السويد تسبق الولايات المتحدة في معالجة الإدمان على النفط
شعر رئيس الوزراء السويدي جوران بيرسون بالراحة وهو يستمع إلى خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش عن حالة الاتحاد، وأبلغ صحيفة "نيويويرك تايمز" معلقا بقوله: "هناك شخص واحد على الأقل يفهم في المشكلة"، وواضعا تجربة بلاده في مواجهة الإدمان على النفط الأجنبي في خدمة الولايات المتحدة.
فالسويد أخذت على عاتقها الاهتمام بالبيئة وحمايتها، وفي سبيل ذلك بدأت برنامجا طموحا للاستغناء عن النفط الأجنبي بحلول عام 2020، أي قبل سنوات خمس من الهدف الذي وضعته إدارة بوش. وخلال هذه الفترة ستدفع السويد ببرامج لإقناع الركاب باستخدام بنزين أقل، وأن يملأوا خزانات وقود سياراتهم بالإيثانول، إلى جانب ترقية وسائل مختلفة لتدفئة منازلهم دون أحداث تلوث في الجو. لكن بيرسن يقول إن هذا التاريخ يعتبر هدفا وليس وقتا محددا ينبغي الالتزام به، لكنه يظل هدفا طموحا وميدانا للتعليم المستمر.
ولخدمة هذا الهدف، تم اعتماد العديد من البرامج لتوفير طاقات بديلة، فنتيجة للتركيز على الديزل العضوي تراجع استهلاك وقود التدفئة بنسبة 85 في المائة.
شركتا "ساب" و"فولفو" المملوكتان لكل من "جنرال موتورز" و"فورد" طرحتا نماذج للسيارات تستخدم طاقة بديلة. ويوجد في البلاد حاليا نحو 450 من جملة أربعة آلاف محطة وقود تقدم طاقة بديلة مثل الإيثانول، ويتوقع للعدد أن يرتفع إلى 2400 بحلول عام 2010.
وفي العام الماضي أنتجت السويد 23 في المائة من الإيثانول باستخدام القمح ومخلفاته كمادة خام. ومن جملة 4.2 مليون سيارة تجوب شوارع السويد، فإن أقل من 100 ألف تسير بطاقة بديلة.
الحوافز والإعفاءات الضريبية تجعل سعر الوقود القائم على الإيثانول يقل بمقدار الثلث عن ذلك الوقود التقليدي، رغم أن الإيثانول يكلف 40 في المائة زيادة في إنتاجه، بل وهناك حوافز مثل الإعفاء من رسوم الطريق والمواقف للمركبات التي تستخدم طاقة بديلة.
الشركات المصنعة للسيارات وافقت من جانبها على مزج نسبة 5 في المائة من الإيثانول مع الوقود التقليدي لتقليل الاعتماد على الأخير، وهي تسعى لمضاعفة النسبة.
ومع أن ما تفعله السويد يمثل تجربة قد تكون مفيدة، إلا أن هناك فروقات واضحة عندما يتعلق الأمر باستفادة الولايات المتحدة منها، فالسويد بملايينها التسعة والمساحات الشاسعة بها التي تمتد حتى القطب الشمالي لا تمثل نموذجا يمكن لأمريكا اتباعه، فكل من الجغرافيا والتاريخ منح السويد مصدرا للطاقة يمكن الاعتماد عليه: الأنهار والطاقة النووية، التي تزود البلاد بنصف احتياجاتها من الطاقة الكهربائية، لكن دون التأثيرات المصاحبة للبيوت المحمية وغازاتها المنبعثة. ثم إن توافر المياه لا يجعل هناك حاجة إلى الري الصناعي.
من ناحية أخرى، فإن السويد مثلها مثل بقية الدول الأوروبية تهتم بقضايا التغير المناخي على عكس الولايات المتحدة. ولهذا تعتمد الدنمارك على الرياح لتوفر لها 20 في المائة من احتياجاتها من الطاقة، وألمانيا، وبريطانيا تخططان للاستغناء عن الطاقة النووية، بينما تستعد فنلندا لتكون أول بلد أوروبي يقوم ببناء مفاعل نووي منذ 15 عاما.