في حطام السيارات الكهربائية عبرة للطفرة التالية
كان المنطق سليما. سيحتاج العالم إلى بطاريات أكثر بكثير مما يمكنه إنتاجه اليوم، ومع قطعة الأرض المناسبة والتكنولوجيا المتقدمة، من شبه المستحيل ألا تحقق نجاحا ماليا ساحقا.
كان هذا هو المبدأ الذي أسست عليه شركة بريتيش فولت، الشركة الناشئة المتعثرة التي أصبحت الآن معرضة لخطر الانهيار الثاني المذل في غضون عام واحد، بعد أن رفع أحد موظفيها السابقين دعوى قضائية في محاولة لاستعادة شهور من أجوره غير المدفوعة.
لا يزال الاندفاع العالمي على البطاريات وطفرة السيارات الكهربائية الواسعة في أوجهما، الأمر الذي جذب فيضا من الشركات الكبيرة والصغيرة. لكننا في تلك المرحلة من دورة الابتكار التي يطفو فيها بعض الحطام على السطح. كشفت البيئة الأوسع لأسعار الفائدة العالية وتدقيق المستثمرين الدقيق عن الشركات التي لها خطط عمل مضللة أو طموحات غير واقعية.
لقد ظهرت عديد من الشركات ذات الصلة بالسيارات الكهربائية لأول مرة في السوق المالية خلال الطفرة الأخيرة في الشركات المنشأة بغرض الاستحواذ، والأدوات المالية للشركات المدرجة التي تجمع الأموال ثم تسعى وراء شركات لتستحوذ عليها. من بين أكثر من 30 شركة مدرجة في الولايات المتحدة، فقط حفنة قليلة منها لم تصدر تحذيرا من احتمال نفاد سيولتها في غضون عام.
بالطبع ظهرت بعض حالات الاحتيال الصريح. خلال الطفرة، انتشرت مقولة في صناديق التحوط التي تراهن ضد الأسهم: تحولت عمليات الاحتيال البسيطة فجأة إلى عمليات احتيال تقدر بمليارات الدولارات.
لنأخذ حالة شركة نيكولا، وهي شركة تصنيع السيارات الكهربائية التي اشتهرت عندما دحرجت إحدى شاحناتها أسفل التل من أجل مقطع فيديو ترويجي. ينتظر مؤسسها تريفور ميلتون الآن الحكم بعد إدانته بالاحتيال على المستثمرين بتضليلهم بشأن تكنولوجيا "نيكولا" لرفع سعر سهم الشركة. ففي مرحلة ما، كانت القيمة السوقية لـ"نيكولا" أعلى من شركة جنرال موتورز حتى طرح أحد صناديق التحوط أسئلة كثيرة وأدى إلى انهيارها بالكامل.
تكمل "نيكولا" عملياتها التشغيلية بصعوبة بعد موافقتها على دفع 125 مليون دولار لتسوية اتهامات احتيالها على المستثمرين بتضليلهم. في أغسطس، اضطرت الشركة إلى استدعاء جميع الشاحنات الـ209 التي سلمتها لإصلاح عيب محتمل في حزمة البطارية بعد حريق شب في يونيو في إحدى مركباتها.
طالما كانت المسألة أن الكم الهائل من الشركات التي تأمل في الدخول في مجال السيارات الكهربائية لن تمنى جميعها بالنجاح. وهذا بالطبع جزء من الهدم البناء، وهو مصطلح مهذب يشير إلى العملية التطورية الداروينية المتمثلة في إفساح الشركات الضعيفة بإفلاسها مجالا أمام منافسين أو تكنولوجيا أفضل. لقد أعقب طفرة الدوت كوم تصفية كبيرة لشركات الإنترنت الأكثر ميلا إلى المضاربة والاحتيال وذات الأرباح القليلة. ومن الحطام خرج فائزون مثل "جوجل" و "فيسبوك".
كان من المتوقع وجود بعض الشركات الخاسرة من بين الذين اندفعوا إلى سوق السيارات الكهربائية المربحة، على أمل استغلال تقييم شركة تسلا، أو وعود إعانات الدعم الحكومية.
لكن هذا لا يعني أننا لا نستطيع أن نتعلم دروسا من هذه الدورة. أحدها هو الدور الذي يجب أن تلعبه الشركات الكبرى في فرصة الشركات الناشئة.
ربما صدق المساهمون الضجيج الذي روجت له "نيكولا" جزئيا لأن شركة بوش للتكنولوجيا كانت من بين مستثمري الشركة وتباهى مجلس إدارتها بمسؤول تنفيذي سابق في جنرال موتورز. في سوق مليئة بطموحات كبرى، بحث المستثمرون عن شهادات من أطراف خارجية لتأكيد موثوقيتها. كان من المفترض أن يجري أحد ما أبحاثه.
وعلى نحو مشابه، ربما كان الوجود المهيب لكل من هنري كيسنجر في مجلس إدارة شركة ثيرانوس، وروبرت مردوخ في قائمة المستثمرين فيها بمنزلة بلسم قبول مطمئن لـ" ثيرانوس" الناشئة في مجال اختبارات الدم والتي فشلت بعد أن عصف بها بالاحتيال.
لكن حتى خداع العظماء والصالحين أو تضليلهم بالاحتيال ممكن كأي شخص آخر، كما حدث مع كيسنجر ومردوخ. وهناك رغبة في الصراخ بـ"فليحذر المشتري" في وجه المستثمرين الأفراد. ومع ظهور طفرات جديدة، قد يأمل المرء أن تسهم التجارب الأخيرة في تشجيع "الكبار" على التفكير مليا وبذل مزيد من البحث والتقصي قبل دعم أي شركة أخرى طموحة للغاية.
من الواضح أن التوجه المندفع نحو الذكاء الاصطناعي هو أحد المجالات المناسبة للشركات الجديدة والمبتكرة. سينجح بعضها وربما تغير الطريقة التي نعيش بها، في حين أن شركات عديدة أخرى، سواء أكانت شرعية أو غير شرعية، ستمنى بالفشل. وعلى نحو مماثل، فمن الصعب أن نتصور أن كل شركة تهرع نحو منبع طفرة الاستثمار الذي قدمه قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة لا تخلو من الاحتيال. ومهما كانت استجابة الاتحاد الأوروبي، فسيواجه المشكلة نفسها. إعانات الدعم تجذب المحتالين. وهناك مثل من يوركشاير يقول: "أينما يوجد الوحل يوجد النحاس". وهنا مثل آخر: أينما يوجد تهافت على الذهب، يوجد نصابون.