مستويات عالية من السيولة تشعل فتيل المكاسب في البورصات

مستويات عالية من السيولة تشعل فتيل المكاسب في البورصات

أسبوع حافل بالتطورات في الأسواق المالية شهد الدولار وهو يهوي إلى أدنى مستوى له منذ سنة، واخترق الذهب حاجز الألف دولار للأونصة، وسجلت مؤشرات الأسهم الرئيسية أرقاماً قياسية جديدة لعام 2009.
العامل الرئيس الذي كان السبب في هذه التحركات ظل الكمية الهائلة من السيولة في النظام المالي، كما يقول المحللون، وهي نتيجة للاستجابة العالمية من المالية العامة للأزمة التي أعقبت انهيار بنك ليمان براذرز قبل سنة بالضبط من الآن.
قالت لينا كوميلفا، رئيسة قسم اقتصادات مجموعة السبع في مؤسسة تاليت بريبون: ''الأسواق الرأسمالية تسبح في بحر من السيولة''. وأضافت: ''التحسن العالمي في ظروف الاستدانة بضمان القروض، الذي ظهرت علاماته في هبوط أسعار الفائدة في أسواق المال وتراجع سعر صرف الدولار، من المقرر لهما أن يكونا القاعدة التي تستند إليها الحركات التي تحبذ المخاطر، وهي اندفاع الأسهم والسندات الحكومية، وتراجع الفروق في أسعار الفائدة على الائتمان وعلى سندات الحكومات في بلدان الأسواق الناشئة، وارتفاع العملات ذات العوائد العالية''.
وبالفعل سجلت أسعار الفائدة بين البنوك على قروض الدولار واليورو والاسترليني أرقاماً قياسية جديدة نحو الأدنى يوم الجمعة. فقد هبط سعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر دون أسعار الفائدة المكافئة على الين والفرنك السويسري، بحيث أصبح الدولار أرخص عملة للتمويل في لندن.
من جانب آخر، تعززت مشاعر التفاؤل حول الاقتصاد العالمي بفعل التعهدات التي صدرت في الأسبوع الماضي من قبل وزراء المالية في مجموعة العشرين في سبيل المحافظة على السياسات الرامية إلى تعزيز التعافي الاقتصادي.
البيانات الاقتصادية التي صدرت في الصين والولايات المتحدة يوم الجمعة كان يبدو عليها أنها تساند المزاج العام الإيجابي، وأقفلت أسواق الأسهم هذا الأسبوع بتحقيق مكاسب قوية, كما ساعدت عودة النشاط في حركة الاندماج على تعزيز المزاج العام أكثر من ذي قبل.
بحلول منتصف يوم الجمعة في نيويورك كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في سبيله إلى تحقيق زيادة أسبوعية بنسبة 2.7 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 ارتفع بنسبة 3.3 في المائة، وفي لندن اندفع مؤشر فاينانشيال تايمز 100 إلى ما فوق 5000 نقطة. يذكر أن هذه المؤشرات الثلاثة جميعاً سجلت أرقاماً قياسية جديدة لهذا العام. وفي طوكيو ارتفع مؤشر نيكاي 225 بنسبة 2.5 في المائة. تمتعت أسهم الأسواق الناشئة حتى بمكاسب أكبر من الأسواق الأخرى. ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 4.5 في المائة، وهو أكبر ارتفاع أسبوعي له منذ شهر تموز (يوليو)، وارتفعت الأسهم الهندية بنسبة 3.7 في المائة، وقفز مؤشر مايسيكس Micex في موسكو بنسبة تزيد على 8 في المائة.
التحسن في بيئة المخاطر ساعد على تقليص الفروق بصورة حادة بين مبالغ التأمين على عقود الائتمان المتقابلة. أما مؤشر ماركِت آي تراكس Markit iTraxx Crossover، الذي ينظر إليه المراقبون من كثب على أنه مؤشر للعزوف عن المخاطر، فقد هوى بنسبة 60 نقطة أساس تقريباً ليصل إلى 556 نقطة أساس، وهي أدنى نقطة للمؤشر منذ الأسبوع الذي أعقب انهيار بنك ليمان براذرز. إضافة إلى ذلك، فإن مؤشر فيكس الذي يقيس تقلب الأسهم الأمريكية، والذي يوصف في الغالب على أنه ''مؤشر الخوف'' لدى ''وول ستريت''، فقد هبط بأكثر من 6 في المائة ليصل إلى 23.58 نقطة مع استئناف الأسهم مسيرتها الصاعدة. لكن كانت هناك علامات تشير إلى أن بعض علاقات الارتباط بين فئات الموجودات (التي شهدتها الأسواق منذ مطلع الاندفاع في المخاطر في الربيع الماضي) بدأت في التفكك.
روب كارنيل، وهو كبير الاقتصاديين المختصين بالاقتصاد الدولي لدى مؤسسة آي إن جي، ذكر أن كلاً من السندات الحكومية والأسهم في حالة اندفاع، على الرغم من الموجة الأخيرة من البيانات الأمريكية والعالمية التي فاقت التوقعات. وقال: ''لا تزال الأسواق تتصرف على نحو غريب''. وأضاف: ''إذا كان من الممكن العثور على أي جانب منهجي في اندفاع سوق الأسهم وهبوط العوائد على السندات، فإنه من الممكن أن يكون في التوقعات بأن الإجراءات التحفيزية التي طبقتها الحكومات في ذروة الأزمة لن يتم إلغاؤها في أي وقت قريب''.
هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 15 نقطة أساس على مدى الأسبوع ليصل إلى 3.28 في المائة، في حين أن العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات هبط بنسبة ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 3.23 في المائة، وهبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بنسبة نقطتي أساس ليصل إلى 3.60 في المائة. كذلك أشار بعض المحللين في أسواق العملات إلى أن الهبوط الذي سُجِّل هذا الأسبوع في مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له لم يكن عائداً إلى الاستجابة المعهودة للسوق على التحسن في شهية المخاطرة. كذلك اقترب الدولار إلى الهبوط دون مستوى 90 يناً، في حين أن اليورو قفز إلى ما فوق مستوى 1.64 دولار.
قال بنك باركليز كابيتال: ''من الواضح أن تراجع الدولار هذا الأسبوع لم يكن مرتبطاً بمجرد التحسن في ظروف المخاطر. فقد كان أداء العملات في بلدان الأسواق الناشئة في كثير من الحالات أقل من أداء العملات ذات الخطورة الأقل في مجموعة العشرة، كما أن عملات التمويل، مثل الين والفرنك السويسري، صمدت بصورة طيبة''.
أشرف العايدي، وهو كبير المحللين الاستراتيجيين للسوق لدى مؤسسة سي إم سي ماركتس CMC Markets، نسب الضعف الدوري في الدولار إلى مشتريات الذهب الصينية ومستويات مساندة الاختبارات الرئيسية لدى صناديق التحوط في مقابل اليورو والاسترليني والدولار الأسترالي.
وأضاف: ''الحقيقة القائلة إن النفط غير قادر على تجاوز مقاومة حاجز 72.40 دولاراً تشير إلى ضرورة الحذر في المبالغة في تفسير ضعف الدولار على أنه نتيجة لتحسن الشهية نحو المخاطر''.
تراجع النفط الخام عن سعر 72 دولاراً للبرميل يوم الجمعة، ولكنه مع ذلك تمكن من تسجيل زيادة مقدارها 4.4 في المائة على مدى الأسبوع.
لكن السلعة التي هيمنت على حركة أسواق السلع هذا الأسبوع كانت الذهب، حيث إن ضعف الدولار ساعد في النهاية على دفع السعر خلال حاجز الألف دولار للأونصة ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 17 شهراً. بالتالي سجل الذهب على مدى الأسبوع ارتفاعاً بنسبة 7.8 في المائة.
قال مايكل لويس من ''دويتشه بانك'': ''من رأينا أن بيئة أسعار الفائدة وبيئة أسعار صرف العملات تظل مساندة لمركب المعادن الثمينة''.

الأكثر قراءة