مخرجات التعليم وسوق العمل الحديث

في رأيي أن أهم مكونات منظومة العملية التعليمية هما مدير المدرسة والمعلم، أما الطالب وهو المكون الثالث فإنه يتشكل حسب قيام مدير المدرسة والمعلم بدورهما إما بالتفوق أو عكس ذلك.

لقد مرت بلادنا بمراحل مختلفة اتسم في بعضها المدير والمعلم بالهيبة والكفاءة والحرص على تخريج أجيال من الشباب القادر على دخول معترك الحياة بنجاح في سن مبكرة، ثم بدأت في مرحلة لاحقة علامات زوال تلك المكانة والهيبة ربما لانشغالهما بالأعمال الخاصة في ظل الطفرة الاقتصادية الأولى.

هذا الأمر أدى إلى ضعف مستوى التعليم بصورة عامة فأصبح طالب المرحلة الابتدائية والمتوسطة وربما فوق ذلك لا يحسن الكتابة دون أخطاء إملائية ونحوية، بينما في الماضي الذي يتذكره البعض يمكن لمن يحمل مؤهل السادسة الابتدائية أن يحصل على وظيفة إدارية ويقوم بمتطلباتها على أكمل وجه.

في ظل هذا الوضع لم يعد المعلم يفخر بتقديم نفسه في المجتمع بهذه المهنة كما قال يوسف البنيان وزير التعليم في حديثه أخيرا مع مجموعة من كتاب الرأي في الجمعية السعودية لكتاب الرأي. وأضاف: بينما الطبيب والمهندس يقدمان أنفسهما بهذه الألقاب. وأكد الوزير، الذي يأتي بفكر ‏جديد في إدارة المنظومة ‏التعليمية ‏في ضوء تجربته الناجحة في إدارة شركة سابك ‏العملاقة.

إن العمل حاليا يتركز على تطوير حوكمة منظومة العمل المؤسسي لدعم العملية التعليمية بحيث تتحول الوزارة إلى مشرع ومنظم، وتتركز جهودها على تطوير التعليم وتحسين مخرجاته، بينما تسند لشركة تطوير الأعمال التشغيلية مثل الصيانة والمباني وغيرها من الأعمال التي كانت تشغل مديري المدارس وتحول دون تفرغهم للعملية التعليمية.

في هذا الاتجاه أيضا يتم حاليا الاهتمام بالمعلم والمعلمة ودورهما المحوري وذلك عن طريق تعزيز دور المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي ومنحه مزيدا من الدعم ليكون رافدا لبرامج تطوير المعلم وفق أحدث الممارسات العالمية.

وفي مجال تطوير المناهج سيتم إطلاق مناهج جديدة تعمل على تحقيق الاستدامة وجودة المخرجات المتوافقة مع التوجهات الحديثة لسوق العمل ووظائف المستقبل.

أخيرا، بعد هذا التحول النوعي الكبير في المنظومة التعليمية، يأمل وزير التعليم أن يتعاون أولياء الأمور مع الوزارة في توفير بيئة منزلية سليمة وأن تخف طلباتهم لمزيد من الإجازات، فالتحصيل الجيد يتطلب مدة أطول ومتابعة أفضل للأبناء والبنات.

وعلى الوزارة مسؤولية توفير بيئة تعليمية جاذبة تتمحور حول العنصر الأهم وهو المعلم الذي لا يمكن أن تتحقق أي رهان للتطوير ما لم يتم الالتفات له ووضع برنامج لإعادة الاعتبار له ماليا ومعنويا وتمكينه من أداء رسالته التي هي محور نجاح العملية التعليمية برمتها، ويأتي بالتزامن مع ذلك إطلاق مسارات لتطوير المناهج المدرسية المناسبة والمواكبة لاحتياجات العصر، وإدارة مدرسية قادرة على ضبط سير العملية التعليمية.

هذا كفيل بنجاح يرافق الطالب والطالبة من المراحل الأولى للدراسة حتى دخول سوق العمل وقد تزودوا بالعلوم والمهارات التي تطلبها سوق العمل الحديثة.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي