محلل ببورصة لندن للمعادن لـ«الاقتصادية»: التوقعات السعرية لـ «الكوبالت» متفائلة لكن بحذر

محلل ببورصة لندن للمعادن لـ«الاقتصادية»: التوقعات السعرية لـ «الكوبالت» متفائلة لكن بحذر
ارتفع إنتاج الكوبالت 17 % العام الماضي، بينما لم تتجاوز الزيادة في الطلب 12 %. المصدر: رويترز

في عصر تهيمن فيه التكنولوجيا على مجريات الحياة، وباتت السيارات الكهربائية وحلول الطاقة المتجددة في طليعة الابتكارات العالمية، برز عنصر واحد لا غنى عنه، هو الكوبالت، معدن هش فضي اللون مائل للأزرق، كان في السابق سلعة لا يعلم عنها إلا المختصون، أضحى اليوم محورا أساسيا في الاقتصاد العالمي، وأصبحت مناجمه والسيطرة عليها في قلب الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين.

تنبع أهمية الكوبالت من دوره الحاسم في بطاريات الليثيوم أيون ومصدر الطاقة للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والمركبات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة، وبفضل خصائصه الفريدة بات عنصرا أساسيا لهذه البطاريات.

ووفقا للتقديرات الدولية، فإن إنتاج المعدن ارتفع بنسبة 17 % العام الماضي، بينما لم تتجاوز الزيادة في الطلب 12 %، ما أدى إلى إغراق السوق في وقت تباطأ نمو الطلب العالمي على السيارات الكهربائية، ومن المرجح أن تشهد السوق فائضا في المعروض حتى عام 2028.

من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" آرثر دين محلل مالي في بورصة لندن للمعادن، إن "السيارات الكهربائية والبطاريات الإلكترونية تشكل الجزء الأكبر من الطلب على الكوبالت، والتوقعات السعرية المستقبلية للمعدن متفائلة لكن بحذر، فصناعة السيارات الكهربائية والبطاريات يمكنهما امتصاص الفائض الحالي، لكن القلق مصدره تكثيف الصين جهودها لإنتاج الكوبالت المكرر، وما يوجد فائضا ضخما بالأسواق ومن ثم انهيار الأسعار".

ولا يبدو الاتجاه العام للأسعار إيجابيا حتى الآن، إذ تراجع سعر الطن من 33 ألف دولار تقريبا في ديسمبر الماضي إلى 27732 دولارا حاليا، ويعتقد الخبراء أنه لا توجد مؤشرات على تحسن الأوضاع الاقتصادية في الصين، ما يعني أن الطلب على السيارات الكهربائية سيكون في أفضل الأحوال ثابتا نسبيا مع ميل للانخفاض، وسيؤدي ذلك لتراجع الطلب على الكوبالت.

وتدور توقعات أغلب الخبراء بأن السوق ستستعيد توازنها في غضون ثلاث سنوات.

مع هذا يعتقد إس. دي ديفيد الاستشاري السابق في بورصة لندن للمعادن، أن المشهد العام سيظل إيجابيا خلال الفترة المقبلة، رغم الأوضاع السعرية الراهنة.

ويقول دي لـ"الاقتصادية" إن "الازدهار الراهن في صناعة الطيران وارتفاع الطلبيات على بوينج وأيرباص بنسبة 50 % تقريبا خلال أول 11 شهرا من العام الماضي نتيجة انتعاش السفر الجوي، سيزيد الطلب على الكوبالت العام الجاري، إضافة إلى الانتعاش في الصناعات الدفاعية في الولايات المتحدة وأوروبا، فالدعم المقدم لأوكرانيا لمواصلة القتال مع روسيا، استنزاف كميات كبيرة من المخزون الاستراتيجي العسكري، وسيكون هناك طلب كبير لإعادة ملء المخزون الاستراتيجي، ما يزيد الطلب على الكوبالت".

ووسط تباين الآراء حول الأسعار المستقبلية للكوبالت، تواصل الصين الاستثمار بقوة في المعدن، وستمتلك أو تدير ما يصل إلى 60 % من إمدادات الكوبالت بحلول العام المقبل، مقابل 54 % حاليا.

من جانبها، تعتقد الدكتورة هيلن جوميز أستاذ التجارة الدولية، أن الأوضاع الصعبة التي تعانيها سوق الكوبالت ومعادن البطاريات الرئيسة الأخرى مثل الليثيوم والنيكل مفتعلة نسبيا بشكل أو آخر وتلقي باللائمة على الصين .

وقالت لـ"الاقتصادية" إن "شركات التعدين الصينية قامت برفع إنتاجها من الكوبالت بمعدل أكثر شراسة بكثير ما كان متوقعا، ما ترك المنتجين الغربيين يغلقون المناجم ويخفضون الإنتاج وخطط التوسع، فالصين تدعم أسعار الكوبالت من خلال امتصاص الإمدادات الفائضة لتخزينها في احتياطي استراتيجي، وتشتري ما يقدر بنحو 21 % من المعروض العالمي للمعدن لتواصل احتكار للسوق لإدراكها أهمية الكوبالت المستقبلية".            
 

الأكثر قراءة