الاحتيال سمة وليس خللا .. العملات المشفرة تحت تنظيم صارم

الاحتيال سمة وليس خللا .. العملات المشفرة تحت تنظيم صارم

قال خبراء التسويق والمشاركون في السوق: إن اللوائح الجديدة في المملكة المتحدة "تحرز تقدما" في القضاء على أسوأ التجاوزات في الترويج للاستثمار في العملات المشفرة، وذلك بعد أن أصدر المنظمون 146 تنبيها يتعلق بسوء الممارسة خلال أول يوم كامل من التنظيم.
أصدرت هيئة السلوك المالي هذه التنبيهات، محذرة المستهلكين من الشركات التي تقدم أصول العملات المشفرة دون تصريح تنظيمي، بعد أن أصبحت الصناعة تحت الإشراف التنظيمي للهيئة في الثامن من أكتوبر.
كما اتخذت هيئة السلوك المالي هذا الإجراء الصارم على الرغم من ضغوط مارسها أحد الوزراء - حسبما أوردت "فاينانشيال تايمز" - على الهيئة لتكون متساهلة مع الشركات التي لم تكن قادرة على تلبية جميع متطلبات النظام التنظيمي الجديد في الوقت المناسب.
قدرت الهيئة التنظيمية هذا العام أن 4.97 مليون بريطاني بالغ امتلكوا على الأقل بعض أصول العملات المشفرة في أغسطس 2022. وقالت الهيئة عندما أعلنت القوانين الجديدة: إن كثير من المستثمرين أعربوا عن أسفهم "لاتخاذ قرار متسرع" بالاستثمار في العملات المشفرة وأنها تقدم " تحذيرات الخطر الصحيحة" من أجل اتخاذ قرار مستنير.
قال شيلدون ميلز، المدير التنفيذي للمستهلكين والمنافسة في هيئة السلوك المالي في يونيو: "يجب أن يظل المستهلكون على دراية بأن العملات المشفرة لا تزال غير منظمة إلى حد كبير وتحمل مخاطر عالية".
وفي حديثه الأسبوع الماضي، قال جيمس دالي، المدير في شركة فيرر فاينانس الاستشارية، التي تروج لمعاملة أفضل لمستهلكي الخدمات المالية، إنها "لحظة جيدة" لسن "تنظيم مناسب" للقطاع.
"على الأقل أصبح تسويقه خاضعا للتنظيم الآن، وهذا يعني أن هيئة السلوك المالي كانت تصدر تحذيرات وتضمن وقف المعلومات المضللة"، كما قال دالي.
من جانبه، قال ليث خلف، رئيس تحليل الاستثمار في منصة أيه جيه بيل الاستثمارية، إن هيئة السلوك المالي "تحرز تقدما" بالتأكيد في تنظيم العملات المشفرة. وقال إنه في حين أن معظم المستثمرين البريطانيين استثمروا مبالغ صغيرة في هذه الفئة وعدوها رهانا عالي المخاطر، فإن هناك أقلية ملحوظة استثمرت "أموالا كثيرة" في العملات الجديدة، بناء على "توقعات غير واقعية البتة".
قال خلف: "أعتقد أن هؤلاء الأشخاص هم من نأمل أن يستفيدوا إلى حد ما من التنظيم الأفضل".
كان قرار هيئة السلوك المالي بتنظيم تسويق استثمارات العملات المشفرة مثيرا للجدل. يشتبه بعض المتشككين في أن العملات - التي تعتمد قيمتها على طريقة عمل تكنولوجيا بلوكتشين القائمة على الحاسوب - لها قيمة يمكن الاعتماد عليها على المدى الطويل.
كما أشار نقاد إلى أن التعامل معها باعتبارها استثمارات منظمة يخاطر بإيجاد "تأثير الهالة" - ما يجعل المستثمرين يأخذونها على محمل الجد، بسبب الموافقة الواضحة من الهيئات التنظيمية. قال كريس راندل، الرئيس السابق لهيئة السلوك المالي، هذا الشهر لـ"فاينانشيال تايمز": إن الاحتيال كان "سمة، وليس خللا" في جزء كبير من قطاع العملات المشفرة.
وأشار مراقبون آخرون إلى أن إخضاع الأصول للتنظيم الصارم الذي تفرضه هيئة السلوك المالي يهدد بقتل الابتكار المفيد. كتب أندرو جريفيث، وزير الحي المالي في لندن، إلى هيئة السلوك المالي في الخامس من أكتوبر، قبل إدخال القوانين الجديدة مباشرة، قائلا إن المشاركين في السوق أعربوا له عن قلقهم بشأن صرامة القوانين وطلبوا من الهيئة التنظيمية إظهار "التسامح" مع دخول القوانين حيز التنفيذ.
أصر دالي على أن التنظيم أمر أساسي. وقال: "سيكون من الصعب للغاية القضاء على العملات المشفرة تماما، ولذلك إذا رأينا مزايا هذه التكنولوجيا، فمن الأفضل أن نحاول استغلالها وتنظيمها بأمان".
قالت هيئة السلوك المالي: إنها "شاركت على نطاق واسع" مع صناعة الأصول المشفرة في المملكة المتحدة وخارجها لمساعدة المشاركين في السوق على الاستعداد للقوانين الجديدة، التي تغطي مسألة كيفية ترويج الأصول للمستهلكين. وقالت إنها عرضت أيضا على المشاركين "المرونة" في تنفيذ أجزاء من القوانين التي تتطلب "تطويرا فنيا أكبر".
لكنها أضافت: "عندما لا تمتثل الشركات لقواعدنا، فسنتخذ إجراءات لإزالة المحتوى غير القانوني ونحمي المستهلكين".
رحبت بعض منصات الاستثمار في العملات المشفرة بتلك القوانين الأكثر صرامة. قالت منصة لونو في أكتوبر: إنها ستوقف تسجيل العملاء الجدد في المملكة المتحدة مؤقتا وتقدم اختبارا للعملاء الحاليين للتأكد من فهمهم للمخاطر المترتبة على استثماراتهم.
ورحبت بالقوانين الجديدة باعتبارها "خطوة مهمة لصناعة العملات المشفرة".
"تساعد اللوائح التنظيمية على حماية عملاتك المشفرة من خلال رفع المعايير في الصناعة وردع الجهات الفاعلة السيئة"، وفقا لما قالته منصة لونو للعملاء.
قال مايكل جونسون، رئيس قسم الامتثال في زومو، وهي منصة أخرى للاستثمار في العملات المشفرة، إن "النظام التنظيمي الصحيح، الذي يتم تقديمه بالوتيرة الصحيحة" سيكون "حاسما" للمملكة المتحدة لتحقيق إمكاناتها كمركز عالمي لتكنولوجيات العملات المشفرة.
مع ذلك، قال مارتن دوكيرتي هيوز النائب عن الحزب الوطني الاسكتلندي، والناطق السابق باسم الحزب فيما يتعلق بتكنولوجيات أنظمة بلوكتشين، إنه في حين أن القطاع يحتاج إلى نظام تنظيمي قوي، فإن هيئة السلوك المالي غير مجهزة جيدا لتوفير ذلك.
من جهته، قال دوكيرتي هيوز، عضو البرلمان عن ويست دونبارتونشير: "إنهم مثل هيئات القطاع العام الأخرى، التي يتم دفعها إلى أقصى حدودها. إن الأمر يتطلب استثمارا أكثر، أشخاصا أكثر في هيئة السلوك المالي".

الأكثر قراءة