سقوط شركة رائدة .. ماذا يعني إفلاس «وي وورك»؟

سقوط شركة رائدة .. ماذا يعني إفلاس «وي وورك»؟

بفضل مواقعها العصرية وعروضها المجانية من المرطبات، نجحت شركة وي وورك في جعل المساحات المكتبية المرنة رائعة، كانت هناك مشكلة واحدة فقط: لم تتمكن الشركة من جعلها تحقق ربحا.
ألقى انزلاق شركة وي وورك إلى الإفلاس في الولايات المتحدة، تحت وطأة التزامات إيجار المكاتب التي تزيد على 13 مليار دولار، بظلاله على موفري مساحات العمل المرنة على جانبي الأطلسي، وزاد من المخاوف بشأن الضائقة المالية لأصحاب المكاتب الذين يعانون الانتقال إلى العمل من المنزل.
قال ديفيد تولي، الرئيس التنفيذي لشركة وي وورك، في ملف إفلاس الشركة "إنها عدلت 590 عقد إيجار وخفضت التزامات الإيجار المستقبلية بمقدار 12 مليار دولار، لكنها لم تتمكن من التغلب على تكاليف العقارات القديمة والرياح المعاكسة للصناعة".
والسؤال هو ما إذا كانت المشكلات التي يواجهها قطاع المكاتب المرنة تظل محصورة في شركة وي وورك، وما إذا كانت الشركات الأخرى التي اعتمدت العمل المرن قادرة على جعل التحول إلى العمل الهجين الذي حفزته جائحة كوفيد - 19 لمصلحتها.
يقول مارك ديكسون، الرئيس التنفيذي لأكبر شركة للمساحات المكتبية المرنة، آي دبليو جي، "إن المتاعب والمحن التي واجهتها شركة وي وورك كانت بمنزلة عرض جانبي لتحول ضخم في سوق المكاتب".
وأضاف ديكسون "تمثلت النكسة في التكنولوجيا، وليس شركة وي وورك.. فالتكنولوجيا تغير طريقة عمل الناس".
تأمل العلامات التجارية للمكاتب المرنة أن تجد الشركات التي تتطلع إلى توفير المال على المكاتب الثابتة الكبيرة في المساحات المرنة -التي تراوح بين المكاتب بالساعة والطوابق الكاملة ذات التصميمات المخصصة- كبديل، رغم المتاعب التي يواجهها الاسم الأكثر شهرة في هذا القطاع.
قال جيمي هوداري، الرئيس التنفيذي لشركة إندستريوس لتقديم خدمات العمل المشترك ومقرها نيويورك "المفارقة الكبرى في إفلاس شركة وي وورك هي أنه يأتي في اللحظة التي تشهد فيها الصناعة المرنة بشكل عام أداء قياسيا"، وأضاف أن "كثيرا من الشركات كان ينتقل من مساحة المقر الرئيس الضخمة إلى مساحة أكثر مرونة وبحجم أكثر تواضعا، لم يكن إفلاس شركة وي وورك متعلقا بنقص الطلب بقدر ما كان متعلقا بتفاصيل نموذج أعمالها".
إن إفلاس شركة وي وورك يضاعف التحديات الكبيرة التي تواجه أصحاب المكاتب. فقد وصلت معدلات الشغور إلى أعلى مستوياتها منذ عقدين من الزمن هذا العام في لندن والمدن الكبرى حول الولايات المتحدة، مع قيام الشركات بتقليص مساحات مكاتبها.
كانت شركة وي وورك، التي توفر 900 ألف مكتب للعملاء في أكثر من 700 موقع عالمي، تجري بالفعل محادثات لإعادة التفاوض بشأن كثير من عقود الإيجار الخاصة بها. وكجزء من ملف إفلاسها بموجب الفصل 11 الذي قدمته إلى محكمة نيوجيرسي الفيدرالية في وقت متأخر من يوم الإثنين، طلبت الشركة الإذن بإلغاء 69 عقد إيجار في الولايات المتحدة وكندا، بما في ذلك نحو 40 موقعا في نيويورك.
ستؤثر خسارة الإيجارات الناجمة عن رحيل "وي وورك" سلبا في قيمة المباني التي ستتركها وراءها، ومن المتوقع أصلا أن تنخفض قيم المكاتب بنحو 50 في المائة في المتوسط في مدن مثل سان فرانسيسكو ونيويورك في الأعوام الثلاثة المقبلة مقارنة بمستويات عام 2019، وفقا لشركة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية.
ولا تشكل مواقعها الدولية جزءا من عملية إعادة الهيكلة، لكنها مع ذلك عانت الاضطراب.
قالت شركة وي وورك يوم الثلاثاء "إنها ابتداء من أكتوبر، قامت بحجز 78 مليون دولار من الإيجار المستحق لأصحاب العقارات الأمريكيين والدوليين". وقالت شركة لاندلورد هيليكال الأسبوع الماضي "إنها أنهت عقود إيجار شركة وي وورك لأكثر من ستة طوابق في أولد ستريت في لندن بسبب عدم دفع الإيجار". وتوصلت الشركتان إلى اتفاق قصير الأجل لإعادة شغل المساحة بعد أن سددت شركة وي وورك الإيجار والرسوم.
من المحتمل أن تتضمن عملية إخراج نفسها من عقود الإيجار غير المرغوب فيها بعض المعارك القضائية على الأقل. أدرج ملف إفلاس "وي وورك" عدة مطالبات بملايين الدولارات تتعلق بمدفوعات الإيجار المتأخرة أو رسوم إلغاء عقود الإيجار، التي تتنازع الشركة على عدد منها.
لكن المسؤولين التنفيذيين والمحللين العقاريين يتوقعون أن يكون التأثير المباشر لإفلاس شركة وي وورك في سوق المكاتب الأوسع محدودا.
فقد قالت شركة البيانات العقارية كوستار "إن تراجع شركة وي وورك يشكل خطرا كبيرا على أصحاب عقارات محددين، لكن أثره لا يزال صغيرا جدا مقارنة بالسوق ككل". وقالت شركة كوستار "إن وي وورك تمثل 0.73 في المائة من الإشغال في نيويورك وأقل من نصف في المائة في سان فرانسيسكو وبوسطن".
وقال ديكسون من شركة آي دبليو جي "هذه جمرات حول حافة النار"، إن شركة آي دبليو جي، التي تشغل 3,455 موقعا على مستوى العالم تحت علامات تجارية من بينها ريجوز وسبيسيز، استحوذت بالفعل على عدد كبير جدا من "وي وورك" وستهدف إلى تأمين مزيد.
وقال هوداري، الرئيس التنفيذي لشركة إندستريوس، "إن بعض المواقع الرئيسة لشركة وي وورك ستكون أكبر من أن تتمكن شركات أخرى من الاستحواذ عليها، لكن من المحتمل أن يتم الاستيلاء على معظمها. سيبدو هذا مثل الطريقة التي تعمل بها صناعة الفنادق. عندما لا ينجح فندق ماريوت، فإنه يصبح فندق حياة. لن تختفي كل هذه الأشياء، بل ستديرها جهة أخرى".
قال كال لي، الذي يقدم المشورة بشأن مساحات العمل المرنة في وكالة سافيلز العقارية، "إنه تلقى مكالمات من المشغلين طوال هذا الأسبوع وطوال الأسبوع الماضي، حيث يريدون الحصول على أي مساحات عمل تابعة لشركة وي وورك تعود إلى السوق".
وقال لي "إن شركة وي وورك كانت رائدة، لكن كيفية توسعها، والنموذج الذي استخدمته للتوسع، تسببا في النهاية في هذا التوتر".
يستخدم مزودو الخدمة الآخرون نماذج أعمال مختلفة يقولون إنها أكثر استدامة. إنهم حريصون على تجنب عقود الإيجار باهظة الثمن وطويلة الأجل التي أدت إلى سقوط الشركة التي أسسها آدم نيومان رائد الأعمال.
تركت هذه العقود شركة وي وورك في مأزق لدفع الإيجار حتى عندما انخفض عدد العملاء الذين يستخدمون مساحتهم خلال جائحة كوفيد - 19. وقالت "وي وورك"، "إن أعداد الإشغال لديها انتعشت إلى 75 في المائة عام 2022، من 45 في المائة عام 2020"، وأضاف لي من شركة سافيلز أن "التغيير الكبير هو أن المنافسين في مجال العمل المرن لم يأخذوا هذه المواقع بموجب عقد إيجار كامل في السوق.. لقد غيروا نموذج أعمالهم ليدركوا أنه من أجل تحقيق نطاق واسع فإن الحصول على عقود إيجار طويلة الأجل ليس أمرا مستداما مثل اتفاقيات الإدارة والمشاريع المشتركة".
وبموجب ترتيبات الشراكة أو الإدارة هذه، يعهد أصحاب العقارات في الواقع بتشغيل المساحات المكتبية لعلامات تجارية تعمل في مجال مساحات العمل المرن.
وأفادت شركة آي دبليو جي بأنه من بين 204 صفقات للمواقع الجديدة تم توقيعها في الربع الثالث من هذا العام، تطلبت 200 منها "استثمارات مالية صغيرة". ومع ذلك، فإن 60 في المائة من مراكز آي دبليو جي تعمل بموجب عقود إيجار قياسية، مقارنة بأقلية تعمل كمشاريع مشتركة، أو امتيازات، أو اتفاقيات إدارة أو حيث يختلف الإيجار حسب الإيرادات. يتم توقيع عقود إيجار "آي دبليو جي" في كثير من الأحيان من قبل كيانات مؤسسية ذات أغراض خاصة للحد من المخاطر التي تتعرض لها الشركة بشكل عام.
وقال هوداري "إن شركة إندستريوس بدأت التحول إلى عقود إدارة عام 2017، وكانت على وشك الإلغاء التدريجي لجميع عقود الإيجار التقليدية". كانت مجموعة أوفيس، شركة مساحات العمل المرنة التي يمتلك بنك بلاكستون حصة أغلبية فيها، عادة تمتلك مكاتبها، لكن الرئيس التنفيذي إنريكو سانا قال "إن لديها عددا متزايدا من اتفاقيات الإدارة".
حتى مع نماذج الشركات الجديدة، تواجه العلامات التجارية للمكاتب المرنة تحديات.
فقد بدأ بعض أصحاب العقارات في التنافس مباشرة عبر تشغيل خيارات العمل المرنة الخاصة بهم. وقالت نيكي جيبسون، وهي مديرة في شركة إدارة العقارات أشداون فيليبس آند بارتنرز "لن تذهب المساحة المرنة إلى أي مكان". وأضافت أن "مزيدا من أصحاب العقارات يتساءلون، ربما ينبغي أن نفعل ذلك بأنفسنا". وقالت "وي وورك"، "إن بعض عملائها توصلوا إلى اتفاقيات مباشرة مع أصحاب العقارات للبقاء في المساحات التي يشغلونها".
كما أن سوق المكاتب الأوسع مليئة بالمساحات الرخيصة المتاحة للتأجير من الباطن من الشركات التي تسعى إلى تقليص حجمها.
وألقى تولي من شركة وي وورك باللوم جزئيا على "الأسعار غير المسبوقة والكميات الكبيرة من المساحات المستعملة في مشكلات الشركة"، وقال "مثقلة بكثيرمن عقود الإيجار غير المستدامة، أصبح من الصعب بشكل متزايد الحفاظ على نموذج الأعمال الحالي لشركة وي وورك، وتجب إعادة تسعيره ليتوافق مع سوق العقارات الحالية".

الأكثر قراءة