آيكيا وليجو تسبحان عكس التيار

آيكيا وليجو تسبحان عكس التيار

اكتسب امتداد الواجهة البحرية في وسط كوبنهاجن شهرة بسبب تصميمين متباينين: جسر بايسكل سنيك الأنيق للدراجات المؤدي إلى برجي كاكتس الغريبين صراحة للمهندس المعماري البارز بيارك إنجليس. أصبح هذا الجزء من العاصمة الدنماركية أخيرا موطنا لتصميم جديد، متجر آيكيا جديد وسط المدينة.
تم التنبؤ بموت المتاجر مرات عدة. أصبحت الشوارع الرئيسة حول العالم فارغة مع نمو التسوق عبر الإنترنت بلا هوادة على ما يبدو. لكن الشركتين الاسكندنافيتين العملاقتين -آيكيا وليجو المملوكتين للقطاع الخاص- تراهنان بشكل كبير على استمرار أهمية المتاجر، حتى مع استثمارهما بكثافة في التجارة الإلكترونية أيضا.
قال جيسبر برودين، الرئيس التنفيذي لشركة إنكا، المشغلة لمعظم متاجر آيكيا: "كان الناس يتحدثون عن موت الكتب، والآن الكتب هي أروع شيء. لا أريد أن أكون رجعيا. لكن الناس يريدون أن يعيشوا تجربة، يجب أن يكون يوما رائعا يقضونه في الخارج".
يتضرر كثير من تجار التجزئة الآن بسبب التباطؤ الاقتصادي الحالي في كثير من الدول المتقدمة نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة والتضخم. لكن استطاعت آيكيا وليجو، عن طريق تغيير استراتيجيتهما عما يمكن أن يكون عليه المتجر بدهاء، مقاومة الاتجاهات القاتمة في صناعاتهما.
يبدو متجر آيكيا في كوبنهاجن شبيها بمستودعاتها الكبيرة خارج المدينة، لكنه أصغر حجما. يعد واحدا من 60 متجرا افتتحته المجموعة العام الماضي، كان كثير منها في وسط المدن وليس ضواحيها. ربما كان العملاء مستعدين للذهاب في رحلة إلى الضواحي لشراء أريكة أو مطبخ جديد، لكن لن يفعلوا ذلك للمشتريات الأصغر، وهؤلاء هم من تأمل شركة الأثاث غير المركب أن تكسبهم عن طريق متجرها الأكثر مركزية، وهو جزء كبير من تحول نموذج أعمالها. من المقرر افتتاح متجر آيكيا في الموقع الرئيس لسيرك أكسفورد في لندن العام القادم. ساعدت المتاجر الجديدة آيكيا على نمو المبيعات نموا صحيا بنسبة 7 في المائة إلى 48 مليار يورو بداية العام حتى أغسطس.
الأمر سيان بالنسبة إلى ليجو، أكبر شركة صنع ألعاب في العالم من حيث المبيعات والأرباح. ضاعفت المجموعة الدنماركية عدد متاجرها ثلاثة أضعاف تقريبا تحت قيادة نيلز كريستيانسين الرئيس التنفيذي، الذي تولى المنصب نهاية 2017. افتتح المتجر الألف في سبتمبر في سان أنتونيو، وتخطط ليجو لافتتاح نحو 150 متجرا هذا العام وحده. نمت مبيعات المستهلكين لديها 3 في المائة في النصف الأول حتى مع تراجع سوق الألعاب الأوسع.
يتعلق موضوع فتح المتاجر بالنسبة إلى شركة صنع المكعبات البلاستيكية الشهيرة باستعادة التحكم بعملية المبيعات وإعطاء الأطفال والكبار على حد سواء مكانا يقصدونه لعلامة ليجو التجارية. أفلست تويز آر أص في 2017، وذهب معها 10 في المائة من توزيعات ليجو. "المتاجر ستبقى ذات أهمية" كما قال كريستيانسين.
بالنسبة إلى آيكيا وليجو، فإن بيع المنتجات ليس سبب وجود المتاجر الوحيد. فكلاهما محايدتان بشأن مكان البيع الفعلي -سواء في المتجر أو عبر الإنترنت- لكنهما تريدان الاقتراب من مكان وجود المتسوقين، وتمكينهم من رؤية المنتجات والإحساس بها.
قال تولجا أونكو، مدير عمليات البيع بالتجزئة في إنكا: إنه عندما افتتحت آيكيا متجرا مصغرا في مركز جاليريان التجاري في ستوكهولم، لم تزدهر الأعمال فقط، بل كان هناك ارتفاع في مبيعات متجرين آخرين في ضواحي العاصمة السويدية والمبيعات على الإنترنت. والأفضل من ذلك، نصف المتسوقين في مركز جاليريان صنفوا على أنهم "جدد على آيكيا"، بمعنى أنهم لم يزوروا أحد متاجرها الأخرى خلال عام على الأقل.
"قد ينظر إلينا أحيانا على أننا الأسماك التي تسبح عكس التيار"، كما قال أونكو، مشيرا إلى نهج شركة تجارة التجزئة المختلف في البيع بالتجزئة. "لكن بالنسبة إلينا في آيكيا، سأفترض أننا لا نزال في بداية عملية تسهيل الوصول إلينا". تقيس الشركة الآن إجمالي المبيعات لكل مدينة، بناء على المتاجر والتسوق عبر الإنترنت مجتمعين.
كما أنها وجدت استخدامات جديدة للمتاجر الموجودة. اتضح أن المستودعات خارج المدينة ذات الرفوف الضخمة المليئة بالمنتجات يمكن الاستفادة منها كمراكز إدارة المخزون للتسوق عبر الإنترنت، ما يسمح لآيكيا بتجنب الحاجة إلى مراكز توزيع للتجارة الإلكترونية التي يحتاجها كثير من تجار التجزئة. لكنها ارتكبت أخطاء أيضا. يعترف أونكو أنها ظنت في البداية أن العملاء في وسط المدينة لن يرغبوا بتخطيط متاجر آيكيا سيء السمعة لأنه أشبه بالمتاهة، لكن بعد إفادات الآراء عادت إلى المسار الكلاسيكي لمتاجرها الأكبر.
بالنسبة إلى ليجو، تعد متاجرها واجهة فعلية لعلامتها التجارية، وتوفر لها تحكما أكبر مما كان لديها في تويز آر أص مثلا. إن كريستيانسين متفائل بشأن الحاجة إلى مواقع فعلية، وأشار إلى أن ليجو افتتحت متجرا للتو في تولسا، مدينة في أوكلاهوما عدد سكانها 400 ألف فقط. "تلك مدينة لم نكن سنعدها كبيرة بما يكفي قبل خمسة أعوام"، كما قال، مضيفا أنه لا يرى أي علامات على توقف نمو الافتتاحات الجديدة في أي وقت قريب، "لا أرى أننا نقترب من حد أقصى".

الأكثر قراءة