الجمع بين الوظائف سرا .. ثمرة العمل عن بعد المرة على المديرين
بفضل كوفيد، أقضي يوم عملي العادي في المكتب، أو على حاسوبي على طاولة المطبخ، أو في أي مكان آخر.
لكن أينما أكون، لا أتذكر أني قد فكرت قط في أنني أستطيع الاستفادة من حرية العمل عن بعد هذه في الحصول على وظيفة أخرى بدوام كامل سرا.
والآن أفكر بذلك بسبب محادثة أجريتها الأسبوعين الماضيين مع أنثوني كلوتز، الأكاديمي الأمريكي الذي صاغ مصطلح الاستقالة الكبرى أثناء الجائحة ويعمل الآن في كلية لندن الجامعية للإدارة.
أخبرني أنه عندما كان يتحدث إلى جماهير كبيرة من المديرين على مدى الأشهر الستة الماضية، كان أحد أكثر المخاوف التي عبروا عنها هو تولي الموظفين عن بعد وظيفة أخرى سرا. "إنه واحد من أكثر ثلاثة أسئلة تطرح"، كما قال.
لم يكن المديرون يتحدثون عن النشاطات الجانبية بدوام جزئي، أو عمل إضافي لا يذكر لفترة وجيزة، أو تعدد الوظائف الشاق الذي يضطر إليه الموظفين الذين يتقاضون أجورا متدنية.
كانوا قلقين من أن الموظفين عن بعد قد حصلوا ببراعة على وظيفة مكتبية بأجر وبدوام كامل، إضافة إلى الوظيفة التي يدفع لهم أجر مقابلها بالفعل.
مثال كلوتز هو مثال واحد فقط، لكن هناك أدلة على أن المسؤولين التنفيذيين الذين كان يتحدث إليهم ليسوا الوحيدين في ذلك.
أخبرت نسبة كبيرة بلغت 16 في المائة من كبار موظفي الموارد البشرية في شركات كبيرة شركة جالوب للاستطلاع والاستشارات قبل بضعة أشهر أن فرقهم التنفيذية اعتقدت أن الموظفين عن بعد ربما يعملون لشركات متعددة سرا.
ليس من المفاجئ إذن أن 50 في المائة من رؤساء الموارد البشرية قالوا إن شركاتهم لديها سياسات عقابية للموظفين الذين ينتهكون قواعد العمل الهجين – قفزة كبيرة من نسبة الـ16 في المائة الذين قالوا ذلك في سبتمبر 2022.
أتفهم لم قد يشعر المسؤولون التنفيذيون بهذه المخاوف، خاصة إذا كانت تنقصهم أنظمة تمكن المديرين من أن يكون لديهم فكرة واضحة عما يفعله الموظفون ومدى جودة أدائهم، أيا كان المكان الذي يعملون منه. يعكس القلق من الموظفين في وظائف متعددة على الأرجح خوفا أكبر حيال كيفية قضاء الموظفين عن بعد غير المرئيين وقتهم، كما يقول كلوتز.
أستطيع رؤية سبب جاذبية شعور الأمان من وجود وظيفتين بالنسبة إلى الأشخاص مثل موظفي قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة الذين تضرروا من عمليات التسريح التي لا تنتهي، على الرغم من الإجهاد الذي يتضمنه ذلك. أنشأ شخص منهم موقعا إلكترونيا يدعى أوفرإيمبلويد في 2021 لمساعدة الأشخاص الآخرين الذين يجمعون بين وظيفتين "في التمرد على الشركات الأمريكية لمحاولتها الدائمة الاحتيال على الناس".
لكنني فوجئت برؤية بحث نشرته شركة ماكينزي للاستشارات في سبتمبر يظهر أن 5 في المائة من القوة العاملة في المنظمات التقليدية كانوا منخرطين في ظاهرة الجمع بين الوظائف المتزايدة.
وصفت ماكينزي ما أسمتهم "بالموظفين المتعددين" بأنهم موظفون يتقاضون أجورا بدوام كامل ويعملون في وظيفتين أو أكثر في الوقت نفسه، على الأرجح سرا، وعادة ما يكون ذلك عندما يعملون عن بعد.
حتى نسبة 5 في المائة تعد مرتفعة بالنسبة لي، لكن ذلك يعود لأن وظيفتي الوحيدة تأخذ مني وقتا أكثر من كاف.
كما أنني لست مهندسة برمجيات. كانت الحالة الوحيدة التي سمعت عنها شخصيا عن الجمع بين وظيفتين تخص رجلا يشغل منصبا في هندسة البرمجيات في شركة ناشئة صغيرة فصل من عمله عندما اكتشف رؤساؤه ما كان يفعله.
ربما يكون براين روك قد ألهمه، مهندس برمجيات آخر خسر وظيفته في أمازون في وقت مبكر من الجائحة.
تمكن روك بعد ذلك من الحصول على ثلاث وظائف في "آي بي إم" و"ميتا" و"تيندر"، كما أخبر موقع بزنس إنسايدر للأخبار أخيرا، ما جعله بصدد جني أكثر من 820 ألف دولار في العام.
لكن إجهاد الساعات الطويلة وإخفاء أمر كل صاحب عمل عن الآخر أرهقه، خاصة بعد ما طلبت منه ميتا الحضور إلى المكتب بضعة أيام في الأسبوع.
إن لم يستطع حجز غرفة ليجري مكالمات "آي بي إم" و"تيندر" الخاصة، فسيجري محادثات مثيرة للأعصاب في مكتب ميتا المفتوح حيث يمكن سماعه بسهولة.
انتهى به المطاف بالتخلي عن كل هذه الوظائف الثلاث والحصول على وظيفة واحدة جديدة منفردة، ما أجده أمرا مفيدا.
إذا لم يتمكن شخص بمثل أعصاب روك الحديدية من التعامل مع هذا الشكل المتطرف من الجمع بين الوظائف، مقابل ما يقارب مليون دولار، فقد لا يكون هناك كثيرون مثله. وحتى إن وجد بعضهم، فقد لا يصمدون لفترة طويلة كما يخشى مديرون كثيرون.