منصة «استطلاع» للمقررات الدراسية
تتبع منصة "استطلاع" للمركز الوطني للتنافسية والتي تهدف إلى استطلاع آراء العموم والقطاع الخاص والجهات الحكومية لفهم وجهات نظرهم وآرائهم حول تلك الأنظمة أو اللوائح التنفيذية، وما في حكمها الصادرة عن الجهات الحكومية. سابقا، كانت تصدر تلك الأنظمة واللوائح دون أن يسبق ذلك استطلاع آراء العموم والقطاع الخاص والجهات الحكومية، وكانت نتيجة ذلك أحيانا وجود ملاحظات ذات أهمية حول النظام أو اللائحة التنفيذية من قبل الجمهور أو الجهات الأخرى، الأمر الذي يوجب تصحيح النظام أو اللائحة، ليستغرق ذلك فترة ليست بالقصيرة لإقراره مرة أخرى، ما أفقد مصالح ذات جدوى وفوائد كثيرة.
وبالتالي أجبر كل الجهات الحكومية على رفع أي نظام أو لائحة أو دليل في المنصة، ويحق لأي شخص أو جهة إبداء رأيه الخاص حول مضامينها من أجل رفع كفاءة النظام واللائحة وغيرهما، ما يسهم في توفير بيئة استثمارية آمنة ومستقرة. والآن، دعونا ننتقل إلى قضية اجتماعية وطنية حساسة ألا وهي التعليم، حيث نرى أن المقررات والمناهج الدراسية لجميع المراحل التعليمية تقر من قبل لجان متخصصة داخل أروقة وزارة التعليم، من غير أن تطرح لعموم الجمهور، بل يقتصر ذلك على المختصين الذين يختارون بعينهم. ورغم أن ما تقوم به هذه اللجان المتخصصة في وزارة التعليم من جهود مخلصة متفانية، إلا أنها أغفلت أهمية التغذية الراجعة من عموم الجمهور قبل إقرار المقررات الدراسية. ومن الملاحظ أن هناك وجهات نظر وآراء وملاحظات على بعض المقررات والمناهج الدراسية، لا يعدو كون بعضها سطحيا أو تعديل محتوى أو تصميم نصوص، لكن بعضها كارثي بمعنى الكلمة، ما استدعى تعديل بعض المقررات أو سحبها في بعض الأحايين. وقد تتطلب دورات زمنية في التصحيح لإقرارها مرة أخرى، وهذا ما كان يحدث مع الأنظمة واللوائح التنفيذية والأدلة سابقا قبل إقرار منصة "استطلاع".
والآن، يحق لنا أن نتساءل: ألا تستحق المقررات الدراسية أن تكون لها منصة استطلاع متخصصة تحت إدارة وزارة التعليم؟ ولماذا لا تقوم وزارة التعليم بطلب ومعرفة رأي الجمهور حول مسودة المقررات الدراسية لجميع المراحل التعليمية قبل إقرارها وطباعتها؟ ونقصد هنا بالجمهور أولئك الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين والإداريين وذوي العلاقة بالتخصص في المنهج الدراسي وغيرهم.
ويحق لأي شخص أو جهة إبداء رأيه الخاص من أجل رفع كفاءة المنهج الدراسي وكفايته، ما يسهم في توفير بيئة تعليمية متميزة. وتقوم اللجان في وزارة التعليم بعد عمليات الاستطلاع بجمع الملاحظات ومراجعتها وفرزها والنظر فيها وتدقيقها وإقرار المفيد منها. وعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو مرهقا وشاقا، إلا أن ثماره ستكون وفيرة بما في ذلك وجود قاعدة معلومات من الملاحظات والإرشادات والتوصيات لكل مقرر دراسي والتي من شأنها أن تفيد في تخطيط وتطوير المقررات والمناهج الدراسية في الأعوام المقبلة.
تأتي أهمية هذه المنصة في إحاطة الجمهور بمحتوى المقررات والمناهج الدراسية ولبسط فعاليات التعليم إلى عموم المجتمع، لذلك تأتي المبادرة في إنشاء منصة استطلاع للمقررات الدراسية من قبل وزارة التعليم لكي يتفاعل معها الجمهور ويشارك في اتخاذ القرار، فضلا أنها ستصبح بمنزلة أداة تعليمية رائدة للجمهور وخدمة قيمة للمجتمع. إن منصة "استطلاع" للمقررات الدراسية ستكون أحد ممكنات رؤية المملكة وسيكون لها دور جوهري في تحسين أداء المقررات والمناهج الدراسية لأن العملاء (المعلم وولي الأمر والطالب) قد اشتركوا معا في اتخاذ القرار مع وزارة التعليم، ما ينعكس إيجابا على العملية التعليمية ومخرجاتها في المملكة.