مختص يدعو المعماريين إلى إزالة القباب من تصاميمهم المعمارية
على مدى قرون طويلة زينت القباب رسومات المستشرقين العاشقين للشرق الإسلامي، وعلى مدى هذه القرون ظلت القباب تزين مساجدنا في كل مكان وترسم في الوقت نفسه صوراً ومشاهد لا تستطيع الكلمات التعبير عنها، حتى أنها أصبحت في أذهان الكثيرين جزءا أساسيا من المساجد لا يكتمل إلا بوجودها، اليوم تعالت بعض أصوات المعماريين المهتمين بإعمار المساجد بضرورة إعادة النظر في وجود هذا الشكل الجميل، وبالجملة إزالته من على أسطح المساجد، ومع هذه الأصوات تتوالى بعض الحقائق المرتبطة بالقباب: مدى أهميتها مع انتفاء الأسباب التي أدت إلى وجودها باعتبارها كانت جزءا من النظام الصوتي والضوئي في مساجد الأمس وهي ما وفرتها التقنيات الحديثة اليوم بطرق أخرى، وحقيقة أخرى تتصل مع التكلفة العالية لبنائها، حيث يجزم بعض المعماريين بوصول تكلفتها إلى ربع تكلفة بناء المسجد، ومع أصوات أخرى تؤكد أن القباب تتسبب في بعض المشكلات الفنية ''صوتية '' وأخرى بيئية، في معرض حديثه معنا يؤكد المهندس الاستشاري أيمن بن عمر آل عابد بعض النقاط السابقة ويقول ''هناك كثير من العناصر تبدو غـير ضرورية في المعمار المسجدي، وفي مقدمة ذلك القباب التي انتفت الوظيفة الرئيسية التي وضعت من أجلها في السابق، ولم تعد تؤديها في الوقت الحاضر''.
#3#
ويمضي آل عابد قائلاً ''إن الوظيفة الرئيسية للقباب في المساجد في بداية العصر الإسلامي استخدمت كعامل لتوزيع الصوت المنعكس من المحراب ليتمكن جميع من في المسجد من سماع الصوت لذلك نجد أن بعض المساجد الأموية أو العباسية كانت تتسع إلى 20 آلف مصل وأكثر وكان يصل الصوت لجميع المصلين بوضوح، إضافة إلى عامل الإضاءة والتهوية الطبيعية''.
ويضيف قائلاً ''في الوقت الحاضر نجد أن الأجهزة الصوتية والإضاءة الكهربائية والمكيفات الهوائية أغنت تماما عن هذا العنصر ولا سيما أنه عنصر مكلف جدا في تنفيذه ويشكل عبئا واضحا في التكلفة الإجمالية لبناء المسجد، وأنا لا أدعو إلى عدم الاستفادة من الإضاءة والتهوية الطبيعية ولكن من خلال عناصر أخرى غير القباب''.
بالعودة إلى التاريخ نجد أن القباب قد شكلت عنصرا مهما في العُهود الإسلامية الغابرة فقد كانت بمثابة الهوية التي نستطيع أن نتعرف من خلالها على الدولة الإسلامية، وعلى شكل انتمائها هل هو أموي أم عباسي أم سلجوقي، وفي هذا السياق يقول آل عابد ''يظهر ذلك واضحاً في العمارة المصرية والدمشقية القديمة الباقية حتى الآن على سبيل المثال وليس الحصر.
#2#
ولكن في الوقت الحاضر أصبحت التكلفة في بناء المساجد عامل مهم إذ لابد أن تكون قليلة ومناسبة، وهذا ما يأتي من خلال الاختصار .. اختصار العناصر المعمارية غير الضرورية''، ويضيف ''أن القباب وما تستهلكه من كميات هائلة من الحديد والخرسانة في تنفيذها أصبحت تستهلك قدرا كبيرا من التكاليف التي نحن بحاجة إلى أن نضعها في قنوات أخرى، وهناك بجانب ذلك نحن بحاجة إلى تقليل تكلفة الصيانة لهذه القباب''.
## إن الإسلام دين روح وجوهر وليس دين شكل ومظهر فقط.
في ختام حديثه يدعو آل عابد المسلمين في كل مكان إلى اتباع أسس جديدة في ترتيب الأوليات في العناصر المعمارية التي استخدمت في السابق ولم يعد لها احتياج فعلي في الوقت الحاضر وذلك - كما يقول - في ظل الرغبة المتزايدة في تقليل التكليف وزيادة الجودة وهي ما يسمي ''بالهندسة القيمية''.