أحد أقوى أفكار العلماء .. مكافحة الخرف بقلب سليم

أحد أقوى أفكار العلماء .. مكافحة الخرف بقلب سليم
أحد أقوى أفكار العلماء .. مكافحة الخرف بقلب سليم

يتذكر ستيوارت لامبي اللحظة التي بدأ فيها مرض الزهايمر يأخذ والده منه قبل خمسة أعوام. ومع اشتداد المرض، أصبح "الرجل الحقيقي"، الذي خدم في زمن الحرب في البحرية الملكية وأدار فيما بعد شركة ناجحة، عدوانيا لفظيا تجاه زوجته التي كان يعشقها.
يقول لامبي، الذي لم يسمع والده إيان يشتم من قبل، إن مثل هذا السلوك كان سيثير اشمئزاز الرجل الذي كان والده عليه من قبل. "لقد كان من غير المعقول أن هذا هو الشخص نفسه. حقا، لم يكن هو الشخص نفسه، بل كان المرض".
إن الخرف، بقدرته على تغيير الشخصية وتحطيمها، يضارع السرطان أو حتى يتفوق عليه في غطاء أكثر حالاتنا إثارة للخوف.
ومدركا للقول المأثور إن "ما هو مفيد للقلب مفيد للعقل"، ومصمما على تجنب مصير والده، بدأ لامبي، البالغ من العمر 64 عاما، رياضة الجري، ويفضل اتباع نظام غذائي متوسطي ويعلم نفسه العزف على البيانو - "نشاطي الفكري لمكافحة الخرف".
لكن بعيدا عن التجارب الشخصية المؤلمة والأرقام القاتمة التي جعلت من الخرف أولوية للأنظمة الصحية حول العالم، فإن البيانات العالمية عن حالات الخرف الجديدة تقدم بصيصا من الأمل.
ورغم الاعتقاد السائد على نطاق واسع بأن الخرف لا بد أن يرتفع بشكل كبير مع تقدم سكان العالم في العمر، يعتقد الخبراء أن احتمالات تجنب الخرف، في العالم المتقدم على الأقل، أقوى مما كانت عليه قبل جيل مضى.
فقد أظهرت دراسة نشرت عام 2020، التي جمعت عدة أبحاث لتتبع صحة نحو 50 ألف شخص فوق 65 عاما، أن معدل حالات الخرف الجديدة في أوروبا وأمريكا الشمالية قد انخفض 13 في المائة لكل عقد على مدار الـ25 عاما الماضية - وهو انخفاض كان متساويا في جميع الدراسات.
بالنسبة إلى ألبرت هوفمان، الذي يرأس قسم علم الأوبئة في كلية تي إتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد، يشير البحث إلى استنتاج واحد: "الخطر المطلق للإصابة بالخرف أقل الآن" مما كان عليه قبل 30 عاما.
والآن، هناك دلائل مبكرة على أن الظاهرة نفسها قد تنشأ في اليابان، وهو تطور مذهل في واحدة من أكثر السكان شيخوخة في العالم، ما يشير إلى أن الاتجاه الهبوطي أصبح أكثر انتشارا.
يعترف هوفمان بأن فكرة تناقص العبء الناجم عن الخرف قد تبدو متعارضة مع الأعداد الهائلة التي لا تزال تصاب بالمرض.
قدر تحليل يستند إلى قاعدة بيانات العبء العالمي للأمراض، التي تعد واحدة من أكثر الدراسات الاستقصائية موثوقية من نوعها، أن عدد الأشخاص المصابين بالخرف سيرتفع من 57.4 مليون حالة على مستوى العالم عام 2019 إلى 152.8 مليون حالة عام 2050. ومع ذلك، حتى هنا كانت هناك دلائل تشير إلى أنه عندما تؤخذ شيخوخة السكان في الحسبان، فإن معدل الانتشار سيظل مستقرا، وليس في ارتفاع.
ومع التأكيد على أن أسباب انخفاض معدل الإصابة ليست مفهومة بالكامل بعد، يعتقد هوفمان أن تحسين صحة القلب من المرجح أن يكون عاملا مهما نظرا إلى الروابط المؤكدة بين الاثنين.
ويقول: "في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، كان هناك منذ 50 عاما تركيز هائل على الوقاية من أمراض القلب التي كانت تؤدي إلى الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية". ويشير إلى أن ما لا يقل عن ثلث السكان الذين تزيد أعمارهم على 50 عاما يتناولون الآن حبوبا للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم، كما ارتفع استخدام عقاقير ستاتين، وهي مجموعة من الأدوية التي تقلل نسبة الكوليسترول.
وما يضيف وزنا إلى هذه الفرضية، هو أن الدراسات تشير إلى أن انخفاض حالات الخرف كان أكبر لدى الرجال، الذين تركزت عليهم الجهود الرامية إلى الحد من عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب إلى حد كبير في السبعينيات والثمانينيات، وهي الحقبة التي كان يعتقد فيها خطأ أن النساء أقل عرضة للإصابة بالخرف.
لكن هذا الاتجاه الهبوطي فاجأ في البداية حتى الباحثين ذوي الخبرة.
كانت كارول براين، أستاذة طب الصحة العامة في جامعة كامبريدج - والباحث الرئيس في واحدة من أقدم دراسات الخرف الراسخة، وهي دراسات الوظيفة الإدراكية والشيخوخة - "مندهشة" عندما وجدت لأول مرة دليلا على انخفاض معدل الإصابة. وتضيف: "كنت أعتقد حقا أن مسار الخرف لا يمكن تغييره لأنني اعتقدت أنه مرتبط ارتباطا وثيقا بالشيخوخة".
والآن تتم إعادة النظر في هذه النظرية. تسبق النتائج توافر أي علاجات طبية لهذه الحالة، لذا فإن فرضية برين هي أن الحد من الإصابة يتطلب "تحسين الوظيفة العصبية" طوال حياة الشخص عن طريق تحسين صحة الدماغ والصحة البدنية.
يقول هوفمان إن الوقاية من الخرف في الممارسة العملية قد تعني تأجيله لفترة كافية بحيث يتمكن الناس من عيش حياتهم دون الشعور بآثاره.
ويقول: "بالنسبة إلى الأفراد فهذا يعني الموت من شيء آخر".

"حقيقة مزعجة"

كانت واحدة من أقوى الأفكار التي اكتسبها العلماء في الأعوام الأخيرة أهمية تحسين صحة الأوعية الدموية، ومدى فاعلية جسمك في نقل الدم من وإلى القلب، في مكافحة الخرف.
قد يلعب هذا دورا ليس فقط في الحماية من الخرف الوعائي، وهو التشخيص الذي يعطى لما يصل إلى 30 في المائة من أولئك الذين يصابون بهذه الحالة، لكن أيضا في المساعدة على تجنب تطور أعراض مرض الزهايمر، الذي يبدو أنه ينتج عن تراكم اثنين من البروتينات السامة، تاو وأميلويد بيتا، في الدماغ.
تقول فرانسين جرودستين، أستاذة الطب الباطني في مركز راش لأمراض الزهايمر في الولايات المتحدة، التي قادت دراسة لبحث كيفية اختلاف شيخوخة الدماغ بين المشاركين على مدى عقود: "لقد أصبح مجال الخرف يقدر أن أمراض الأوعية الدموية قد تسهم في الإصابة بخرف الزهايمر، وليس فقط في الخرف الوعائي".
وتقول إن سوء صحة الأوعية الدموية يرتبط ارتباطا وثيقا بتطور الخرف السريري لمرض الزهايمر، مشيرة إلى أعوام من البحث.
وقد حققت دراسة جرودشتاين، التي نشرت في وقت سابق من هذا العام، اكتشافا مهما. فبينما بدا أن علامات أمراض الأوعية الدموية في الدماغ قد انخفضت مع مرور الوقت، فإن مدى العلامات المميزة لمرض الزهايمر في الدماغ بقي كما هو. هذا قاد الفريق إلى الافتراض بأن "أي انخفاض في خرف الزهايمر السريري قد يرجع جزئيا إلى صحة أفضل للقلب والأوعية الدموية وجزئيا إلى زيادة القدرة على مقاومة أسباب مرض الزهايمر"، مثل لوحة الأميلويد، بدلا من انخفاض مرض الزهايمر نفسه.
يشير تشينغ شوان تشيو من مركز الشيخوخة في معهد كارولينسكا في السويد، الذي قاد دراسة أجريت عام 2013 على كبار السن في ستوكهولم، التي كانت من أوائل الدراسات التي أظهرت انخفاضا في الإصابة بالخرف، إلى أن هذه النتيجة توفر الأمل في أن المرض قد يكون أقل استعصاء على الحل مما كان يعتقد سابقا. ويقول: "حتى لو لم نتمكن من فعل الكثير بشأن تاو أو أميلويد، يمكننا أن نفعل شيئا بشأن تعزيز صحة الأوعية الدموية في الدماغ وهذا سيساعد أيضا على منع ظهور الأعراض أو تأخيرها".
ويعتقد باحثون آخرون أن الآثار قد تكون عميقة بالنسبة إلى الطريقة التي يتم بها النظر إلى الحالة والتعامل معها. يعتقد جوناثان شوت، أستاذ علم الأعصاب في مركز أبحاث الخرف التابع لكلية لندن الجامعية، أن عمل جرودشتاين جزء أساس من مجموعة "الأدلة المختلفة التي تم تجميعها لبعض الوقت" للإشارة إلى أنه من الممكن الحد بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف عن طريق تحسين الصحة، وربما خاصة في منتصف العمر.
إضافة إلى تحسين صحة الأوعية الدموية، هناك عامل آخر يعتقد الباحثون أنه لعب دورا في تقليل عدد الحالات الجديدة.
ويبدو أن أولئك الذين تظل أدمغتهم رشيقة ونشطة أكثر قدرة على تحمل تدهور الخرف دون أي فقدان واضح للقدرات العقلية، وهو مفهوم يعرف باسم "الاحتياطي المعرفي".
كثيرا ما يرتبط بطول المدة التي يبقى فيها الشخص في التعليم الرسمي. وباستخدام عينات من الدماغ، وجدت براين وفريقها في كامبريدج "أنه كلما ارتفع مستوى التعليم، من حيث أعوام التعرض، قلت احتمالية الإصابة بالخرف خلال حياتك.
وقد أدت هذه النتيجة إلى انقسام الرأي بين العلماء: هل أولئك الذين يحصلون على تعليم أفضل قادرون ببساطة على التعامل مع أعراضهم لفترة أطول - أم أن التعليم نفسه له أثر وقائي؟
من الصعب الحصول على إجابات محددة لمثل هذه الأسئلة. بينما يسعى الباحثون لاكتشاف المزيد حول مدى استمرارية اتجاه انخفاض معدل الإصابة، وما يكمن وراءه وكيف يمكن استدامته، فإنهم يواجهون صراعا دائما لجمع التمويل اللازم للعمل الشاق المتمثل في إجراء دراسات سكانية كبيرة.
ويقول أحد العلماء إن هذا المجال يهيمن عليه "قوة" أبحاث الطب الحيوي التي تهدف إلى اكتشاف الأدوية السحرية التي من شأنها علاج، أو على الأقل تخفيف، أشكال مختلفة من المرض - مع مردود هائل في المستقبل لأي شركة تنجح في هذه المهمة.
تقول برين: "لا توجد أموال تقريبا تستثمر في الدراسات الوبائية للخرف بين السكان في الوقت الحالي. هناك مليارات من الجنيهات تنفق على اكتشاف الأدوية والبحث الآلي لكنك تحتاج حقا إلى أن تكون مرتبطا بما يحدث بين السكان".
لقد كشف عملها الخاص وعمل زملائها عما تسميه بسخرية "الحقيقة المزعجة" - وهي أن المجموعات التي تستخدمها شركات الأدوية لدراسة الأدوية الجديدة بعيدة كل البعد عن تمثيل أولئك الذين تم تشخيص إصابتهم بالخرف ككل.
فبدلا من التقسيم بدقة إلى الأشكال المختلفة التي يمكن أن يتخذها المرض - الأوعية الدموية، أو مرض الزهايمر، أو أجسام ليوي، وهو النوع الثاني الأكثر شيوعا - أظهر تحليل الدماغ بعد الوفاة الذي أجراه باحثو مؤسسة سي إف أيه إس أن معظم الحالات جمعت عناصر من النسخ المختلفة. ويضيف برين أنه في المقابل، كان المشاركون المنخرطون في تجارب أدوية الزهايمر الجديدة يميلون إلى أن تكون لديهم "الأشكال الأكثر ندرة... ونقاء" من المرض. ونتيجة لذلك، فإن أي نتائج حول فاعلية الدواء الجديد قد لا تترجم إلى عدد أكبر من السكان.
هناك عامل تعقيد آخر وهو العمر. حيث في الأغلب ما كان الأشخاص الخاضعون للاختبار أصغر بعشرة أعوام من 84 عاما، وهو متوسط العمر الذي يتطور فيه المرض. وتحذر من أن مثل هذه الدراسات قد تفوت مدى قدرة كبار السن على تحمل مستويات كبيرة من لوحة الأميلويد - وهو مؤشر رئيس لمرض الزهايمر - دون ظهور الأعراض، ما قد يعرضهم لخطر الإفراط في العلاج.
وتقول برين: "إن مبرر كل هذا الاستثمار من قبل شركات الأدوية هو في النهاية دواء يمكن تطبيقه على الناس، ونعلم أن معظم حالات الخرف تحدث عند كبار السن مع كل هذه الأمراض المختلطة".
"لذا، إذا كنت تتتبع وتستهدف بروتينا واحدا فقط، الذي نعلم أنه يمكن تحمله في أدمغة كبار السن، فمن المحتمل أن تكون قد أفرطت في تناول الدواء بشكل كبير".

التوقعات العالمية

في الوقت الحالي، يعد انخفاض حالات الخرف الجديدة ظاهرة حصرية في العالم الغني.
ومع ذلك، يقول هوفمان من جامعة هارفارد إن الدراسات السكانية الكبيرة، التي تولد الأفكار الأكثر موثوقية، تجري في البرازيل، ونيجيريا وجنوب إفريقيا، مضيفا: "لدي أمل في أن نرى النمط نفسه".
إن التغييرات واضحة بالفعل في اليابان، حيث وجدت دراسة أجريت على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما في بلدة هيساياما، التي ما زالت جارية منذ 1985، أن نسبة المصابين بالخرف انخفضت من 18 في المائة عام 2012 إلى 12 في المائة بعد عقد من الزمن. ولن يكمل فريق الدراسة تحليلا كاملا لأحدث البيانات حتى العام المقبل. لكن البروفيسور توشيهارو نينوميا، الباحث الرئيس، يقول إن هذا الدليل على انخفاض معدل انتشار المرض، وكذلك انخفاض معدل الوفيات الناجمة عن المرض، يشير إلى أن معدل الإصابة أيضا قد انخفض على الأرجح.
وهو يتوقع أن تستمر الحالات في النمو، لكن بمعدل أبطأ بكثير. فبينما كان قد قدر في 2010 أنه سيكون هناك ثمانية ملايين حالة من حالات الخرف بين السكان اليابانيين بحلول 2050 - أي ضعف العدد الحالي البالغ أربعة ملايين - فإنه يعتقد الآن أن الرقم الأكثر دقة من المرجح أن يكون خمسة ملايين.
ويقول نينوميا إن دراسة هيساياما ساعدت في تشجيع التركيز على التثقيف والتوعية الصحية، وإدارة أفضل للأمراض المرتبطة بنمط الحياة، التي تنتشر الآن في سائر أنحاء اليابان. ويضيف: "يقول الناس إنه من الصعب للغاية الوقاية من الخرف، لكنني أعتقد أن بياناتنا الجديدة تظهر إمكانية القيام بذلك".
ويظل من غير الواضح ما إذا كان المسار الهبوطي سيستمر أم لا. إن ظهور الأغذية المصنعة وأنماط الحياة التي تتسم بالجلوس لفترات طويلة منذ منتصف القرن الماضي، بما في ذلك الارتفاع المذهل في معدلات السمنة في الـ40 عاما الماضية، يعني أن بعض الأجيال الحالية يعيشون حياة أقل صحة من آبائهم أو أجدادهم.
ووجدت أحدث دراسة أجراها براين في الفترة من 2010 إلى 2014 أن الانخفاض في حالات الخرف كان أقل بكثير في المناطق المحرومة، ما يؤكد استحالة فصل المرض عن "المحددات الاجتماعية" للحياة الصحية مثل السكن اللائق والتغذية.
وتقول الدكتورة سوزان ميتشل، رئيسة السياسات في مؤسسة أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة، وهي مؤسسة خيرية: "كل ما أستطيعه هو فقط وضع فرضية حول هذا الأمر، ولكن في ضوء ما نعرفه عن التغيرات الأخرى التي تحدث، مع زيادة انتشار مرض السكري، والسمنة، التي تعد عوامل خطر للإصابة بالخرف، قد نرى معدلات الإصابة تبدأ الارتفاع في المستقبل".
وتقدم دراسة نشرت الأسبوع الماضي بعض الأدلة الإحصائية على هذه المخاوف. حيث أشار البحث، الذي نشر في مجلة "لانسيت بابليك هيلث"، إلى أن حالات الإصابة بالخرف انخفضت في إنجلترا وويلز 28.8 في المائة بين 2002 و2008، لكنها ارتفعت مرة أخرى 25.2 في المائة بين 2008 و2016.
ويقول إريك برونر، أحد الباحثين في الدراسة، إنه في حين أن هناك احتمالا أن النتائج التي توصلوا إليها هي جزء من التقلب الطبيعي في الحالات، "فإننا واثقون تماما بأن الارتفاع يبدو حقيقيا" - رغم أنه ينبغي أن يتكرر في دول أخرى.
قد تعكس هذه النتائج "الارتفاع الهائل في معدلات السمنة، وبالتالي مرض السكري من النوع الثاني"، إلى جانب الأزمة المالية لعام 2008، التي تركت "كثيرا من الناس يعيشون في حالة من الحرمان، والفقر الغذائي، وهو ما ليس مشجعا فعلا لصحة الناس". ويضيف أن دور العوامل الاجتماعية كان مدعوما بالنتيجة التي توصلت إليها الدراسة بأن الارتفاع الأكبر في الحالات الجديدة كان بين الأشخاص الأقل تعليما.
ومن مصادر القلق الأخرى هو أنه في العالم الغربي، ربما تم بالفعل تحقيق كثير من فوائد تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، الأمر الذي قد يحد من المجال لمزيد من التحسين.
يقول شوت من كلية لندن الجامعية إنه في حين وجدت لجنة لانسيت في 2020 أن نحو 40 في المائة من الخرف يمكن الوقاية منه من خلال إيلاء مزيد من الاهتمام لصحة الناس في منتصف العمر، "ربما يكون المنظور الأكثر واقعية هو أنه من المحتمل أن أدنى ثمرة معلقة من حيث الوقاية من الخرف، في العالم الغربي على الأقل، قد تم قطفها بالفعل".
ويضيف أنه لا يزال هناك مجال كبير لتحسين الأمور في المجتمعات الأكثر حرمانا وفي الدول الأكثر فقرا. وكانت لجنة لانسيت واضحة في أن إمكانية إجراء التخفيضات موجودة في جميع أنحاء العالم. "لذلك لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به في العالم النامي، حيث ربما لا يتم الاهتمام بعوامل الخطر المتعلقة بالأوعية الدموية أيضا".
ويعتقد الباحثون أن مجموعة من التدابير الوقائية والأدوية الجديدة لعلاج المرض لديها القدرة على تغيير التوقعات بالنسبة إلى الخرف بشكل كامل أكثر مما كان يبدو ممكنا في التسعينيات.
ويقول هوفمان من جامعة هارفارد إنه حتى قبل 30 عاما "كان يتم الحديث عنه بوصفه الوباء الصامت، لكن بالكاد كان أي شخص يعمل عليه". والآن يركز الآلاف من العلماء حول العالم على إيجاد طرق للحد من آثاره المخيفة.
لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه. حيث يشير الباحث المخضرم، الذي يعمل في هذا المجال منذ أربعة عقود، إلى تقدير مفاده أن نحو حالة من كل ثلاث حالات يمكن تجنبها من خلال تحسين صحة القلب والدماغ، وهي نسبة "ليست سيئة" ولكنها يمكن أن تكون أفضل، على حد قوله.
ويشير إلى أنه من الأنظمة الصحية التي تركز عادة على علاج الأمراض بدلا من الوقاية منها، قد تكون هناك حاجة إلى تحول في التمويل والتركيز. "في المملكة المتحدة، وفي الولايات المتحدة، وأوروبا الغربية، لم يكن هناك الكثير باستثناء الكلام عن الوقاية منه. وفي الواقع، نحن بحاجة إلى استراتيجيات مخصصة لذلك".
وعلى الجانب الدوائي أيضا، فعلى الرغم من الحماس المحيط بعقارين جديدين تمت الموافقة عليهما في الولايات المتحدة ويبدو أنهما يعملان على إبطاء تقدم المرحلة المبكرة من مرض الزهايمر، كانت هناك أيضا مخاوف بشأن الآثار الجانبية.
ويشير هوفمان أنه ليس مؤمنا بالحلول السحرية. ولكن بعد أعوام من العمل في مجال ثبت أن الاختراقات فيه في الأغلب ما تكون بعيدة المنال، فإنه يسمح لنفسه ببعض التفاؤل الحذر، قائلا: "عموما، هناك سبب يدعو إلى الأمل".

الأكثر قراءة