تغيرات في سوق الإقراض المصرفي .. سايبور الـ 12 شهرا دون 6 % للمرة الأولى منذ 5 أشهر
في تغير جديد في أسواق الإقراض المصرفي السعودي، أصبح سايبور "الـ12 شهرا" دون 6 في المائة للمرة الأولى منذ خمسة أشهر، ليغلق عند 5.99 في المائة في آخر يوم من ديسمبر، وينتظر معرفة أثر ذلك في المودعين الجدد الذين تكون وديعتهم لأجل عام.
وكان أعلى أجل استحقاق للسايبور قد ابتعد بشكل كبير عن قمته المسجلة في أكتوبر، وهو مستوى 6.23 في المائة، بحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية".
في المقابل، كان المرجع التسعيري، سايبور ثلاثة أشهر، الذي يستخدم مع الفائدة المتغيرة مع القروض، على وشك ملامسة 6.40 في المائة في ديسمبر عندما بلغ قمة 6.38 في المائة أواخر الشهر.
يذكر أن المودعين الأفراد الذين يعتمدون على تحقيق أرباح شهرية من الودائع ذات 30 يوما، يراقبون بكثافة حركة السايبور وتفاعل البنوك عبر رفع أرباح الودائع الاستثمارية بالسرعة الكافية.
وجاءت الحركة الهامشية إلى المتوسطة لآجال السايبور مقارنة بشهر نوفمبر وديسمبر مدفوعة إلى حد كبير بالتفاؤل المتزايد بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتحول إلى خفض أسعار الفائدة في عام 2024، حيث تتبع بنوك مركزية في دول الخليج، مثل السعودية، إلى حد كبير قرارات لجنة السياسة النقدية الأمريكية، لحماية ربط عملاتها بالدولار.
وتترقب حركة الفائدة المصرفية السعودية نتائج أول اجتماع للفيدرالي لهذا العام في 31 يناير، والقرارات التي ستصدر بعده. مع العلم بأن توقعات مقدار الرفع تؤثر في الحركة الأسبوعية للسايبور.
آجال السايبور في 2023
تأتي تلك التطورات في ظل تسجيل بعض آجال السايبور في 2023 مستويات لم تشاهد في السوق السعودية منذ نحو 23 عاما، حيث صعدت آجال السايبور الأربعة ما بين 2 في المائة و23.94 في المائة خلال العام.
وصعد سايبور ثلاثة أشهر 90 نقطة أساس في العام الماضي "تعادل 16.66 في المائة"، ليغلق بنهاية العام عند 6.23 في المائة. في حين إن سايبور الشهر الواحد قد أغلق في ديسمبر عند 5.91 في المائة، وسايبور ستة أشهر قد أغلق بنهاية الشهر الماضي عند 6.07 في المائة.
والحراك السابق في زيادة الودائع الزمنية "ذات العائد المرتفع" جاء من القطاع الحكومي والشركات الكبرى. مع العلم بأن الأفراد الأثرياء قد حصلوا خلال العام الماضي على أول تجربه لهم مع الودائع الاستثمارية، غير أن عامة الأفراد المودعين لم يختبروا أرباح الودائع المرتفعة بعد.
يذكر أن متوسط عائد الودائع الزمنية في القطاع المصرفي السعودي حتى منتصف الربع الثالث من 2023 قد وصل إلى 5.21 في المائة. ويأتي التذبذب في حركة آجال السايبور بين الصعود والهبوط لكونه يتأثر بما يجري لحركة الفائدة في القطاع المصرفي الأمريكي.
استند رصد "الاقتصادية"، إلى بيانات منصة "ماكرو بوند" وكذلك منصة "سي بوندز" للبيانات المالية.
منافسة الودائع
أسهمت زيادة الإقبال على الودائع الاستثمارية ذات العائد ما بين 5 و6 في المائة في إعادة توجيه سيولة الأفراد "أو التهديد بإعادة توجيهها" من الصناديق الاستثمارية ومنصات الفنتك.
وبشكل عام فإن حدة المنافسة على السيولة القابلة للاستثمار تصب في مصلحة الأفراد لأنها تقود إلى رفع العائد والارتقاء بالخدمات المالية. وتعد صناديق "أسواق النقد" في السعودية "عوائد الودائع" منافسا قويا لها بسبب قدرتها على تقديم عائد أعلى. وعليه فانخفاض أصول صناديق "أسواق النقد" المحلية قد يطول أمره في حال استمرار السايبور في التداول فوق مستويات 5.50 في المائة. يذكر أن آجال الاستحقاق للودائع وصناديق أسواق النقد هي أقل من 12 شهرا.
فمع توجه الأفراد تجاه الودائع الاستثمارية الآمنه، ترغب منصات الفنتك - الخاصة بالاستثمار في الديون "عالية المخاطر" - الأفراد في أرباح سنوية تتجاوز ثلاثة أضعاف عائد الودائع "تجاوزت 15 في المائة" وبحد أدنى ألف ريال. غير أن أرباب الأسر يقع على عاتقهم توظيف مدخراتهم بطريقة آمنة وعدم المجازفة بكامل مدخراتهم نحو استثمارات عالية المخاطر.
وأبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في سبتمبر ونوفمبر وديسمبر 2023.
وفي أواخر يوليو 2023، رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. وقرر أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في البنك المركزي الأمريكي زيادة معدلات الفائدة إلى نطاق 5.25 في المائة و5.50 في المائة.
وتعد هذه هي الزيادة الـ11 منذ أوائل عام 2022، ضمن 12 اجتماعا، جرى خلالها تثبيت أسعار الفائدة مرتين "وبالتحديد في شهري يونيو وسبتمبر 2023". ومنذ 16 مارس 2022 وإلى 26 يوليو 2023، تم رفع الفائدة السعودية 11 مرة، بعد أن تم رفعها في أشهر مارس ومايو ويونيو ويوليو، وسبتمبر ونوفمبر وديسمبر من 2022 وفي فبراير ومارس ومايو ويوليو 2023.
وفي يوليو 2023، قرر البنك المركزي السعودي "ساما"، رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" بمقدار 25 نقطة أساس من 525 نقطة أساس إلى 550 نقطة أساس إلى 5.50 في المائة، ورفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء "الريبو" بمقدار 25 نقطة أساس أيضا، من 575 نقطة أساس إلى 600 نقطة أساس إلى 6 في المائة.
نمو الودائع المصرفية
دفعت بيئة أسعار الفائدة المرتفعة في السعودية المستثمرين إلى توجيه مدخراتهم إلى الأوعية الاستثمارية بمختلف أنواعها، ولا سيما قليلة المخاطر التي كانت تقدم عوائد ضعيفة سابقا. وتشهد البنوك في السعودية تحولا في نوعية الودائع التي تستقبلها، بعد تركيز المودعين على إيداع أموالهم من خلال الودائع الادخارية والزمنية التي أصبحت تقدم عوائد مرتفعة وتاريخية.
وكانت "الاقتصادية" قد نشرت تحليلا لها في 28 أغسطس 2023 أشارت فيه إلى مواصلة الودائع في البنوك السعودية نموها بنهاية النصف الأول من العام الجاري، على أساس سنوي، بقيادة الودائع الادخارية مع إقبال المودعين عليها نتيجة ارتفاع الفائدة، إذ ارتفعت في أربعة بنوك بين 52 و120 في المائة، لكن قابله تراجع في الودائع تحت الطلب.
وتبع ذلك تحليل "في 16 نوفمبر 2023" أشير فيه إلى أنه خلال العامين الماضيين، أي منذ بدء رفع أسعار الفائدة، نمت الودائع في البنوك بنحو 19 في المائة، بفضل نمو الودائع الادخارية والآجلة بنحو 65 في المائة مقابل 1 في المائة فقط للودائع تحت الطلب "المجانية".
وخلال الربع الثالث، ارتفعت ودائع البنوك بدعم "الادخارية" في ظل بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وسط تنافس البنوك على جذب ودائع العملاء بتقديم معدلات فائدة تصل إلى 6 في المائة، ما أثر في معدل نمو الودائع تحت الطلب أو كما تعرف بالودائع "المجانية" التي انكمشت 2.4 في المائة خلال الفترة.
وخلال عامين، سجلت ثلاثة بنوك نموا في الودائع الادخارية والآجلة تجاوز 100 في المائة خلال الفترة، أعلاها البنك السعودي الأول بنحو 132 في المائة، ليقابله تراجع الودائع تحت الطلب بنحو 3 في المائة. وبلغ متوسط اعتماد البنوك السعودية على الودائع الادخارية والآجلة نحو 39 في المائة بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، مقابل 28 في المائة قبل رفع أسعار الفائدة. وكانت بنوك "الاستثمار والبلاد والجزيرة" الأكثر اعتمادا على هذه الفئة من الودائع التي شكلت نحو 63 و59 و58 في المائة على الترتيب.
قفزة بعد ركود
يذكر أن أسعار الفائدة بين البنوك السعودية قفزت بوتيرة قياسية خلال 2022 بعد فترة ركود لمستويات السايبور خلال 2020 و2019. وبذلك تسجل مؤشرات فائدة الإقراض بين البنوك أسرع ارتفاعاتها السنوية، في مؤشر على إغلاق نافذة الاستدانة متدنية التكلفة على الشركات والأفراد خلال 2022. وتأتي تحركات السايبور وسط توقعات المستثمرين بتشديد الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية ورفع الفائدة خلال العام الجاري، حيث من الطبيعي أن تتفاعل آجال السايبور الأربعة مع أي رفع فعلي للفائدة خلال هذه العام.
وبحكم ربط العملة السعودية بالدولار فإن المراقبين يولون اهتماما كبيرا بتحركات السوفر "معدل التمويل المضمون لليلة واحدة" وبين قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حول زيادة أسعار الفائدة التي ابتدأت مع شهر مارس 2022.
وجاءت أسعار السايبور خلال 2019 و2020 لمصلحة قروض الشركات والقروض الشخصية والقروض العقارية وغيرها من القروض، حيث أسهمت بيئة الفائدة المتدنية في خفض دفعات القروض على المقترضين، وفي تحفيز النشاط الاقتصادي.
الفائدة الثابتة
يعني تسعير أدوات الدين أو القروض بفائدة ثابتة أن المستثمر أو الجهة التمويلية تعرف حجم الفوائد، التي ستتسلمها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة للصكوك نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق lock in نسبة العائد الثابت خلال الأوقات، التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين أو القروض المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة فإنه يعاد تسعيرها، كل ثلاثة أو ستة أشهر، بحسب مؤشر القياس المستخدم. فعالميا يتم استخدام السوفر، إذ يعد "السوفر" نظير "السايبور" للفائدة المقومة بعملة الدولار.
وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016 وتلك السندات المحلية مدرجة في البورصة المحلية لدى "تداول".
فترة الفائدة المنخفضة
قبل الرفع الحالي للفائدة في 2022، خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين في شهر مارس 2020، في خطوة استثنائية جديدة لدعم اقتصاد الولايات المتحدة وسط جائحة فيروس كورونا الآخذة في التسارع في أنحاء العالم.
وقال البنك المركزي في بيان "إنه قرر خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى بين الصفر و0.25 في المائة". وكان مجلس الاحتياطي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من مارس، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
وجاء رد البنك المركزي السعودي على خفض الفائدة الثاني من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال شهر مارس عندما خفض "ساما" معدل إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة ومعدل إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة، ويعد ذلك خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية خلال ثمانية أشهر.
وقبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قام "ساما" أواخر أكتوبر بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019. معلوم أن معظم البنوك المركزية حول العالم، التي تربط عملتها بالدولار، قد خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي، التي يقودها مجلس الاحتياطي الاتحادي جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين.
3 مراجع لتسعير الائتمان
يعتمد القطاع المالي السعودي على ثلاثة مراجع تسعيرية، أولها وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية "السايبور"، وثانيها "عقود المبادلة المقومة بالريال"، التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات، ويستخدم كذلك بدرجة نادرة "كمرجع تسعيري" مع تسعير الصكوك المحلية للقطاعين الخاص والحكومي، وثالث المراجع "عوائد الصكوك الحكومية لكل آجال الاستحقاق"، ويعد آخر مراجع التسعير للائتمان، التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
ما السايبور؟
تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر. وتتفاوت أسعار السايبور وفقا لآجال الاقتراض "قصيرة الأجل" التي قد تراوح بين شهر وعام. وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية "التي تسعر بالفائدة المتغيرة" في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك. وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة. وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون في مأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وأعلن البنك المركزي السعودي في أواخر 2016 موافقته على ما تم الاتفاق عليه بين القطاع المصرفي وشركة "تومسون رويترز" بأن تكون الشركة مديرا لاحتساب وإدارة سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية "سايبور".
وقال "ساما"، "إن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الإشرافي والرقابي الذي يقوم به على القطاع المصرفي، وسعيا منه لتعزيز الشفافية والمصداقية في آلية احتساب سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية (سايبور)".
وتعمل اللجنة المشتركة الممثلة من البنوك بالمشاركة في احتساب معدل "سايبور" الذي ستقوم "تومسون رويترز" باحتسابه استنادا إلى منهجية وإجراءات تتوافق مع المبادئ والإرشادات التي وضعتها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية "الأيسكو".
وحدة التقارير الاقتصادية