تحذير للمستثمرين .. انتبه إلى الفجوة
تطلق شركة مورنينجستار على الدراسة السنوية لصناديقها اسم تقرير "انتبه إلى الفجوة Mind the Gap"، مستخدمة التحذير الذي تم تقديمه في مترو أنفاق لندن في ستينيات القرن الماضي. لقد كان بوسعهم بالقدر نفسه أن يستخدموا عبارة أشاعتها البحرية الأمريكية في الوقت نفسه تقريبا، وهي "ابق الأمر بسيطا، أيها الأحمق".
تقيس الدراسة العوائد التي يحققها المستثمرون في صناديق الاستثمار المشتركة الأمريكية وصناديق الاستثمار المتداولة في البورصات (إي تي إف)، وهي ذات دلالة كأي بحث أكاديمي في التمويل السلوكي.
إنها تظهر باستمرار أن عوائد المستثمرين أقل من عوائد الصناديق نفسها، بسبب عمليات الشراء والبيع التي تجري في الوقت غير المناسب لأسهم الصناديق. وهي تحمل رسالة متسقة بالقدر نفسه حول ما ينبغي للمستثمرين فعله لتضييق الفجوة.
لقد أظهرت أحدث دراسة، استنادا إلى بيانات الأعوام العشرة حتى نهاية 2022، أن متوسط الدولار المستثمر في صناديق الاستثمار المتداولة في البورصات وصناديق الاستثمار المشتركة حقق عائدا 6.0 في المائة سنويا. أما الصناديق نفسها فقد حققت عوائد بلغت 7.7 في المائة. وتعني الفجوة البالغة 1.7 نقطة مئوية أن المستثمرين فوتوا ما يقرب من ربع الأموال التي كانوا سيجنونها لو قاموا ببساطة بالشراء والاحتفاظ بما اشتروا على مدى الأعوام العشرة.
توجد مفارقة هنا: مورنينجستار هي أيضا منشئ نظام تصنيف النجوم الأكثر استخداما للصناديق المشتركة وصناديق الاستثمار المتداولة في البورصات الذي يصنف الصناديق بناء على أدائها التاريخي، ويمكن القول إنه عزز ميل المستثمرين إلى تكديس الاستثمارات بعد زيادة قيمتها بشكل كبير.
إن النقطة الأساسية في تقرير انتبه إلى الفجوة هي أن المستثمرين في الأغلب ما يشترون بسعر مرتفع ويبيعون بسعر منخفض. إذا انتقلت إلى الأسفل، سيكون من المفيد معرفة أين تكون الفجوة أوسع ما يكون وأين تكون أضيق ما تكون.
لقد حقق المستثمرون أفضل النتائج فيما تسميه شركة مورنينجستار "صناديق التخصيص". إن هذه الصناديق أدوات تحتوي على مزيج من فئات الأصول، كصناديق التقاعد ذات التاريخ المستهدف والمصممة كاستثمارات "أنشئها وانسها" في المدى الطويل. كانت الفجوة بين عوائد الصناديق وما حققه المستثمرون أقل من نصف نقطة مئوية.
كتب جيفري بتاك، كبير مسؤولي التصنيف في مورنينجستار، وزميلته إيمي أرنوت أن هذا الاكتشاف - المتسق عبر تاريخ الدراسة - يوضح كيف أن وجود فئات أصول متعددة في حزمة واحدة، "يقلل من الحاجة إلى الحفاظ على المراكز، وبشكل أكثر إيجابية، يخفف من مخاطر استجابة المستثمر بشكل متسرع لأداء أي عنصر واحد.
وكانت بعض النتائج الأكثر خيبة للآمال في الفئات التي تم تسويقها بكثافة للمستثمرين الأثرياء، في الصناديق التي تستخدم استراتيجيات أشبه بصناديق التحوط.
أما ما يسمى بصناديق الأسهم غير التقليدية، التي تتضمن استراتيجيات طويلة/قصيرة أو تستخدم المشتقات المالية، فقد عادت بنسبة أقل بمقدار 2.1 نقطة مئوية على المستثمر العادي على مدى ذلك العقد، وهذا يعني أن المستثمرين بالكاد أخذوا نصف الأداء الأساسي لمديري الصناديق. وفي الصناديق "البديلة"، التي تستخدم فئات أصول تتجاوز الأسهم والسندات التقليدية، قضت فجوة 1.9 نقطة مئوية على جميع العوائد الأساسية للصناديق وأكثر.
قد يشجع مديرو الثروات عملاءهم على بناء محافظ تحاكي الأوقاف والمستثمرين الآخرين في المدى الطويل باستخدام هذه الاستراتيجيات البديلة. ويحذر محللو مورنينجستار من أن هذه "استراتيجيات أكثر غرابة، قد تدفع المحفظة قريبا من الحدود الفاعلة على الورق، لكنها في الواقع، تربك المستثمرين وتدفعهم إلى ارتكاب أخطاء مكلفة".
إن مخاطر اتباع الموضة أو ملاحقة مديري الصناديق المؤثرين تتكشف أيضا في صناديق الأسهم القائمة على القطاعات، حيث يترجم عائد سنوي نسبته 10.8 في المائة للصناديق الأساسية إلى عائد بنسبة 6.4 في المائة فقط للمستثمر العادي: فجوة قدرها 4.4 نقطة مئوية.
وتقع هذه في أوساط فئات الصناديق الأكثر تقلبا، ورغم أنني لن أكون فظا مثل وارن بافيت في تشبيه سلوك معجبيها بـ"جيش من القوارض المصابين بالاكتئاب الهوسي"، فإن الأرقام تشير إلى أنه من الصعب معرفة التوقيت الصحيح لاتخاذ القرار بالاستثمار في قطاعات محددة في السوق الأوسع.
في وقت سابق من هذا العام، سلطت صحيفة "فاينانشال تايمز" الضوء على حالة صندوق آرك للابتكارات الثورية المتداول في البورصة ARK Disruptive Innovation ETF التابع لكاثي وود، الذي كان رمزا لفقاعة التكنولوجيا المصغرة في فترة الجائحة. فقد استقطب ثلاثة مليارات دولار في فترة جنون مدتها أسبوعان في فبراير 2021، عندما ارتفع الصندوق بأكثر من 700 في المائة منذ إطلاقه، ما رفع أصوله إلى ذروة بلغت 27.9 مليار دولار.
إن الاستراتيجيات الغريبة.. في الحياة الواقعية، تربك المستثمرين وتدفعهم لارتكاب أخطاء مكلفة.
وبحلول مارس 2023، عندما نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أرقاما من شركتي مورنينجستار وفاكت سيت، انخفض السهم 74 في المائة وتقلص متوسط الدولار المستثمر في الصندوق على مدى عمره البالغ تسعة أعوام إلى 73 سنتا، ما أدى إلى تبخر 9.5 مليار دولار من أموال المستثمرين. ولم يتحسن سعر سهمها منذ ذلك الحين.
وبغض النظر عن ذلك، ربما تقلل دراسة Mind the Gap من حجم العوائد الضائعة في جميع الفئات المختلفة بسبب الطريقة التي تتعامل بها مورنينجستار مع صناديق الاستثمار المتداولة في البورصات. فهي تستخدم بيانات نهاية آخر الشهر فقط، لكي تكون قابلة للمقارنة بـصناديق الاستثمار المشتركة، لذلك فهي لا تلتقط التداول اليومي حيث من المرجح أن يرتكب المضاربون أخطاء إضافية على المنوال المكلف نفسه.
إحدى النقاط المشرقة المثيرة للاهتمام في التقرير: يبدو أن المستثمرين في الصناديق النشطة يحصلون على عوائد أساسية أكثر من أولئك الذين يستخدمون الأدوات السلبية. حيث تقول مورنينجستار إن التحول المستمر للأموال من النشاط إلى السلبية يعني أن جزءا كبيرا من قاعدة أصول الصناديق السلبية لم يكن موجودا للمشاركة في عوائد فترة الأعوام العشرة الكاملة، ما أدى إلى فقدان بعض الامتدادات الأكثر ربحية ولكنه لحق في السوق الهابطة في العام الماضي.
أعتقد أنه قد يكون هناك عامل آخر أيضا، وهو: هؤلاء هم المستثمرون الذين قرروا أن يدفعوا لمدير نشط لاتخاذ القرارات نيابة عنهم، وقد يكون من غير المرجح أن يفعلوا ذلك بأنفسهم عبر التنقل من قطاع إلى قطاع، ومن استراتيجية إلى استراتيجية ومن صندوق إلى صندوق. ففي سوق هابطة، يوجد مدير نشط لإقناعك بعدم البيع عندما يصل سعر الأصل إلى أدنى نقطة في دورة سعره.
وتختتم مورنينجستار بعديد من الدروس للمستثمرين التي تنطبق على أولئك الذين لديهم مبالغ كبيرة أو صغيرة في السوق على حد سواء: "احتفظ بأموال أقل وأكثر تنوعا على نطاق واسع"، و"تجنب الصناديق الضيقة أو شديدة التقلب"، وقبل كل شيء، "ابق الأمر بسيطا". بهذه الطريقة، "ستنتبه إلى الفجوة" حقا.