صندوق النقد للأوروبيين: لستم الصين أو أمريكا .. احموا سوقكم

صندوق النقد للأوروبيين: لستم الصين أو أمريكا .. احموا سوقكم
صندوق النقد للأوروبيين: لستم الصين أو أمريكا .. احموا سوقكم
صندوق النقد للأوروبيين: لستم الصين أو أمريكا .. احموا سوقكم

في برلين الأسبوع الماضي، ألقت جيتا جوبيناث، المسؤولة الثانية في صندوق النقد الدولي، خطابا شديد اللهجة حول مركز أوروبا في الاقتصاد العالمي المفكك. كنت حاضرا في الحدث نفسه، والتقيت بجوبيناث على الهامش للسؤال عن آفاق الاقتصاد العالمي ومتابعة التوصيات التي قدمتها للاتحاد الأوروبي.
يستحق خطاب جوبيناث أن يقرأ بالكامل، وكذلك أبحاث الصندوق الجديدة التي يعتمد عليها. فليس جديدا أن يشعر صندوق النقد الدولي بالقلق إزاء التفكك الاقتصادي ونزعة الحماية، لكنه يسعى لجلب مزيد من المعلومات إلى الطاولة. على سبيل المثال، نعلم أن التجارة العالمية أصبحت مستقرة في الآونة الأخيرة كحصة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (وليست في ازدياد كما كانت في ذروة العولمة). لكن جوبيناث أبرزت أن التجارة داخل الكتل المتحالفة سياسيا تنمو الآن بشكل أسرع من التجارة فيما بينها. وعلى هذا فإن المعدل المستقر لتكامل التجارة العالمية في مجمله يعمل على إخفاء الانقسام إلى كتل أكثر تكاملا (كما كانت هناك أسباب لتوقعها).
وقالت جوبيناث إن المخاطر التي يواجهها الاتحاد الأوروبي كبيرة بشكل خاص، لأنه أكثر انفتاحا من المناطق الاقتصادية الكبرى الأخرى. ولكن أيضا لأنه يمتلك مزيجا فريدا من الاقتصادات التأسيسية المتخصصة في الابتكار والتصنيع - ما يسمح له بالاستفادة بشكل أكبر من هذا الانفتاح. وهذا يعني أيضا أن الاتحاد الأوروبي لديه مصلحة خاصة في حماية وتعزيز العلاقات الاقتصادية المفتوحة، ليس في بقية العالم فحسب، بل داخل سوقه أيضا. فقد توصل بحث الصندوق إلى أن التكامل الأعمق داخل الاتحاد الأوروبي يمكن أن يعزز ناتجه المحلي الإجمالي بنسبة 7 في المائة - وهو ما يعادل التكلفة التي قدرها الصندوق للتشرذم العالمي الحاد. وإذا كنا ملتزمين بعولمة أكثر إقليمية، فإن الاتحاد الأوروبي يبدو في وضع جيد إلى حد معقول للتعامل مع ذلك.
ومن هنا جاءت بعض التوصيات الأكثر طموحا من جانب صندوق النقد الدولي مما يبدو أن زعماء الاتحاد الأوروبي أنفسهم قادرون على تحقيقه.
ووفقا لخطابها: "هناك مجال واسع لتعزيز التكامل داخل الاتحاد الأوروبي. ومن شأن تحسين تنسيق الضرائب والإعانات في الدول أن يزيد الاستثمار في البنية التحتية عبر الحدود ويثبط تخصيص الشركات عملياتها في المناطق حيث توجد "مساعدات الدولة". ومن الأهمية بمكان استكمال اتحاد أسواق المال والاتحاد المصرفي للمساعدة على تعبئة التمويل الكافي لتلبية احتياجات الاتحاد الأوروبي الهائلة في مجال المناخ والاستثمار الرقمي والحفاظ على قدرة الاتحاد الأوروبي على المنافسة عالميا وفي طليعة التكنولوجيا. "نظرا إلى العوامل الخارجية الناجمة عن انبعاثات الكربون، فلا بد من تحديد أهداف إزالة الكربون على مستوى الاتحاد الأوروبي، وليس على مستوى الدول الأعضاء بشكل فردي، للتأكد من تركيز الجهود حيث تكون تكاليف التخفيض الهامشية في أدنى مستوياتها عبر الاتحاد الأوروبي".
"لتمويل هذه التدخلات في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والشبكات الذكية، والبنية التحتية للشحن، يمكن أن تساعد القدرة المالية المركزية على مستوى الاتحاد الأوروبي ذات الحجم الكبير على ضمان تدفق الموارد إلى حيث تتمتع بأعلى الفوائد، وليس إلى حيث تكون الحكومات أكثر قدرة وراغبة في تقديم المساعدة الحكومية".
لقد تحدثت إلى جوبيناث بعد خطابها لمتابعة هذه الحجج - إضافة إلى محاولة إقناعها بالتعامل مع الاقتصاد العالمي. تم تحرير النص أدناه إلى التفاصيل:

ما التحديات التي ستواجه الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل؟

كما وصفنا في أكتوبر، لدينا تباطؤ في النمو العالمي لكن في أجزاء ودول متباينة. على سبيل المثال، بالنسبة إلى الولايات المتحدة، كان هناك تقدم. في الربع الثالث، كانت نسبة 5.2 في المائة معدل نمو كبيرا بالنسبة إلى الولايات المتحدة. من ناحية أخرى كان هناك تخفيض للتصنيفات الائتمانية في أوروبا. لذا فإننا نرى هذه الاختلافات عبر الاقتصادات الكبرى، وهي تتجلى فيما يتعلق بالأسئلة الكبرى حول اتجاه كل شيء.
يعتمد ذلك، بالتأكيد، على ما يتعين على السياسة النقدية القيام به. لقد حصلنا على بعض القراءات الجيدة فيما يتعلق بالتضخم. لكنني أعتقد أن الاستراتيجية التي يتبناها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأوروبية المتمثلة في عدم الإفراط في النشوة والارتياح بشأن بعض نقاط البيانات هي استراتيجية جيدة ومعقولة. ولا تزال أسواق العمل ضيقة في كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. وهناك سؤال حول ما قد يحدث مع نمو الأجور. في الوقت الحالي، هذا ليس مجالا مثيرا للقلق. لكن هذه لا تزال أسواق عمل ضيقة.

تأثيرات صدمة الطاقة

كان هناك كثير من النقاش حول "التأخيرات"، المدة التي تستغرقها السياسة النقدية للوصول إلى الاقتصاد الحقيقي. لقد شهدنا اليوم بالتحديد مفاجآت سلبية في التضخم الأوروبي. ألا تشعرين بالقلق من أن السياسة النقدية قد تكون متشددة للغاية لفترة أطول مما ينبغي؟
ستشعر بالقلق إذا بدأت ترى زيادة كبيرة في معدل البطالة. هل ترى بوادر على أن ركودا كبيرا يتشكل في سوق العمل؟ إذن، بوصفك أحد محافظي البنك المركزي، فستكون أكثر قلقا بشأن هذه المقايضة. لكن لديهم انخفاض التضخم دون ركود كبير في سوق العمل، وهو ما يجعل هذه فترة استثنائية حقا مقارنة بحالات انخفاض التضخم السابقة. أما الآن، وفي حالة أوروبا، فإنها تعاني تأثيرات صدمة الطاقة، التي تعمل بطبيعة الحال على توليد إنتاج أضعف. وفي حالة الولايات المتحدة، لدينا معدل نمو يبلغ 5.2 في المائة. ومن الصعب كبنك مركزي أن ينظر إلى نمو بنسبة 5.2 في المائة ثم يفكر: هل أشدد السياسة النقدية أكثر مما ينبغي؟

ديون وبيئة سيئة

في مقالة افتتاحية لنا، حذرت أخيرا من خطر ارتفاع الدين العام بشكل مفرط. فكيف يمكن التوفيق بين هذا القلق والحاجة إلى زيادة الاستثمار، خاصة في التحول المناخي، لكن أيضا في التحول الرقمي، والدفاع، وأشياء أخرى كثيرة؟
هناك دول بدأت بمستويات مرتفعة قياسية من الديون ومع احتياجات إنفاق كبيرة متوقعة، بما في ذلك التحول المناخي، والإنفاق الدفاعي، والسياسة الصناعية، وما هو قيد الإعداد بالفعل فيما يتعلق بالمعاشات التقاعدية والصحة. لذا أعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك اعتراف واضح بأن حجم الإنفاق المتوقع لكثير من الدول مرتفع للغاية. والنقطة المهمة هنا هي أنه من المهم أولا أن تقرر الدول مقدار ما يمكنها فعله من حيث الإنفاق وما لا يمكنها فعله. لا يمكنها أن تكون مؤمن الملاذ الأول لجميع الصدمات. سيتعين عليها اتباع نهج أكثر استهدافا فيما يتعلق بالدعم الاجتماعي استجابة للصدمات.
والشيء الثاني هو أنه سيتعين عليهم التأكد من أن الإيرادات تواكب احتياجات الإنفاق. الآن، ليس جميعها، لأنه من الواضح أن هناك بعض الاستثمارات التي من شأنها أن تولد إيراداتها الخاصة عبر نمو أعلى. لكن لا يزال هناك القليل من التأثير المتأخر بين الإيرادات والاستثمارات. هناك الكثير الذي يتعين علينا القيام به فيما يتعلق بزيادة الإيرادات. تنفيذ الحد الأدنى من الضرائب على الشركات العالمية. هناك الكثير فيما يتعلق بالثغرات، وضرائب أرباح رأس المال، والضرائب العقارية - لنصلح هذه.
إننا في بيئة سياسية حيث لا أحد يريد خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب. وهذا مزيج صعب بشكل خاص. لم نعد موجودين في هذا المجال حيث يشتري البنك المركزي الديون الحكومية وبالتالي ستكون أسعار الفائدة أعلى وأكثر حساسية للعجز الحكومي مما كانت عليه في الماضي. هذا لا يعني عدم قيامك بالإنفاق اللازم، لكن عليك التأكد من أن إيراداتك تواكب الإنفاق.

مصادر للإيرادات

نجتمع في برلين، وتواجه الحكومة الألمانية الآن، بالطبع، هذه المعضلة بشكل فوري للغاية بسبب حكم المحكمة الدستورية. ما نصيحتك لهم؟
ما هو ممكن الآن هو إعادة ترتيب أولويات الإنفاق وإيجاد مصادر جديدة للإيرادات. نؤمن بأن الاستثمار في البنية التحتية الخضراء، والتحول الأخضر، مهم للغاية من حيث خفض النفقات. ونعتقد أن التخلص من الدعم الحكومي للوقود يشكل توفيرا جيدا. ومن ناحية الإيرادات، فإن ارتفاع سعر الكربون سيؤدي إلى زيادة الإيرادات. ومن شأن بذل مزيد من الجهود بشأن الضرائب العقارية أن يؤدي إلى زيادة الإيرادات. وبطبيعة الحال، إذا تمكنوا من المضي قدما في الإصلاحات البنيوية للسوق الموحدة، فإن هذا من شأنه أن يساعد على تحقيق النمو، وهو ما من شأنه أن يؤدي بعد ذلك إلى زيادة الإيرادات أيضا.

حماية السوق

هذا سؤال أكبر بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي ككل. وكان خطابك الليلة يتعلق بوضع الاتحاد الأوروبي في الواقع الاقتصادي العالمي الحالي. ما رسالتك الرئيسة إلى أوروبا؟
رسالتي إلى أوروبا هي أن أوروبا تختلف عن الولايات المتحدة والصين من حيث المخاطر التي تواجهها وكذلك من حيث النظام البيئي الذي تتمتع به - من حيث القدرة على بناء المرونة. ولذلك، ينبغي لها أن ترسم مسارها الخاص فيما يتعلق بالتعامل مع المخاطر التي تهدد سلسلة التوريد أو مخاطر الأمن القومي - وينبغي لها أن تفعل ما تريده دون معوقات. وينبغي لها بالتأكيد أن تستمر في الدفاع عن النظام التجاري العالمي القائم على القواعد، والأهم من ذلك، ينبغي لها حماية السوق الموحدة وتعميقها.

امتلاك المال

فيما يتعلق بتعميق السوق الموحدة، فإنك تقدمين بعض التوصيات المحددة: تحسين تنسيق الضرائب والإعانات، والحد من الكربون على مستوى الاتحاد الأوروبي وليس على المستوى الوطني، وقدرة مالية كبيرة للاتحاد الأوروبي. هذه مطالب كبيرة جدا، أليس كذلك؟
نعم. امتلاك القدرة المالية للاتحاد الأوروبي أمر واحد. يبدو الأمر صعبا في هذا الوقت. لكن من ناحية أخرى، ومع تعميق اتحاد أسواق المال، أشعر أن هناك زخما أكبر هناك. والاتحاد المصرفي، هناك زخم أكبر هناك. لذا فهذه أماكن قد تساعد أيضا. إن تعميق السوق الموحدة عبر اتحاد أسواق المال سيكون أمرا رائعا.

آلية مالية أقوى

لكن لكي نكون واضحين، أنت تطلبين من صناع القرار في الاتحاد الأوروبي أن يفعلوا أكثر بكثير مما يفعلون الآن. إنها قفزة كبيرة.
نعم بالتأكيد. لذلك، على سبيل المثال، في مجمل المناقشة حول الإطار المالي للاتحاد الأوروبي، نفضل اقتراح المفوضية. نعتقد أنه إضافة إلى ذلك، كان من الجيد لو كان لدينا مرفق مالي على مستوى الاتحاد الأوروبي مثل صندوق الاستثمار المناخي، وأن تكون لدينا أيضا آلية أقوى لإنفاذ القواعد المالية على مستوى الاتحاد الأوروبي. سيكون هذان شيئين سنضيفهما إليه.
وكيف يستجيب صناع السياسة الأوروبيون عندما تقومون بهذه التوصيات؟
أعتقد أنه أمر صعب.

احتياطيات المركزي الروسي

فقط لإنهاء مسألة صعبة أخرى، ما الذي سيحدث في رأيك إذا صادرت الولايات المتحدة وأوروبا احتياطيات البنك المركزي الروسي؟
هذا سؤال جيد. ينتهج صندوق النقد الدولي سياسة الحياد، وهو ما ينطوي على مضامين تتعلق بما يمكن أن نقوله بشأن هذا النوع من الأسئلة. العواقب التي يمكن أن تترتب على النظام النقدي الدولي هي بطبيعة الحال، أمر ننظر فيه دائما كلما كانت هناك أي إجراءات من هذا النوع. لكن هذا ليس مجالا نشارك فيه بشكل مباشر.

الأكثر قراءة