احتفاء معماري بالأماكن الهادئة
"الهدوء لا يعني الصمت"، كما كتب ويليام سمولي في كتابه الجديد. "الأماكن الهادئة ليست خالية. فالفراغ يمكن أن يكون مزعجا".
يصف المهندس المعماري غرفة المعيشة في شقته في لندن: توجد طاولة جورجية كانت لجده، وبيانو أكبر منه بعام، وقطعة تثبيت مجداف لقارب جندول من البندقية. كانت الغرفة نفسها مزيجا منوعا، فقد بنيت في القرن الـ18، وجددت في القرن الـ19، وبها ألواح تكسية جردها وطلاها باللون الأبيض قبل عقد.
كتب: "قد تبدو فوضى غير متسقة. لكن الضوء هو الضوء نفسه الذي كان يدخل من النوافذ منذ بنيت (...) هناك شعور بالسلام بالنسبة لي. أستطيع التفكير. إنها هادئة".
أسس سمولي الأستديو الخاص به في لندن في 2010 ولديه أعمال سكنية تمتد حول المملكة المتحدة وأوروبا والولايات المتحدة.
في كتابه الأول، الذي صدر هذا الشهر في المملكة المتحدة، يدرس عددا من المباني التي صممها وأخرى من التي ألهمته، التي تتضمن أكثر الصفات مراوغة وشخصية: الهدوء.
يخبرني سمولي بأنه أمر لا يمكن فرضه. "لا يمكنك فقط أن تقول: اجعل المبنى مربعا واطل الجدران بالأبيض، بل هي نتيجة كثير من التفكير والدراسة معا".
أحد الأمثلة التي ذكرها سمولي في الكتاب هو منزل وأستديو لويس براجان في مدينة مكسيكو، الذي كان منزلا شاسعا وغير تقليدي بدأ المهندس المعماري في بنائه في 1947 وحسنه وعدله على مدى الـ40 عاما التالية. وصف إدوين هيثكيت، الناقد المعماري في "فاينانشيال تايمز"، المنزل بأنه متناقض: "دافئ وبارد في الوقت نفسه، وبسيط لكنه مليء بالحياة".
يقول سمولي، الذي زار المنزل لأول مرة قبل تسعة أعوام: "منزل براجان ضخم وباذخ بالنسبة إلى شخص واحد". إنه شخصي للغاية. وتخطيطه غريب بعض الشيء (...) حيث تشكل غرفة المعيشة نصف المنزل"، كما يقول، لكن المنزل والاسطبلات "من أجمل الأماكن المحسنة التي قد زرتها في حياتي – إن لم تكن الأجمل".
كما يختار سمولي فيلا ساراسينو، قصر كبير مساحته 1400 متر مربع في شمال إيطاليا صممه أندريا بالاديو في 1550. مكث هناك في البداية بعد تركه للجامعة، حيث استأجره مع بعض الأصدقاء في الأسبوع الأخير الذي كان فيه الثمن رخيصا قبل أن يتضاعف بسبب عيد الفصح. يقول: "صادف ذلك أسبوع نثر الروث لتسميد النباتات. لذا كانت الرائحة نتنة".
لكن إتقان النسب بقي معه. "يوجد في المنزل أمر مذهل، فيمكنك النظر مباشرة من خلاله إلى الخلف إذا كان الباب الأمامي والخلفي مفتوحين"، كما يقول. "إنه كبير، وواسع بكل المعايير، لكن في الوقت نفسه، يوجد شعور بعدم وجوده تقريبا".
أحد الأمثلة الأخرى هو منزل معاصر على تلة بني في ديفون في 2018. صممه بيتر زومثور لشركة ليفينج أركتكتشر، شركة تأجير العقارات التي أنشأها الكاتب آلان دو بوتون التي تقدم للأشخاص فرصة الإقامة في منازل صممها معماريون شهيرون.
تبلغ مساحة المنزل المصنوع من الزجاج والخرسانة 375 مترا مربعا، واستغرق بناؤه عشرة أعوام. "لكن عندما تكون داخله، توجد به صفة مدهشة: تشعر كأنك تطفو داخله، وعندما تنظر إلى الخارج نحو المناظر الطبيعية (...) فكأنك فوق منصة للمشاهدة والمناظر الطبيعية ممتدة أمامك". وله تأثير آخر أيضا، كما يقول. "عندما تكون هناك، يجبرك المكان على أن تكون بهيجا، ويصبح حديثك رفيعا بطريقة ما".
كما يحتوي الكتاب على بعض تصاميمه أيضا، التي تحاول إضفاء ذلك الشعور الذي يبعث على السلام. كان أحدها لمساحة صممها في علية قصر من نوع "شاتو" من القرن الـ17 في إقليم سافوا العليا.
كانت العلية الأصلية مساحة ضخمة وواسعة بنوافذ على ثلاثة مستويات. لكن كانت كثير من الأخشاب قد تعفنت، فكان القرار هو تعديل العلية بأكملها، بإبقاء المداخن وإعادة بنائها بطريقة أبسط.
"كان هدف المشروع المحافظة على الشعور المهيب الذي شعرت به عند صعود السلالم للعلية السابقة"، كما يقول سمولي، لذا حاول أن يبقي المكان الذي تبلغ مساحته 270 مترا مربعا مفتوحا قدر المستطاع. تخفي حزم خشب طولية المرافق – المخزن والمطبخ الصغير – وتمر الإضاءة حول محيط المكان، ما يعني أنه لا توجد زوايا مظلمة. استخدمت العلية للأداءات الموسيقية وحفلات العشاء الكبيرة – لذا لم تكن هادئة تماما. "إنها تؤدي عددا من الوظائف، لكن المساحة أصبحت تبعث على السلام"، كما يقول سمولي.
ويقول، "في كل هذه الأماكن – ولعلي لم أع هذا حتى جمعتها جميعا معا – يوجد الشعور نفسه الذي يربطها معا. شعور صائب".