الأسواق في 2024 .. تحذير من توقع خفض سريع لأسعار الفائدة

الأسواق في 2024 .. تحذير من توقع خفض سريع لأسعار الفائدة

ها هو موسم توقعات العام المقبل يقبل علينا مرة أخرى وتسود أجواء "دي جافو" قوية، أي أننا رأينا هذا من قبل. في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان المستثمرون والمحللون مشغولين بإخبار العالم عن قناعاتهم الرئيسة حول 2023. وأهمها أن الولايات المتحدة تتجه نحو ركود وأن الانخفاض التاريخي في أسعار السندات الحكومية قد بلغ نهايته.
الآن، ستصدم عندما تسمع أن الرسالة الرئيسة لـ2024 هي (لقد أخطأنا بالتأكيد في المرة الأخيرة، لكن اسمعنا): الولايات المتحدة تتجه نحو ركود والانخفاض التاريخي في أسعار السندات الحكومية قد بلغ نهايته.
التعديل الرئيس على هذه اللازمة المتكررة هو أنه من المتوقع عموما أن يكون الركود المراوغ معتدلا، بحيث يكون تباطؤا بدلا مما يدعى "الهبوط العنيف"، وهو العرض المرعب الذي توقعه كثيرون بداية هذا العام. لكن معظمهم يتفقون على أن العام المقبل سيكون النقطة التي تبدأ فيها أسعار الفائدة المرتفعة في التأثير أخيرا، ما يعزز جاذبية الأصول الآمنة مثل الديون الحكومية. إنهم يعنون ذلك حقا هذه المرة.
إن التوصل إلى التوقع الصحيح أمر بالغ الأهمية ليس فقط لسوق السندات، بل لكل أسعار الأصول الأخرى التي تستخدم أسعار السندات كمرساة. يسارع المحللون والمستثمرون إلى الاعتراف بأن هذه المهمة الحاسمة قد حيدتهم عن مسارهم هذا العام.
قال فنسنت مورتييه، كبير مسؤولي الاستثمار في أموندي، أكبر شركة لإدارة الأصول في أوروبا، في اجتماع للتوقعات الأسبوع الماضي: "رأينا العام الماضي توقعات لسيناريو عودة السندات. كنا مبكرين قليلا".
فيما كان المستثمرون يتوقعون انخفاضا في عائدات السندات، تعرضت السوق لضربة. هذا العام، ارتفعت عائدات السندات الحكومية الأمريكية القياسية لأجل عشرة أعوام من نقطة منخفضة عند 3.3 في المائة تقريبا في أبريل إلى 5 في المائة أواخر أكتوبر - وهي أعلى نقطة منذ ما قبل الأزمة المالية.
عموما، أصاب الإجماع في توقع التضخم. انخفضت وتيرة الزيادات في الأسعار في أغلب الاقتصادات الكبرى انخفاضا حادا. لكن سمات سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، تعني أن مالكي المساكن محميون من وهج ارتفاع تكاليف الاقتراض لأعوام. كما أن الشركات الأمريكية لم تشعر بعد باللسعة. أسهم السخاء المالي لإدارة بايدن إسهاما مصيريا في استمرار سيرورة الاقتصاد. قلل الإجماع تقدير المدة التي سيستغرقها تشديد السياسة النقدية في التأثير.
قال مورتييه إنه، بعوائد تبلغ 5 في المائة، سندات الخزانة طويلة الأجل هذه كانت ببساطة جيدة جدا ولا يمكن تفويتها. كانت "أموندي" من بين عديد من صائدي الصفقات الذين اشتروا عند هذا المستوى. وبالتفكير على المدى الطويل إلى حد ما، يقول: "نحن الآن مقتنعون أكثر من ذي قبل بأن السندات عالية الجودة عادت لتكون جزءا من محفظة". ويعتقد أن قفزة في الأسعار ستعني أن عائد السندات الأمريكية لأجل عشرة أعوام سينخفض إلى 3.7 في المائة بحلول نهاية 2024، وإن كان ذلك على مسار متقلب محتمل.
وبالمثل، تشجع يو بي إس لإدارة الثروات عملاءها على التفكير في "تأمين" العوائد المرتفعة نسبيا المعروضة الآن توقعا لتباطؤ في العام المقبل - إضافة إلى احتمالية خفض أسعار الفائدة نهاية 2024، التي كانت تعتقد سابقا أن خفضها محتمل في الوقت الحالي. تقول ليزلي فالكونيو، رئيسة استراتيجية الدخل الثابت الخاضع للضريبة، إن نموا أبطأ سيفوق تأثير ضعف السندات المحتمل الناجم عن معروض أكبر من المعتاد من الديون الجديدة التي تصل إلى السوق.
مع هذا، عدة قضايا رئيسة تقييد المزاج. أحدها التواضع في التوقعات - قليل من سينسى سهولة توقع التوقع الخاطئ هذا العام، ما يعني أنه الآن، "تخلى الناس عن تبني آراء قوية"، كما قال وولف فون روتبرج، استراتيجي الأسهم في البنك الخاص جيه سافرا ساراسين.
علاوة على ذلك، استسلم مستثمرون بسبب التقلبات. حتى الذين اعتادوا على الرحلات الجامحة في أسواق أسعار الفائدة على مدى الأعوام القليلة الماضية فوجئوا بحجم التحولات الأخيرة - رحلة ذهابا وإيابا شديدة من عوائد 4 في المائة في سبتمبر إلى تلك الذروة عند 5 في المائة تقريبا ثم العودة بتراجع كبير في غضون ستة أسابيع، هذا أبسط مثال.
قال جريج بيترز، الرئيس المشارك للاستثمار في شركة بي جي أي إم للدخل الثابت: "التحركات في السندات قوية للغاية، والتقلبات عالية جدا (...) ليست مناسبة للاستثمار تقريبا. من الصعب جذب مستثمرين حقيقيين إلى السوق عندما تكون التقلبات عالية جدا، لذلك تترك مع مشترين هامشيين - ينسحبون من السوق عند ارتفاع الأسعار- حساسين للغاية مثل صناديق التحوط وآخرون، الأمر الذي يحدث تقلبات أكثر."
علاوة على ذلك، قال إن التحول السريع في العوائد كان كافيا لإبعاد كثير من المشترين المحتملين على المدى الطويل لأنه يشير إلى أن السوق، ليست أول مرة لها، قد استبقت الأمور. وبدلا من مجرد أن تحتسب إجراء توقف في رفع أسعار الفائدة الأمريكية، كانت السوق تعكس بالفعل احتمالية إجراءات خفض قوية محتملة في أسعار الفائدة.
يحذر بيترز قائلا: "انتزعت السوق قيمة كبيرة من عام 2024 بالفعل"، محذرا من أي توقع لخفض سريع في أسعار الفائدة. "ذلك الدليل الذي عفا عليه الزمن الذي يتبعه المستثمرون، حيث يعتقدون أنه في أي تراجع في الاقتصاد، ستهرع البنوك المركزية وتخفض أسعار الفائدة".
عبء التوقعات ثقيل على نحو غير عادي. يظهر المسح الدوري لبنك أوف أمريكا أن المستثمرين يضعون ثالث أكبر رهان إيجابي على السندات في العقدين الماضيين. علاوة على ذلك، أخبر 61 في المائة من مديري الصناديق البنك أنهم يتوقعون عوائد أقل في 2024. إذا كان هذا النوع من ثقل الإجماع لا يستوقفك، فلن يستوقفك شيء آخر. لا يزال أمام هذا العام متسع من الوقت للتغلب على قليل من الثقة الزائدة بالسوق، ومن الخطير افتراض أن السوق الصاعدة "خطأ" قد انتهت.

الأكثر قراءة