صندوق النقد يحذر من الضغوط السياسية على الاقتصاد اللبناني
عشية زيارة وفد من صندوق النقد الدولي بيروت، أعلن تقرير صادر عن الصندوق أن الاقتصاد اللبناني ما زال قادراً على النمو بوتيرة أسرع وأكبر من التوقعات السابقة لعام 2009 والمقدرة بنسبة 4 في المائة. وفي الوقت الذي بدأ فيه لبنان سريع التأثر من انهيار الأسواق المالية العالمية في أيلول (سبتمبر) الماضي، كونه يعاني أعلى نسبة دين حكومي، فإن صندوق النقد لاحظ أن الاقتصاد ما زال سليماً نظراً للمؤشرات المالية المسجلة خلال الأشهر الأخيرة وأبرزها: استمرار تدفق الودائع الأجنبية والمستوى العالي من السيولة والإدارة الجيدة للقطاع المصرفي وقاعدة الصادرات الضعيفة، لكن التقرير لفت إلى أنه على الرغم من تجنب لبنان انعكاس أزماته السياسية على وضعه المالي، فإن لا ضمانة مستقبلية على أن البلد سيكون بمنأى عن أي صدمة جديدة، ذلك أن مجموعة سيئة من الظروف قد تترجم بسهولة إلى مشكلات مالية جسيمة.
وأورد التقرير أن الدين العام اللبناني يساوي 160 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مشيراً إلى أن العلاقة الهيكلية بين الحكومة والمصارف التجارية توفر للأولى التمويل في ضوء تحمل المصارف اللبنانية للشطر الأكبر من الدين الحكومي وقدرتها على مدى سنوات على حماية انكشافها بفضل استمرار تدفق ودائع من المغتربين واستمرار تدفق الاستثمارات من دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف أن الصادرات تشكل 17 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أن التراجع في الصادرات الناجم عن انهيار الطلب العالمي، لم يترك أثراً ملحوظاً على النمو. كذلك فقد بقي التأثير السلبي محدوداً حتى الآن بعدما تعرض عدد ضئيل جداً من المغتربين اللبنانيين للتسريح من وظائفهم أو عادوا إلى بلادهم.
وكانت المصارف اللبنانية قد واصلت خلال العام الحالي نموها عارضة معدلات فوائد مغرية فضلاً عن التصور المتميز لمصارف لبنان مقارنة بمنافسيها الفرنسيين. ودعا الصندوق إلى التقليص الحاسم للعجوزات الكبيرة، ووضع تقليص الدين العام في صدارة الأولويات، وشدد على أن هذا الامر يتطلب انضباطاً مالياً مطرداً على امتداد سنوات عديدة. كذلك أكد على الاستقرار المالي وتعزيز سلامة القطاع المصرفي من خلال رؤية خاصة تحد من احتمال الصدمات المتأتية عن محافظ المصارف المهددة دوماً بالانتقال إلى الدين العام. وفي هذا السياق قال رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود لـ''الاقتصادية'' إن تراجع حجم الصادرات الذي تجاوز في حزيران (يونيو) الماضي نسبة 30 في المائة، يدق ناقوس الخطر بالنسبة للصناعة اللبنانية نظراً لتأثيره السلبي في النمو الاقتصادي في العام 2010 المقبل. وقال إن لبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي لم يأخذ إجراءات بعد الأزمة المالية العالمية حيث باتت الصناعة اللبنانية اليوم تواجه صعوبة في التنافس. واعتبر أن المعالجة تكون بفتح أسواق جديدة خارجية للصناعة اللبنانية وبتخفيض كلفة الإنتاج المرتفعة لتمكين الصناعة من المنافسة.
أما بالنسبة للاستيراد فقد كشف رئيس نقابة الوكلاء البحرينيين في لبنان حسن الجارودي أن حجم الاستيراد زاد 20 في المائة عن عام 2008 في العام الحالي بينما تراجع التصدير 20 في المائة كذلك توقع رئيس مجلس تنمية الصادرات الصناعية محمد الرفاعي أن تتراجع الصادرات في نهاية عام 2009 ما بين 12 و15 في المائة.
ورداً على سؤال حول الأسباب أوضح أن هناك عراقيل تواجه إدخال المنتجات اللبنانية إلى الأسواق التي وقع معها لبنان اتفاقيات تجارة حرة مثل الأسواق الأوروبية، ولفت إلى تحرك رسمي يجري حالياً لمعالجة هذه المشكلة وتوسيع الدعم للمصدرين، ويتم التنسيق بين رئاسة الحكومة ووزارة المال ومصرف لبنان وجمعية الصناعيين.