كدح ثم فصل .. ساعات عمل وول ستريت تمثل أمام المحكمة
تساءلت كيت شايبر عن سبب وجود دوامة العجلة ثم الانتظار في الخدمات المصرفية الاستثمارية. "سأقدر حقا لو كنا نقدر على وضع استراتيجية لكيف نستطيع أن نكون أكثر فاعلية في وقت أبكر من اليوم"، كما كتبت في بريد إلكتروني أرسلته في أغسطس 2020 إلى مصرفي في منصب أعلى في فريق صفقة "بروجيكت دراجون" الذي عينت فيه لتوها.
قبل عدة أسابيع من ذلك، انضمت شايبر إلى سنترفيو بارتنرز، بنك النخبة الاستثماري المتخصص في الدمج والاستحواذ، بصفتها محللة في العام الأول وكانت تبلغ من العمر 21 عاما. قالت خريجة كلية دارتموث إنها قد عملت حتى ما بعد منتصف الليل في اليوم السابق لكنها سجلت خروجها قبل أن تؤكد لزملائها أن مهامها قد اكتملت. كانت نادمة صباح اليوم التالي لكنها كانت قلقة أيضا من أن بقاءها مستيقظة طوال الليل قد يفاقم اضطراباتها المزاجية والقلقية.
أخبرت في ذلك اليوم قسم الموارد البشرية عن حالتها الصحية وعن احتياجها العلاجي بأن تنام من ثماني إلى تسع ساعات ليلا، ما أكدته لاحقا بمذكرة من ممرضة. عبر سنترفيو مباشرة عن تعاطفه معها وطبق ما يشار إليه "بالحواجز"، إذ تعفى لمدة تسع ساعات يوميا بدءا من منتصف الليل من واجباتها في العمل.
بعد أقل من ثلاثة أسابيع في سبتمبر 2020، استدعيت شايبر إلى اجتماع أجري عن طريق الفيديو حيث طردها اثنان من المسؤولين في سنترفيو، وأخبراها بشكل مقتضب أن الشركة لم تعد تستطيع مراعاة متطلبات نومها. لذلك قاضت شايبر سنترفيو، متهمة الشركة بانتهاك قوانين مكافحة التمييز الفيدرالية والحكومية التي تعتقد أنها تنطبق عليها نظرا إلى تشخيص صحتها العقلية. وتطالب بتعويضات بقيمة خمسة ملايين دولار.
قال سنترفيو إن من حقه إنهاء خدمة شايبر، مدعيا أنها لم تستطع ببساطة تلبية متطلب أساسي لوظيفة شاقة بينما قال البنك أيضا إنه يخشى من العواقب الصحية إذا بقت. دفعت أماكن العمل في وول ستريت لتصبح بيئات أكثر إنسانية بطرق قد تكون جديدة على الأجيال السابقة. لكن المقتضيات التجارية للصناعة لا تزال شديدة كما كانت. بدأ هذا الصدام المتوتر المستمر في سنترفيو في الصيف قبل ثلاثة أعوام والآن مهمة نظام العدالة الإصلاح بين الأطراف.
يمتلك سنترفيو سمعة بأنه مكان سار نسبيا للمصرفيين الاستثماريين المبتدئين كما ذكرت "فاينانشيال تايمز" سابقا. كان كثير من المصرفيين الثابتين هناك محللين مبتدئين في الشركة قبل ذلك، حيث ساعدوا على تخفيف المعوقات غير الضرورية في إعداد دفاتر المبيعات والعروض التقديمية لمجلس الإدارة.
كما لسنترفيو سمعة في توسطه صفقات ضخمة. تضمن بروجيكت دراجون الذي كانت شايبر جزءا منه عميلا يبلغ تقييمه 100 مليار دولار في مواجهة مستثمر نشط وعرض غير مطلوب. بعد أن طلبت شايبر تقليص حجم العمل، وضح أحد كبار المحللين في رد على البريد الإلكتروني أن أسوأ جزء في الخدمات المصرفية الاستثمارية هو أنه "لا يمكنك أن تستبق الأمور (...) فالأوقات المتأخرة من الليل هي جزء من الوظيفة، خاصة في حال كانت هناك صفقة حية كهذه". لاحظ محلل آخر في بروجيكت دراجون في بريد إلكتروني أرسله إلى زميل كبير أن تطور شايبر الأوسع كان معرضا للخطر نظرا إلى عدم وجودها في كل الأوقات. "بما أن عليها التنقل داخل وخارج مسارات العمل، التي ستستمر بالتقدم سريعا، أعتقد أن الوضع سيصبح مربكا بشكل متزايد بالنسبة إليها حيث يكمل الآخرون الإجراءات بدونها".
أخبرت شايبر سنترفيو أنها تستطيع العمل 105 ساعات في الأسبوع، بمعدل 15 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع، وأنها سجلت مثل هذه الساعات خلال فترة عملها القصيرة في سنترفيو. ووضحت ترتيبات التسوية التي قد يقدمها لها سنترفيو في إفادة. "كان من الممكن (...) أن تسند إلي صفقات حية لا تتطلب السهر طوال الليل ولا يفترض ذلك للعمل عليها"، مضيفة أن الشركة كان بإمكانها أيضا "ضمان" ليلة نوم كاملة لاحقة بشكل منفصل عندما تعمل في الساعات الأولى من الليل.
طلب سنترفيو من قاض فيدرالي إصدار حكم فوري مستعجل بأن الإنهاء كان ضمن حقوقه. إذا تمكنت شايبر من الوصول إلى مرحلة المحاكمة، فستكون حجتها الرئيسة هي أن سنترفيو لم يخطرها أبدا بأن وظيفتها كانت معرضة للخطر بعد الاعتراف بحالتها بحرية. أدلت شايبر بشهادتها قائلة إنها الآن محللة مالية في جوجل في كاليفورنيا حيث ينتهي يومها بين الساعة الخامسة مساء والثامنة مساء.
أقر سنترفيو بأن جهوده في التوظيف لم تعلن أبدا بشكل صريح أن المحللين المبتدئين يعملون طوال الليل في بعض الأحيان، لكن كان على شايبر أن تكون على علم بأن الجدول المرهق هو ما يعتقد البنك أنه وضع طبيعي مفهوم على نطاق واسع في الصناعة.
سأل محامي شايبر أحد المسؤولين التنفيذيين في سنترفيو في إفادة عما إذا كان لا يزال بإمكان سنترفيو توقع تسلم آلاف طلبات التقديم إذا قرر تحذير الطلاب بوضوح بشأن الساعات الطويلة وتلقى إجابة ربما لم يكن يتوقعها.
"أجل، إنني أتوقع ذلك (...) لأنه يوجد كثير من الأشخاص الطموحين للغاية والجيدين والأذكياء الذين يريدون أن يعملوا في الخدمات المصرفية الاستثمارية (...) نعم، ستعمل بجد، وأجل إنها بيئة صعبة (...) ويوجد كم من المواعيد النهائية، وعملاء كثيرون، ولا يمكن التنبؤ بالوضع، لكن نعم يريدون التعلم (...) إنها بيئة تعليمية قوية للغاية".