عين التكنولوجيا أكثر دقة من أمهر الموظفين
بقدر ما يقدر كثير منا التفاعل البشري، فإن بعض المهام يؤديها الذكاء الاصطناعي أفضل بكثير من أي شخص. أحدها التحقق من هوية العميل، وفقا لمتخصصي التمويل عبر الإنترنت.
كما يعلم أي شخص فتح حساب مصرفي إلكتروني أو شخصي، فإن وثيقة تضم صورتك ستطلب منك في كل أنحاء العالم تقريبا لكونها دليلا على الهوية.
في فرع المصرف، سينظر الموظف إليك وإلى جواز سفرك أو رخصة قيادتك، مثلا، لرؤية ما إذا كان هناك تطابق. أو، إذا تقدمت بطلب إلكتروني، فسيطلب منك التقاط صورة لوثيقة الهوية ووجهك، ستقرأها بعد ذلك آلة. ومن المحتمل أن تكون التكنولوجيا أكثر دقة في تحليل الصور من موظف المصرف.
لم الآلات أفضل في التحقق من الهوية؟
"البشر ليسوا بارعين كثيرا في التعرف على البشر"، كما توضح يويلين لي، كبيرة مسؤولي المنتجات في شركة أونفيدو المزودة لخدمات التحقق من الهوية الرقمية ومقرها المملكة المتحدة. وتشير إلى دراسات تظهر أن الآلات أفضل من الناس العاديين في التعرف على الوجوه وبمهارة "فاحصي الوجه المحترفين"، الذين توظفهم سلطات إنفاذ القانون أكثر من المصارف في الأغلب.
وراء تفوق الآلات في التعرف على الوجه أسباب عديدة. تقول لي إن البشر قد يلاقون صعوبة في مطابقة شكل شخص ما حاليا مع صور بطاقة الهوية التي قد تعود إلى أعوام، ومطابقة صورة ثلاثية الأبعاد لشخص حقيقي مع صورة ثنائية الأبعاد. الآلات أدق لأنها تستطيع استخدام قياسات، مثل المسافة بين ملامح الوجه وحجم الندبات لمعرفة ما إذا كان الشخص والصورة متطابقين.
الآلات أيضا أكثر خبرة بكثير من أمهر موظف في المصرف حتى. تقول لي إن "أونفيدو" تستخدم نموذج تعلم آلي، الذي يحسن دقة التكنولوجيا التي تشغل نظامها بمرور الوقت. يمكنها أيضا، بناء على طلب العملاء، التحقق مما إذا قد حاول شخص ما سابقا ربط الوجه نفسه باسم مختلف.
توفر "أونفيدو" أيضا التحقق باستخدام وثائق أخرى، مثل فواتير الخدمات. تنظر إلى المستند للتحقق من العنوان، وتتحقق مما إذا كان هناك تاريخ إصدار صحيح، وما إذا كان القالب يبدو مقبولا. لكن في الأساس، فإن النصيحة التي تقدمها الشركة للمؤسسات المالية هي أن استخدام سجلات مثل فواتير الخدمات ليس آمن طريقة للتحقق من هوية شخص ما.
كيف يحسن التحقق عبر الإنترنت الأمان؟
تقول لي إن تسجيل العملاء عبر الإنترنت - إلحاق عميل بمنصة مصرفية أو استثمارية وإعداد سجله - أكثر أمانا من الأساليب التقليدية لأن العملية تتم الآن بالكامل داخل تطبيق المصرف أو الشركة المزودة لخدمة الدفع. تقول: "أحد الأشياء التي يقلق الناس كثيرا بشأنها هو استخدام أشياء مثل مراكز الاتصال". "كثير من الهجمات التي تحدث الآن - هجوم تصيد أو رسالة نصية أو شيء من هذا القبيل - يصطادك المجرمون فيها لأنك خرجت من التطبيق".
يساعد هذا على تفسير سبب انتشار التحقق عبر الإنترنت في الأعوام الأخيرة، حيث أشارت لي إلى أن "الأغلبية العظمى" من عمليات التسجيل أصبحت تجرى الآن عبر الإنترنت، بين المؤسسات التقليدية والجديدة التي تعمل معها "أونفيدو" في المملكة المتحدة.
لدى "ريفولوت"، وهي شركة تكنولوجيا مالية في المملكة المتحدة ليس لديها فروع فعلية، أكثر من 30 مليون عميل عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم. يقول رئيس قسم الجرائم المالية والاحتيال، آرون إليوت جروس، إن الشركة تستخدم مزيجا من النماذج والأنظمة الداخلية إلى جانب خدمات من الشركات المزودة للتعامل مع "التهديد المستمر" للصور المنشأة بوساطة الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق التي تمرر على أنها مقاطع فيديو " ملتقطة من الأمام" لأشخاص حقيقيين مثلا.
"الشركات المزودة للخدمات تتحقق للتأكد من أن الصورة الملتقطة من الأمامي مباشرة، ويتحققون للتأكد من وجود حركة، والشركات بارعة في ذلك. نقدم مستوى إضافيا من عمليات التحقق فوق هذا لأننا نرى تسجيلات كثيرة لدينا ملاحظات عليها (...)لمعرفة ما إن كان فيها أي شيء غير عادي يمكننا اكتشافه".
ما عمليات التحقق الرقمية الأخرى التي يمكن إجراؤها؟
يؤكد إليوت جروس على أن التعرف على الوجه والتحقق من الوثائق مثل الفواتير هي "اللبنات الأساسية" لكن عمليات تحقق أخرى أكثر تعقيدا تحدث خلف الكواليس. يقول: "إن تقديم خدمات أكثر من ذلك هو ما يميزك (...)من البديهي جدا أن نتحقق من المستندات لعميل محتمل جديد، ومن البديهي جدا أن نتحقق من البيانات". "علاوة على كل هذا، نجري نمذجة كثيرة إضافة إلى ذلك".
"نقول، دعونا لا ننظر فقط إلى البيانات التي قدمها لنا العميل، لننظر إلى الإشارات الأخرى التي لدينا عن هذا العميل - مثلا كيف هو عنوان بروتوكول الإنترنت على جهازه المحمول، والتاريخ الذي لدينا على رقم هاتفه أو عنوان بريده الإلكتروني - الذي يمكن أن تحصل عليه ريفولوت من مزودي بيانات- لمعرفة ما إن كان هذا العميل عميلا حقيقيا أو محتالا".
تستخدم "ريفولوت" أيضا أدوات الهوية لاستخدامات أخرى غير التسجيل. مثلا، يمكنها التحقق من أن الأشخاص لا يزالون متحكمين في حساباتهم إذا بدلوا الهواتف أو إذا دفعوا مبلغا كبيرا على غير العادة. هذا يضمن أنه إذا سرق الهاتف، لن يتمكن اللص من تنفيذ معاملة كبيرة من حساب الضحية.
كما أن التكنولوجيا المالية "مهتمة جدا" بالمجال المتطور للقياسات الحيوية السلوكية، الذي يتضمن التنميط، مثل الزاوية التي يحمل بها المستخدم عادة الجهاز، والسرعة التي يضغط بها على أزراره أو يكتب. يمكن أن تساعد كل هذه الخصوصيات على التحقق من الهوية بمجرد تسجيل المستخدم.