رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


النفط.. الأسعار والاستقرار

الدراسات الاستشرافية ليست ترفا فكريا، بل ضرورة ملحة كونها في اعتقادي تعد أحد أهم الأدوات لوضع الإستراتيجيات بعيدة المدى سواء على مستوى الاقتصاد الجزئي أو الكلي، ودقة مخرجات هذه الدراسات تعتمد بالدرجة الأولى على دقة مدخلاتها من بيانات، والتعامل مع هذه البيانات وتحليلها بموضوعية وحياد. عند تسليط الضوء في المستقبل البعيد على منتج إستراتيجي كالنفط الذي يعد منتجا حيويا، وهو المنتج الذي ما زال متربعا على عرش أهم مصادر الطاقة العالمية، إضافة إلى منتجاته الكثيرة التي تدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في مكونات جل المنتجات الأخرى، عند تسليط الضوء على مستقبل النفط يجب الأخذ في الحسبان حقيقة انخفاض إنتاجية الحقول النفطية، حيث إن لكل بئر نفطي عمرا افتراضيا ونهاية تحددها صحة البئر الفنية، وكلما مرت الأعوام انخفض إنتاج النفط سهل الاستخراج. تواجه صناعة النفط بعض التحديات التي لا يمكن تجاهلها في رأيي كونها من المدخلات الرئيسة في الدراسات الاستشرافية لهذه الصناعة، إضافة إلى التحديات الفنية من منظور هندسي فانخفاض كمية النفط سهل الاستخراج بالتزامن مع ارتفاع تكلفة الإنتاج، هناك أيضا تحديات بيئية تواجه هذه الصناعة منها الصحيح، والمبالغ فيه، ومنها غير الموضوعي وغير المنطقي.

الذي أراه جليا أن صناعة النفط تتعرض لحملة إعلامية غير مهنية وغير منصفة وضعته في قفص الاتهام بتهمة التغير المناخي، وغضت الطرف عن الفحم مصدر التلوث الأكبر بين مصادر الطاقة، متجاهلة دور النفط الرئيس في مجالات كثيرة وتطبيقات مختلفة لا يسع حصرها وذكرها في هذا المقال. هذه المعطيات وضعت صناعة النفط أمام تحد كبير للتعامل مع موضوع التغير المناخي، وأيضا المحافظة على الاستثمارات النفطية التي تعزز الأمن الطاقي العالمي.

قد يعتقد البعض أن انخفاض أسعار النفط بصورة قوية تضر المنتجين فقط، وأن هذا الانخفاض يصب في مصلحة المستهلكين، ولعل ذلك الاعتقاد صحيح على المدى القصير، لكن الجدير بالتنويه إليه أن المنتجين والمستهلكين سيتأثرون سلبا على المديين المتوسط والبعيد من انخفاض أسعار النفط.

عندما تنخفض أسعار النفط بقوة وتستمر على هذا الانخفاض مدة طويلة، هذا سيؤدي إلى انخفاض أو خروج بعض الاستثمارات في هذا القطاع، خصوصا في قطاع التنقيب لاستكشاف حقول جديدة تعزز الإمدادات النفطية في المستقبل، أو لتطوير حقول قائمة برفع كفاءتها الإنتاجية. هذا يعني أنه في مرحلة ما ستقل الإمدادات قسريا ومع وجود طلب عال على جميع منتجات الطاقة المختلفة، سترتفع الأسعار بصورة كبيرة تضر بالمستهلكين.

ما أود أن أوضحه في هذا المقال بإيجاز أن هناك علاقة مهمة بين أسعار النفط ومستقبل صناعته والاستثمار في هذا القطاع المهم، فانخفاض أسعار النفط إلى مستويات غير مجدية اقتصاديا فترات طويلة يؤدي إلى انخفاض عمليات الاستخراج وعزوف الشركات للاستثمار في ظل أسعار غير مجدية اقتصادية للنفط، وهذا في رأيي خطر حقيقي يهدد سلامة أمن الطاقة العالمي على المدى البعيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي