هيكلة ديون الصانع مع البنوك السعودية تخفض التأمين على الائتمان في الخليج
أفادت مصادر مصرفية أمس أن عقود مقايضة مخاطر الائتمان في البنوك السعودية وبنوك المنطقة بشكل عام، تراجعت بنسب ملحوظة وذلك في أعقاب الأنباء عن تسوية هيكلة ديون البنوك السعودية لمجموعة سعد المملوكة لرجل الأعمال معن الصانع.
وأوضحت «سي. إم. إيه» لمعلومات الائتمان، أن هامش عقود مقايضة مخاطر الائتمان تراجع بشكل ملحوظ في عدة بنوك في الشرق الأوسط بعد تنامي الأنباء عن تسوية لإعادة هيكلة الديون بين البنوك السعودية ومجموعة سعد القابضة. وكانت مصادر مصرفية قد أوضحت أن لجنة توسطت في اتفاق تسوية ديون بين مجموعة سعد ودائنين محليين.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
أفادت مصادر مصرفية أمس أن عقود مقايضة مخاطر الائتمان في البنوك السعودية وبنوك المنطقة بشكل عام تراجعت بنسب ملحوظة وذلك في أعقاب الأنباء عن تسوية هيكلة قروض البنوك السعودية لمجموعة سعد المملوكة لرجل الأعمال معن الصانع.
وأوضحت «سي. إم. إيه» لمعلومات الائتمان أن هامش عقود مقايضة مخاطر الائتمان تراجع بشكل ملحوظ في عدة بنوك في الشرق الأوسط بعد تنامي الأنباء عن تسوية لإعادة هيكلة الديون بين البنوك السعودية ومجموعة سعد القابضة.
وكانت مصادر مصرفية قد أوضحت أن لجنة توسطت في اتفاق تسوية ديون بين مجموعة سعد ودائنين محليين.
وتراجع هامش عقود مقايضة مخاطر الائتمان في بنك الرياض 40 نقطة أساس أي بنسبة 16 في المائة إلى 210 نقاط. وتراجعت هوامش عقود مقايضة المخاطر في بنوك أخرى في المنطقة من بينها البنك الأهلي التجاري وبنك البحرين والكويت والمؤسسة العربية المصرفية وبنك أبو ظبي الوطني ما بين 6.9 و15.62 في المائة.
أمام هذه الأنباء، أوضح لـ «الاقتصادية» نبيل المبارك مدير عام شركة سمة لمعلومات الائتمان، أن التراجع في عقود مقايضة الائتمان طبيعي جدا مع الأنباء عن تسوية ديون مجموعة سعد، لكن المبارك يعتبر الوقت مبكرا جدا لحدوث تراجع فعلي «فالصفقة تمت يوم الأربعاء والبنوك السعودية أغلقت أبوابها للإجازة ولا أعتقد بحدوث صفقات في عقود مخاطر الائتمان».
ويؤكد المبارك أن التسوية التي تمت مع البنوك السعودية تعكس حرص المصارف المحلية على الضمانات، «حيث لاحظنا أن الصانع باع حصته في بعض البنوك لإتمام التسوية وفقا للضمانات التي كانت تشترطها البنوك السعودية. ويذهب المبارك إلى جانب ثان، فهو يقول إنه في كل الأحوال فإن الإقراض في منطقة الخليج وفي السعودية على وجه التحديد سيأخذ منحى ثانيا في المرحلة المقبلة، ولن يتم الإقراض وفقا للأسماء (رغم أن بنوكنا في كل الأحوال ملزمة بالضمانات)، فالإقراض في المراحل اللاحقة سيتم وفقا للملاءة المالية للمقترض، ووفقا لإدارة واعية للمخاطر وحسب أسس علمية.
من جانبه، يتفق محمد القويز - محلل استثماري، والشريك المؤسس لشركة دراية المالية - مع ما ذهب إليه المبارك في طبيعة تراجع ضمانات مخاطر الائتمان في السعودية، ويعد القويز هذا الأمر إشارة من الأسواق إلى ارتياحها للتسوية، التي تعكس في الوقت ذاته حرص البنوك السعودية على وضع ضمانات عالية مع المقترضين.
الدكتور حسن العالي (اقتصادي بحريني) وضح عقود مقايضة مخاطر الائتمان، هي في جوهرها عقود تأمين (طرف يدفع رسوماً مقابل أن يتعهد الطرف الآخر بأن يدفع له قيمة الدين المؤمَّن عليه حال عجز المدين عن السداد. كيف أسهمت هذه الأدوات في الكارثة؟
فعندما يقرض البنك شخصاً، فإنه يحرص على أن يأخذ الضمانات الكافية للسداد؛ لأنه إذا أفلس المقترض فالمتضرر هو البنك. لكن ماذا إذا استطاع البنك أن يؤمن على القرض وينقل مخاطر الدين إلى طرف ثالث؟ في هذه الحالة لن يتضرر البنك من إفلاس المقترض؛ لأن الطرف الثالث يتعهد بدفع قيمة القرض كاملاً للبنك في هذه الحالة. وعليه فليس للبنك ما يكفي من الحوافز للتأكد من ملاءة المقترض. ولذلك لم تجد البنوك صعوبة في إقراض الفئات الأقل جدارة subprime؛ لأن المخاطر يتحملها غيرهم، غالباً شركات التأمين وصناديق التحوّط.
ويضيف العالي: لكن ما مصلحة شركات التأمين وصناديق التحوط في التأمين على هذه القروض؟
أولاً: الرسوم النقدية التي تحصل عليها، وهي رسوم مغرية إذا كانت المحفظة كبيرة، كما أن حوافز المدراء تعتمد على مقدار الدخل المتحقق، ولذلك كلما زادت الرسوم زادت الحوافز.
ثانياً: طالما كانت أسعار العقار أو الأصول التي يتم تمويلها في ارتفاع، فلن تكون هناك مخاطر تعثر؛ لأن المقترض يستطيع أن يعيد تمويل العقار بقرض جديد، أو يمكن بيع العقار لتسديد الدين والحصول على ربح إضافي. وأسعار العقار في الولايات المتحدة كانت في ارتفاع متواصل منذ 2000م، ولذلك لم يكن هناك ما يدعو للقلق من هذا الجانب. وهذا يبين كيفية نمو فقاعة الرهن العقاري. فالتأمين يشجع على الإقراض، والإقراض يسهم في رفع أسعار العقار، وارتفاع الأسعار يشجع على التأمين على القروض لانخفاض المخاطر، مما يشجع على المزيد من الإقراض، وهكذا. فأصبحت حلقة الإقراض والتأمين يغذي بعضها بعضاً، مما أدى إلى تضاعف حجم الفقاعة، خاصة خلال السنوات 2004 إلى أوائل 2007م، إلى أن انفجرت الفقاعة في صيف 2007م، وبدأ مسلسل الكارثة بالتتابع.
ثالثاً: إن المؤمّن يمكنه بيع المخاطر إلى آخرين، إما مفردة أو مركبة مع مخاطر أخرى، على شكل سندات تحاكي سندات القروض نفسها، ويحصل على رسوم إضافية مقابل ذلك. والمشتري لهذه السندات يمكنه بدوره بيعها، ومن ثم نقل المخاطر إلى آخرين. ولا يزال أعضاء السوق يتدافعون كرة الخطر فيما بينهم، كلٌّ يؤمل ألا تنفجر الكرة بيده. وكلما كان السوق أكبر واللاعبون فيه أكثر، كان احتمال انفجار كرة الخطر بيد أحدهم أقل، فيكون قبول هذه المخاطر أكبر. ولهذا كان تضخم السوق من مصلحة المجازفين، وهذا ما يفسر تضاعف سوق مخاطر الائتمان أكثر من ثماني مرات خلال السنوات 2004-2007م حتى وصلت إلى 62 تريليون دولار.