خبراء لـ«الاقتصادية»: عودة التوترات مع أمريكا عائق أمام عودة الأسهم الصينية لانتعاشها

خبراء لـ«الاقتصادية»: عودة التوترات مع أمريكا عائق أمام عودة الأسهم الصينية لانتعاشها
هناك مخاوف بشأن المسار المستقبلي لواحدة من أكبر أسواق الأسهم في العالم. المصدر: رويترز

مع استمرار الصين في ترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية عالمية، أصبحت سوق الأوراق المالية لديها نقطة محورية للمستثمرين في جميع أنحاء العالم، لكن التقلبات الأخيرة ألقت بظلالها على استقرارها، وأثارت مخاوف بشأن المسار المستقبلي لواحدة من أكبر أسواق الأسهم في العالم.
وتراوح العقبات التي تواجه سوق الأوراق المالية الصينية، من الإجراءات التنظيمية مفرطة الصرامة إلى التباطؤ الاقتصادي، إذ أرسل التوجيه التنظيمي للسلطات الصينية تجاه شركات التكنولوجيا المحلية موجة صادمة عبر الأسواق، وأدى إلى خسائر للمستثمرين، وأسهم ارتفاع مستويات الديون والتوترات الجيوسياسية في زيادة عدم اليقين المحيط بالأسهم الصينية.
يشير الاتجاه العام للأسهم الصينية إلى التراجع منذ عام 2021، وفي الأشهر الماضية سجلت مؤشرات الأسهم لديها واحدا من أدنى مستوياتها، وكانت عمليات البيع تتويجا لأشهر من الإحباط الاقتصادي والافتقار إلى تدابير تحفيز قوية.
وقال لـ"الاقتصادية" تيموثي سميث الاستشاري السابق في بنك جولدمان ساكس: إن "عمليات البيع في سوق الأسهم الصينية قضت على تريليونات الدولارات من قيمتها، وبعد عقد من التدفقات الأجنبية إلى الأسواق الصينية، تراجعت ثقة المستثمرين بسبب ثلاث سنوات من الخسائر الفادحة، أما الارتفاعات التي حدثت من حين لآخر في أسعار الأسهم تعد عابرة وتتلاشى سريعا".
أصبح النفور من الأسهم الصينية متزايدا بين المستثمرين العالميين خلال الأشهر الأخيرة بسبب النمو الاقتصادي الباهت، وأزمة قطاع العقارات التي لم تحل بعد، والتوتر المتزايد في العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، والنتيجة انخفاض مؤشر مورجان ستانلي للأسهم الصينية بأكثر من 60% مقارنة بذروته عام 2021.
بدورها، ترى الدكتورة روز جونسون أستاذة الاقتصاد الآسيوي في جامعة كامبريدج، أن وضع سوق الأسهم الصينية الراهن يتناقض مع ما كان عليه قبل سنوات عندما كان كبار المستثمرين الدوليين يخشون تفويت فرص النمو الاقتصادي السريع والاستهلاك المحلي المرتفع.
وقالت لـ"الاقتصادية": إن "أخطاء صينية وضغوطا أمريكية أوصلت الأمور إلى هذا الوضع السيئ، فالولايات المتحدة تسرع عملية الانفصال المالي بينها وبين الصين، ولم تتعامل الحكومة الصينية بحكمة مع شركات التكنولوجيا المحلية وأضعفتها، كما أن الجهود المبذولة للانتقال بعيدا عن النمو المعتمد على سوق العقارات خفضت من أرباح الشركات المدرجة في البورصة".
ودفع هذا الوضع بهيئة مراقبة الأوراق المالية الصينية لتكثيف جهودها لإنعاش ثقة المستثمرين، فقامت بتشديد الرقابة على التداول الكمي، وفرضت قيودا جديدة على البيع على المكشوف، وتصدت بقوة لعمليات الاحتيال المالي، وعززت من معايير الشركات الراغبة في الإدراج في البورصة، وأسهم ذلك في استعادة الثقة جزئيا في سوق الأسهم الصينية، وأفلحت الإجراءات الصارمة في تحسين الوضع ولو طفيفا، فبعد أن انخفض مؤشر البورصة الصينية بأكثر من 11% العام الماضي، ارتفع منذ بداية العام بنحو 1.3%.
من ناحيته، يرى الخبير الاستثماري كامبل ماكنيكول، أن التدابير الأخيرة ستعيد لسوق الأسهم الصينية قوتها، وقد يتطلب الأمر بعض الوقت لكنه يرى أن ذلك يمثل فرصة استثمارية جيدة.
وقال لـ"الاقتصادية": إن "صناديق التحوط وبعض كبار المستثمرين الدوليين سيسعون لانتهاز فرصة انخفاض أسعار الأسهم الصينية للقيام بعمليات شراء في انتظار الانتعاش المقبل، فالصين حتى الآن تشكل ربع مؤشر إم إس سي آي للأسواق الناشئة، ومن الصعب تجاهلها، وإذا تراجع التوتر الجيوسياسي مع الولايات المتحدة فإن الأسهم الصينية ستستعيد سابق عهدها، لكن إذا فاز دونالد ترمب وتبنت الإدارة الأمريكية سياسة أكثر عدوانية تجاه الصين، فإن عرقلة الانتعاش في سوق الأسهم الصينية سيكون الاحتمال الأرجح" .

الأكثر قراءة