باريس تنزع الروح الباريسية وتتحلى بالتفاؤل
باريس، حيث أعيش، في حالة من الفوضى الآن. يجري حاليا تطوير الطرق وتجديدها قبل دورة الألعاب الأولمبية في الصيف المقبل. وقد دخلنا للتو فترة الأشهر الخمسة غير المشمسة السنوية.
لكن إليك شيء لن يعترف به سوى عدد قليل من الباريسيين: المدينة تقترب من أوج جديد من طيب معيشة عظيم. هذا جزء من النهضة الحضرية في الغرب، التي تتغلب على الانتكاسة القصيرة للجائحة. (العقارات التجارية مسألة أخرى). حتى إن لباريس خطة لحل المشكلة الحديثة للنجاح الحضري: كيف لا تصبح المدينة قلعة للأثرياء.
من لم يكن هنا في الآونة الأخيرة قد يلاقي صعوبة في تقدير التحول. أولا، الاقتصاد يزدهر. تبلغ نسبة البطالة في المنطقة 6.7 في المائة، أي أدنى مستوى لها منذ 15 عاما تقريبا. أضحت باريس أشبه بمدينة فاخرة، فهي موطن "لوي فويتون" (أحدث راع أولمبي، كما يليق بها)، وفيها بضع نوافير شرب مختارة يتدفق منها مياه فوارة. لكن الازدهار واسع النطاق. وحتى في أفقر مقاطعة في أراضي فرنسا، سين سان دوني، شمال باريس، أصبح شغل معظم الوظائف عسيرا. يساعد هذا على تفسير سبب انحسار أعمال الشغب التي جاوزت الحد في الضواحي والمندلعة في يونيو الماضي.
على مستوى المنطقة، هذه لحظة نادرة في التاريخ حيث يكافح أرباب العمل في تشغيل فناني الأداء، ويصبح الجزارون نجوما باهظي الثمن. عرضت علي وظيفة في البيع بالتجزئة برسالة نصية آلية. وعرض على ابني ذي الـ15 عاما، بصورة غير قانونية، العمل حارس أمن.
أصبحت باريس مدينة أعمال ثنائية اللغة مثل كوبنهاجن تقريبا. في شارع فرعي قرب مكتبي، تعلن لافتة جديدة فوق مدخل كامد، باللغة الإنجليزية: "كلية باريس للتكنولوجيا والأعمال". ظهرت مؤسسات مماثلة في أرجاء المدينة. من ناحية أخرى، تتضخم بنوك باريس الاستثمارية باستثمارات فرت من لندن بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. تتباهى فاليري بيكريس، رئيسة منطقة باريس، قائلة: "لأول مرة، تحتل المنطقة المرتبة الأولى في أوروبا، متقدمة على لندن، في الاستثمار الأجنبي الجديد (...) ومنطقة باريس هي الأولى في العالم من حيث استثمارات البحث والتطوير".
أصبحت باريس أيضا ملائمة للعيش أكثر - إذا كنت لا تقود سيارة. أدى إبعاد السيارات إلى إفساح مساحة لراكبي الدراجات وباحات المقاهي، لكن قبل كل شيء للمشاة: 65 في المائة من الرحلات الآن سيرا على الأقدام. خصصت شوارع عديدة حول المدارس للمشاة فقط. تحولت الضفة اليمنى لنهر السين من طريق سريع إلى أفضل ممشى حضري في العالم. كل هذا جعل الهواء الباريسي أقل تلوثا.
ستعمل الألعاب الأولمبية على تحسين المدينة في النهاية. فاستضافة الألعاب مثل استضافة حفل زفاف في منزل العائلة. الاستعدادات مرهقة، فكل شيء مكسور أو قديم يحتاج إلى إصلاح. الحدث نفسه مرهق أيضا. يمكن أن تدمر ألعاب باريس بسبب الإرهاب أو الإضرابات أو كليهما. لكن بمجرد مغادرة الضيوف، ستحظى بمنزل مجدد - مع مسبح، بما أن المدينة تبذل قصارى جهدها لتنظيف نهر السين للسباحة لأول مرة منذ 1923.
أكبر تحول سيكون في النقل. ستفتتح عدة محطات مترو من الـ68 محطة الجديدة قيد الإنشاء في الضواحي، وهو أكبر مشروع نقل في أوروبا، للألعاب الأولمبية.
لإنشاء مدينة رائعة جانب سلبي واحد، فهي تصبح جذابة جدا لدرجة أن أسعارها تفوق متناول الجميع تقريبا. تضاعفت أسعار شقق باريس أربع مرات تقريبا منذ 2000. تخاطر المدينة بأن تصبح مشهد أحلام للأثرياء، على غرار مسلسل نيتفليكس، "إيميلي في باريس".
لتجنب ذلك، تتبع باريس نهج فيينا، حيث يعيش أكثر من 60 في المائة من السكان في مساكن مدعومة. ربع المنازل تقريبا في باريس داخل الطريق الدائري، بيريفيريك، أصبحت مساكن اجتماعية الآن، بارتفاع من 13 في المائة في 2001. تهدف البلدية إلى أن تبلغ المساكن الاجتماعية 30 في المائة بحلول 2035، إضافة إلى 10 في المائة أخرى من المنازل "ميسورة التكلفة"، أي تقل أسعارها عن السوق بخمس. تبذل بعض المدن الناجحة الأخرى في أوروبا الديمقراطية الاجتماعية جهودا مماثلة، فمن المفترض أن يكون ثلث المساكن في زيورخ غير هادف إلى الربح بحلول 2050.
باريس، على عكس بعض المدن التي يمكن لأحدنا ذكرها، تعمل أيضا على بناء منازل عديدة، بما فيها آلاف فوق كل محطة مترو جديدة وحولها. ثم هناك القرية الأولمبية، عدة مربعات من المباني السكنية الفسيحة على ضفاف النهر في سين سان دوني. ستكتنفها الأشجار والنباتات، بما يتماشى مع أيديولوجية "تنمية الغطاء النباتي" الباريسية الجديدة. بعد الألعاب الأولمبية، ستصبح المباني مساكن اجتماعية ومكاتب ومتاجر ومقاهي بأسعار السوق. أثناء زيارتي للقرية في صباح قريب، شعرت بالذهول. غادرت مفعما بأكثر المشاعر غير الباريسية، التفاؤل.