السلع الرخيصة: تأثير التجار في العقل الباطني للمستهلك

يتناول الكتاب موضوع التكلفة الحقيقية بمعناها الاقتصادي والسياسي والمادي التي تجعلنا نميل إلى تصنيع وشراء الأشياء بأرخص ما يمكن. يشير الكتاب إلى تغير الولايات المتحدة جراء سعيها الحثيث نحو السعر الرخيص. يعد هذا الهوس بالسعر الرخيص من أشد قوى السوق وأنشطها في وقتنا هذا فهو المحرك الذي يدفع عجلة ظواهر مثل العولمة والاستعانة بالمصادر الخارجية وعدم الاستقرار الاقتصادي في عالم تتزايد فيه الاضطرابات الاقتصادية يوما بعد يوم.
غالبا ما يكون السعر الرخيص مغريا لدرجة أننا ننسى تماما عدم ثقتنا فيه. يتتبع الكتاب نظام المساومة كما نعرفها منذ عصر الثورة الصناعية إلى عصر خطوط الإنتاج والتجميع وما بعده. كما يستعرض الكتاب مجموعة من الشخصيات ذات الصلة بهذا الموضوع، مثل مؤسس سلسلة متاجر تبيع بخصومات كبيرة والتي ساعدت على تغيير الأفكار التقليدية للقيمة في أذهان الناس.
جاء ظهور سلاسل المتاجر في الولايات المتحدة بعد فترة الكساد الكبير، وأدى إلى ترسيخ مفهوم تفضيل الملائمة على الجودة وساعدت متاجر البيع بالتجزئة على تعليم المستهلك الأمريكي تقدير السعر المنخفض بعد أن كان يقدر المتانة والإتقان فيما يشتريه من منتجات. كان تأثير هذا التغير هائلا، حيث شاعت الفوضى، وتزايدت الديون (الشخصية والقومية)، وركدت الأجور، وشاعت النزاعات في المجتمع، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الأمراض الاقتصادية الاجتماعية.
تتناقض هذه القائمة الطويلة من الاتهامات مع مبادئ الاقتصاد التقليدي الذي يرى أن انخفاض السعر يحفز الإنتاجية عن طريق تشجيع الأسواق الحرة. يسوق الكتاب عديدا من الأدلة من مختلف المجالات، التاريخ والتسويق وعلم النفس وعلم الاقتصاد، ليثبت مغالطة هذه المبادئ التقليدية.
كما يكشف الكتاب لا منطقية سعي الناس نحو الأسعار الرخيصة، ويفسر حاجتنا للمساومة وتصيد الصفقات في حياتنا الاجتماعية. كما يكشف استغلال تجار التجزئة لهذه الطبيعة النفسية لدى الناس في التأثير في عقلهم الباطن ودفعهم إلى شراء المزيد من السلع التي ربما يكونون في غير حاجة إليها. يدعو الكتاب المتسوقين إلى النظر في إنفاق المزيد على السلع الوطنية، لكنه يقر بحتمية العولمة واستمرار الاتجاهات الحالية نحو كفاءة الإنتاج وفعاليته من حيث التكلفة.
بالنظر إلى تأثير التخفيضات على ميزانيات العائلات، نجد هناك سؤالا ملحا ألا وهو: هل التسوق من المتاجر الكبرى يجعل المتسوقين أكثر ثراء؟ لقد ساعدت عروض التخفيضات في كبح جماح التضخم، لكن الحقيقة هي أن الانكماش لا التضخم هو ما يؤدي إلى الكساد وبصفة خاصة انكماش الأجور. كما أن التخفيضات غالبا ما تكون على السلع الاستهلاكية سريعة التدوير وليس على أسعار الأساسيات التي غالبا ما تشهد ارتفاعات متتالية مثل التعليم والإسكان والرعاية الصحية.