الطائرات تحلق .. ازدهار صناعة قيمتها 110 مليارات دولار
كافحت شركات الطيران الكبيرة والصغيرة للتغلب على المعوقات مع عودة الطلب بعد الجائحة، لكن مشكلاتها كانت نعمة للصناعة التي تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار، وتبقي على طائرات العالم في السماء.
أدى النقص في الطائرات الجديدة الناجم عن مشكلات في سلسلة التوريد والقفزة في تكاليف العمالة إلى إنفاق شركات الطيران المزيد على الصيانة والإصلاح أكثر من أي وقت مضى، حيث تبقي على طائراتها الحالية في الأجواء لفترة أطول.
وقال إريك مندلسون، الرئيس المشارك لهيكو، الشركة التي تتخذ من فلوريدا مقرا لها وتعد واحدة من كبار الموردين المستقلين في العالم لقطع الغيار: "سوق الصيانة قوية بشكل لا يصدق. أعمل في الشركة منذ 34 عاما ولم أر قط بيئة طلب مثل التي نشهدها اليوم".
لقد أدى نقص العمالة والمواد الخام إلى عرقلة خطط الشركتين المصنعتين الكبيرتين إيرباص وبوينج لتلبية الطلب على الطائرات الجديدة، بينما أضافت المشكلات في بعض المحركات إلى التحديات في سلسلة التوريد.
قال كيفن مايكلز، رئيس شركة أيرو دينامك الاستشارية ومقرها ميشيجان، إن الإنفاق على الصيانة كان يراوح تاريخيا بين 8 في المائة إلى 10 في المائة من هيكل تكاليف شركة الطيران.
لكنه قدر هذا العام أن شركات الطيران في العالم ستنفق أكثر من 110 مليارات دولار على الصيانة، بما في ذلك العمالة والمواد، أو نحو 14 في المائة من إجمالي الإيرادات. "إنه أعلى مستوى رأيناه".
وقال مايكلز: إن ثلاثة عوامل كانت وراء ارتفاع الإنفاق في شركات الطيران التي تستثمر في الصيانة الاستنسابية التي تم تأجيلها خلال جائحة كوفيد – 19، واضطرار الطائرات القديمة التي من المقرر أن تتقاعد إلى الطيران لفترة أطول من المتوقع، نظرا لوجود مشكلات تتعلق بالأجيال الجديدة من المحركات، وقيود سلاسل التوريد، والتضخم مع ارتفاع تكلفة العمالة وقطع الغيار.
وقال مايكلز: بينما كان الجزء الأكبر من أزمة سلاسل التوريد "يتعلق بالجانب التصنيعي للأشياء، فهذه المرة الأولى التي نواجه فيها أزمة سلسلة توريد تؤثر بالفعل على خدمات ما بعد البيع بأكملها في الصيانة، والإصلاح والتجديد. إنها منطقة جديدة".
واضطرت شركات الطيران، التي تواجه بالفعل ارتفاع تكاليف الوقود والعمالة، إلى زيادة الإنفاق، حيث أنفقت شركات دلتا، ويونايتد وأمريكان للطيران مجتمعة 2.2 مليار دولار على الصيانة في الربع الثالث، بزيادة 45 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2019، وفقا لمذكرة حديثة صدرت عن شيلا كاهياوجلو من بنك جيفريز. وقد نما إنفاق الشركات الثلاث على مدى الـ12 شهرا الماضية بنسبة 38 في المائة فوق مستويات عام 2019.
عندما تحدث مايك ليسكينن، المدير المالي الجديد في شركة يونايتد، عن التكاليف خلال مكالمة أرباح شركة الطيران في وقت سابق من هذا الشهر، أشار إلى "الحاجة المتزايدة لقطع الغيار" عند إصلاح الطائرات وكذلك المحركات. وقال: "بعض ذلك يتعلق بسلسلة التوريد، ومن الصعب معرفة متى سينتهي".
وأوضح جودسون رولينز، كبير المستشارين في موقع ليهام لاستشارات الطيران والأخبار، أن نقص العمالة واختناقات سلسلة التوريد أضرا أيضا بقطاع الصيانة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الخدمات، مضيفا: "يمكن لأي مزود للصيانة، والإصلاح والتجديد في الوقت الحالي تحقيق زيادات بنسبة 15 أو 20 في المائة على أساس سنوي. ما الذي تنوي شركات الطيران فعله؟ لا يتمتع المزود التالي في الكتلة بقدرة أكبر من المزود الحالي".
تهيمن الشركات المصنعة للمعدات الأصلية على سوق الصيانة والتجديد. تقدم كل من شركات إيرباص، وبوينج وشركات تصنيع المحركات رولز-رويس، وسافران، وبرات آند ويتني وجنرال إلكتريك الخدمات وتبيع قطع الغيار. ويحقق صانعو المحركات الجزء الأكبر من أرباحهم من خدمة محركاتهم وليس من البيع الأصلي، ويديرون شبكات عالمية كبيرة من ورش التصليح.
كما يشمل اللاعبون المهمون الشركات التابعة لشركات الطيران، لكنها تولد الآن حصة أكبر من الإيرادات من خدمة شركات النقل الأخرى، مثل شركة لوفثانسا تيكنيك الرائدة في السوق. وكانت شركة لوفتهانزا الألمانية تتطلع لبيع حصة في شركة الصيانة التابعة لها. ويوجد متخصصون مستقلون كبار مثل شركة أيه أيه آر ومقرها إلينوي.
تعد شركة هيكو من بين الشركات التي تصنع المنتجات والمكونات نفسها التي تصنعها الشركات المصنعة للمعدات الأصلية، لكنها أقل تكلفة، بشكل مشابه للأدوية المقلدة.
وقاومت شركات الطيران تاريخيا شراء قطع غيار بديلة، إلا أن شركة هيكو ترسل آلاف المكونات يوميا من مراكز التوزيع حول العالم. وقال مندلسون: إن شركات النقل "استفادت نتيجة وجود مصدر بديل للإمداد من حيث توفر قطع الغيار والجودة والسعر".
أعلنت شركة هيكو، التي في سبيلها إلى شراء منافستها وينكور مقابل ما يزيد قليلا عن ملياري دولار، عن مبيعات قياسية بلغت 722.9 مليون دولار في الربع الثالث المنتهي في 31 يوليو، بينما قفز الدخل التشغيلي بنسبة 16 في المائة إلى 149.4 مليون دولار.
وذكرت شركة جنرال إلكتريك الأسبوع الماضي أنها باعت ما قيمته 42.4 مليون دولار من قطع الغيار يوميا خلال الربع الثالث، بزيادة 44 في المائة عن هذه الفترة من العام الماضي. وأخبرت الشركة المحللين أنه "نظرا لوتيرة الطلب على خدمات ما بعد البيع وتسليم المحركات الجديدة"، فإنها بحاجة إلى "بذل مزيد من الجهد كما تفعل جهات التوريد الخاصة بنا".
ورفعت شركة سافران الفرنسية الجمعة توقعاتها "للمبيعات المدنية بعد السوق" بعد ربع سنوي قوي مشابه.
ولا يزال قطاع المحركات في السوق متوترا بشكل خاص. وقالت مجموعة برات آند ويتني الأمريكية في يوليو الماضي: إن أكثر من 1000 من محركاتها التوربينية المروحية ستحتاج فحصا أبكر مما كان متوقعا بعد ظهور خلل في التصنيع.
حذرت شركة آر تي إكس مالكة شركة بي آند دبليو من أن عمليات الفحص الإضافية وعمليات الاستبدال المحتملة للمحركات تؤدي إلى مزيد من العمل لشبكة الصيانة، والإصلاح والتجديد الخاصة بالشركة، التي تتعرض لضغوط بسبب مشكلات في الحصول على المواد.
وأخبرت شركة آر تي إكس المحللين الأسبوع الماضي "أنه وقت مليء بالتحديات بالنسبة للعملاء، وسيكون هناك قدر لا بأس به من الطائرات على الأرض، وعلينا تسريع إنتاجية (الصيانة والإصلاح) والجزء الرئيس من ذلك هو القدرة وتدفق المواد".
لقد زاد البيع المشبوه لأجزاء موثقة بشكل خاطئ، التي أثرت على جزء صغير من المحركات القديمة التي باعتها شركة سي إف إم التضامنية بين جي إي-سافران، من التحديات التي تواجه صانعي المحركات.
ويتوقع خبراء الصناعة أن تظل الظروف في سوق الصيانة مقيدة لبعض الوقت، مع ذكر نقص العمال وتوفر القطع من بين أكبر التحديات التي يواجهها المسؤولون التنفيذيون، وفقا لعادل سليماني، مدير الاستشارات والتقييم بعد البيع في مجموعة آي بي أيه. وأضاف: "هناك حروب أسعار للمهل الزمنية لأوقات التصنيع".
وقال إيفان جونزاليس فاليجو، مدير الاستراتيجية وسلسلة التوريد في شركة إيبيريا مينتينانس: إن الصناعة ستظل مقيدة لبعض الوقت، مضيفا: "ستظل قيود سلسلة التوريد معنا لمدة عامين آخرين... الطلب لن ينخفض".