مناخ الاستثمار قاتم في ألمانيا .. الشركات تحسب خطواتها

مناخ الاستثمار قاتم في ألمانيا .. الشركات تحسب خطواتها

قلصت الشركات الألمانية خططها الاستثمارية لهذا العام والعام المقبل، ما يزيد التحديات التي يعانيها أكبر اقتصاد في أوروبا.
في استطلاع قياسي نشر الإثنين بناء على ردود من خمسة آلاف شركة، قال معهد إيفو في ميونخ إنه وجد أن الشركات "خفضت خططها الاستثمارية بشكل كبير".
انخفض مؤشر المعهد لصافي خطط الاستثمار من 14.7 في مارس، عندما أجرى استطلاعه الأخير، إلى 2.2 في الاستطلاع الذي أجري في الأسابيع الثلاثة الأولى من نوفمبر. بالنسبة إلى العام المقبل، انخفض المؤشر، الذي يقيس الفرق بين النسبة المئوية للشركات التي تخطط لزيادة الاستثمارات وتلك التي تخطط لخفضها، إلى 1.2.
قالت لارا زارجيس من معهد إيفو: "لقد تدهور مناخ الاستثمار تدهورا ملحوظا. هذا نتيجة زيادة تكاليف التمويل وضعف الطلب وعدم اليقين في السياسة الاقتصادية".
جاءت هذه النتائج بعد أسابيع فقط من حكم المحكمة الدستورية الألمانية الذي ترك للحكومة فجوة قدرها 60 مليار يورو في ميزانيتها، ما يعقد قدرة برلين على تزويد الشركات بدعم الدولة في العام المقبل.
ولا تزال حكومة المستشار أولاف شولتس تحاول الاتفاق على ميزانية جديدة لـ2024. قالت الأسبوع الماضي إن حكم المحكمة سيجبرها على إنهاء صندوق الاستقرار الاقتصادي الذي تبلغ قيمته 200 مليار يورو تدريجيا، الذي يدعم أسعار الكهرباء والغاز للأسر والشركات، بدلا من ترحيل الأموال إلى العام المقبل.
تم إعلان قرار المحكمة في 15 نوفمبر، أثناء استطلاع إيفو. قالت زارجيس إنها فوجئت بأن الشركات التي شاركت في الاستطلاع بعد الحكم كانت "أكثر تفاؤلا بعض الشيء" بشأن الاستثمار من تلك التي شاركت فيه قبل القرار. لكنها قالت إن هذا يظهر أنه من غير المرجح أن تتأثر استثمارات هذا العام باضطراب الميزانية.
كما قالت إن الضغط الإضافي على الإنفاق الحكومي من المرجح أن يكون له تأثير أكبر في خطط استثمار الشركات لعام 2024 وتوقعت أن يظهر ذلك في مسح مارس المقبل "اعتمادا على كيفية تطور اضطراب الميزانية".
وجد أكبر خفض في خطط الاستثمار في قطاع التصنيع، حيث انخفض مؤشر الاستثمار من 21.4 في مارس إلى 6.8 في أحدث دراسة.
وفي هذا القطاع، كانت هناك انخفاضات أكبر لوحظت بين المجموعات الصناعية الأكثر استهلاكا للطاقة، مثل منتجي المواد الكيميائية، ما يشير إلى أنها ستخفض الإنفاق الرأسمالي انخفاضا حادا هذا العام.
يشار إلى أن أسعار الطاقة الصناعية الألمانية تبلغ ضعفي أسعار الطاقة في الولايات المتحدة والصين، وفق دراسة حديثة أجرتها مجموعة الأبحاث بروجنوس لمصلحة رابطة أصحاب العمل البافارية "في بي دبليو".
قال معهد إيفو إن تجار التجزئة أشاروا أيضا إلى تخفيضات كبيرة في خططهم الاستثمارية، التي أصبحت سلبية لهذا العام والعام المقبل. ومع ذلك، قال مصنعو السيارات إنهم يهدفون إلى الحفاظ على استثماراتهم عند مستوى عال.
من جهته، قال كارستن برزيسكي، رئيس الأبحاث الكلية العالمية في بنك أي إن جي الهولندي، إن حكم المحكمة الأخير تسبب في "ضرر ألحقه الاقتصاد الألماني بنفسه"، مضيفا أنه "سيؤثر بقوة ليس فقط في الاستثمارات، بل أيضا في الاستهلاك". ودفعه ذلك إلى خفض توقعاته تجاه الناتج المحلي الإجمالي الألماني إذ توقع انكماشه 0.4 في المائة العام المقبل.
انتعشت الاستثمارات الألمانية في الأعوام الأخيرة، وفقا لأرقام البنك الدولي التي تظهر ارتفاع إجمالي تكوين رأس المال الثابت كحصة من الناتج المحلي الإجمالي من مستوى منخفض بلغ 19 في المائة في 2009 إلى 23 في المائة في العام الماضي - لاحقا بمتوسط الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، فإن عددا متزايدا من الشركات الألمانية خطط لنقل أجزاء من أنشطتها إلى الخارج، خاصة الشركات الصناعية كثيفة استهلاك الطاقة، وفق دراسة حديثة أجرتها شركة ديلويت الاستشارية ومجموعة الضغط التجارية بي دي آي.
وجدت دراسة أجريت الشهر الماضي لـ100 شركة ألمانية يبلغ حجم مبيعات كل منها أكثر من 50 مليون يورو، أن ثلثها يخطط لنقل أجزاء من سلسلة القيمة الخاصة بها إلى خارج وطنها أو يفكر في ذلك. وقال ما يقارب 60 في المائة إن الأمن وتكلفة الطاقة كانا السبب الرئيس لنقل الأنشطة إلى الخارج.

الأكثر قراءة