رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


في رمضان .. لماذا الفردية في الصدقات؟

لا شك أن الكثير يستغل شهر رمضان المبارك (الذي أبارك لقرائي أن شهدوه) بعمل كثير من الأعمال الصالحة, التي منها الصدقة وبذل المال في أعمال تطوعية خيرية، حتى أن هناك من اتخذ شهر رمضان توقيتا لإخراج زكاة ماله, التي ليست عملاً تطوعياً, بل هي الركن الثالث للإسلام لأهميتها. والصدقة على المحتاجين مادياً أو رعاية شؤونهم بالتكفل بعلاج أو غذاء أو كساء أمر مندوب ويقبل عليه بإيمان أفراد المجتمع, خصوصاً بحكم الجانب الديني, لذا فالمجتمع السعودي بالذات والمسلم على وجه العموم, مجتمع إنساني يغلِّب جانب التكاتف والتعاضد مع بعضه بعضا في رجاء الثواب من الله - سبحانه وتعالى - نظير هذه الصدقات وبذل الأموال.
والنظرة إلى المال في الإسلام تختلف عنها في الغرب والنظم الاقتصادية الأخرى, إذ إن المفهوم الإسلامي للمال هو مفهوم أن المال الذي يمتلكه الشخص هو مال الله, وأن الشخص مستخلف عليه في توزيعه والاستفادة منه. ولذا فهو محاسب عليه من أين اكتسبه وفيم أنفقه. وجاءت الشريعة الإسلامية بعدد من التشريعات للمال بشكل واضح يكفل بيان هذا الاستخلاف والطريقة للتعامل مع المال بشكل عام, فمنها الزكاة وفرضها وبيان أساليب الكسب المحرم والشرعي وغير ذلك من الأوامر والنواهي حتى أفاضت إلى مناحي التبرعات والهبات ونفع أعضاء المجتمع غير القادرين على كسب المال في توجه واضح إلى توازن مؤمل بين أفراد المجتمع على الأقل في إيجاد الحاجات الأساسية للفرد. والحديث يطول جداً في نظرية المال من منظور إسلامي وسمو مقاصده ولكنني أقتصر على جانب واحد بحكم الزمان والمناسبة وهو التبرعات النقدية بالذات للأفراد, وخصوصاً من يستدر عطف المسلمين في الجوامع والتجمعات بإظهار الحاجة إلى أبجديات الحياة من مال لأكل وشرب ولباس أو كهرباء أو غيرها. لا أستطيع أن أجزم بالحاجة لهؤلاء من عدمها, فمنهم من هو في حاجة ومنهم من هو لاستغلال الوقت والمناسبة. ولذا لجأت الأنظمة الاقتصادية المختلفة عالمياً إلى وضع نظم مؤسساتية, حيث أثبتت أن ''مأسسة'' مثل هذه الأعمال هي أولى وأجدى من الفردية وأكثر كفاءة في الأداء للوصول إلى الغاية والهدف. وفي المملكة تم قيام عدد من المؤسسات الخيرية التي تجمع التبرعات وتوزع على المحتاجين في نظام مؤسساتي يتفق ونظرية الكفاءة في الأداء, إلا أننا ما زلنا ننظر إلى الفردية في القرار, خصوصاً في التبرعات والأعمال الخيرية, بدلاً من تلك الجمعيات والمؤسسات الخيرية, التي - بلا شك - هي الأقدر بشكل أكبر على معرفة حقيقة الحاجة للمحتاجين ذاتهم. ولهذه الفردية وتفضيلها على المؤسساتية عدد من الأسباب حري بتلك الجمعيات أن تطلب كتبرع من مؤسسات الخبرات الاستشارية دراسة هذا الوضع والتعرف على أسبابها لكي تضع الحلول المناسبة بدلاً من الاعتماد على الآراء وحصيلة الخبرة فقط, وذلك أملاً في أن تكون الجمعيات الخيرية ذات ريادة أكثر وأكبر لأننا من المؤمنين جداً بدورهم العظيم. وجزاهم الله خيراً أولاً وآخراً .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي