة إذ تدعو الولايات المتحدة إلى إنشاء مجموعة أساسية أصغر ستضم الصين.
وأضاف المسؤول أن واشنطن تريد أن تستبدل بمجموعة السبع في صناعة سياسة الاقتصاد العالمي مجموعة من أربعة أطراف هي الولايات المتحدة وأوروبا والصين واليابان. وكان المسؤول يتحدث قبيل اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة السبع في إسطنبول.
وأحجمت متحدثة باسم الخزانة الأمريكية عن التعليق. وقال وزير المالية البريطاني أليستير دارلنج «هذه المقترحات متداولة منذ فترة طويلة .. ينبغي ألا نخرج منها باستنتاجات جامحة». وأضاف «موقفنا ليس حل مجموعة السبع». ولمح مسؤولون آخرون إلى استمرار مجموعة السبع لكن بدور أقل.
وقال يورج أسموسن نائب وزير المالية الألماني «سنناقش كيف ستستمر مجموعة السبع وكيف سيكون دورها في المستقبل .. على سبيل المثال تواتر اجتماعات المجموعة». وأضاف «من وجهة النظر الألمانية ينبغي أن تكون مجموعة السبع مثل جهاز تحضيري» لاجتماعات مجموعة العشرين التي تشمل اقتصادات نامية كبيرة مثل الصين والهند. وهيمنت مجموعة السبع على صناعة السياسة الدولية أكثر من عشر سنوات. لكن الأزمة المالية قوضت نفوذها حيث أصبح لاقتصادات نامية كبيرة مثل الصين دور مهم في إدارة التعافي العالمي. ومن المرجح أن ينطوي أي تحرك رسمي لاستبدال مجموعة السبع المؤلفة من بريطانيا، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، والولايات المتحدة على تعقيدات دبلوماسية وأن يثير جدلا كبيرا.
ويلتقي كبار المسؤولين الماليين للمجموعة عدة مرات في السنة لمحاولة توجيه أسعار الصرف الأجنبي والأسواق الأخرى عن طريق بيانات تصدر بعد اجتماعاتهم. لكن دور المجموعة بدا موضع شك منذ أصبحت مجموعة العشرين في وقت سابق هذا العام المنتدى الرئيسي لمناقشة الأزمة المالية. وتوصلت مجموعة العشرين إلى اتفاق من حيث المبدأ على تشديد قواعد التنظيم المالي ومحاولة تقليل الاختلالات التجارية التي تزعزع استقرار الاقتصاد العالمي.
ونقلت أمس مجلة ايمرجينج ماركتس عن دومينيك ستراوس كان رئيس صندوق النقد الدولي قوله «مجموعة السبع ليست ميتة تماما لكنها تفقد أهميتها .. إنها في سبيلها إلى الانقراض».
وتبرز التوترات بشأن أسعار صرف العملات حجم الصعوبات التي تواجهها مجموعة السبع للاستمرار في قلب صناعة السياسات العالمية.
وينظر إلى إقناع الصين برفع قيمة عملتها اليوان الخاضعة لسيطرة شديدة كشرط أساسي لتصحيح الاختلالات التجارية لكن الصين ليست عضوا في مجموعة السبع. وأبدت اليابان حرصا على المحافظة على مجموعة السبع كجهاز مهم. وكان ماساكي شيراكاوا محافظ بنك اليابان (المركزي) قال يوم الجمعة إن مجموعة السبع لا تزال منتدى أنسب من مجموعة العشرين لمناقشة أسعار الصرف نظرا لأن كل أعضاء السبع لديهم أسواق مالية كبيرة. لكن دولا أخرى بدت غير مقتنعة. فقد قال جيم فلاهرتي وزير المالية الكندي إن بحث الاختلالات العالمية لابد أن يشمل اليوان وتأثير ضعف الدولار في الاقتصادات الأخرى مما يعني ضرورة مد نطاق المناقشات العالمية بشأن العملات إلى دائرة أوسع من مجموعة السبع.
من جهة أخرى، دعت مجموعة الـ 24 أمس إلى زيادة الحصص أو الاكتتابات في صندوق النقد الدولي لمثليها على الأقل وذلك لتدبير المزيد من الأموال للمقرض العالمي وإحداث تحول كبير في ميزان التصويت من الدول المتقدمة إلى النامية.
وقالت المجموعة التي تضم اقتصادات صاعدة ونامية انه ينبغي إحداث تحول بنسبة 7 في المائة في الحصص من الدول المتقدمة إلى النامية. وكانت مجموعة العشرين للاقتصادات المتقدمة والصاعدة اتفقت في بيتسبرج الشهر الماضي على دعم تحول لا يقل عن 5 في المائة في الحصص.
وقالت مجموعة الـ 24 قبيل اجتماعات للبنك الدولي وصندوق النقد في إسطنبول «إعادة توزيع الحصص يجب ألا تكون على حساب دول نامية أخرى».

الأكثر قراءة